تونس تخوض معركة الحسم مع الإرهاب
تخوض تونس معركة الحسم مع الجماعات الإرهابية والمتطرفة وأعلنت ذلك رسمياً لتجاوز مخلفات أربعة أعوام من الارتباك السياسي في ظل المسار الانتقالي الذي أثّر سلباً في أجهزة الأمن وساعد الجماعات المتشددة في اختراق المجتمع ومؤسسات الدولة، حيث قررت تكليف الجيش بتأمين المدن الكبرى وإعداد خطة لمراجعة منظومة تأمين الحدود، وتشديد المراقبة على الشريط الحدودي مع ليبيا بحواجز ومراجعة السياسة الأمنية بالتنسيق مع المؤسسة العسكرية .
وتأتي هذه القرارات بحسب مصادر مسؤولة لـ«البيان» بهدف توحيد جهود الجيش والأمن التونسيين داخل منظومة واحدة وعبر تجربة تكاد تكون الأولى من نوعها منذ استقلال البلاد، وهو ما تأكد يوم 19 آذار الماضي من خلال أول اجتماع في تاريخ تونس منذ أكثر من نصف قرن جمع بين قيادات الجيوش الثلاثة والقيادات الأمنية في رد فعل على العملية الإرهابية التي استهدفت متحف باردو يوم 18 آذار وأدت إلى مقتل 21 سائحاً أجنبياً وأحد الأمنيين التونسيين.
تراخ أمني
ويرى المهتمون بالشأن التونسي أن قرار إعلان الحرب على الإرهاب في تونس جاء بعد أربعة أعوام تلت الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي عرفت فيها البلاد تراخياً للقرار السياسي وصل إلى حد ما تصفه المعارضة بالتواطؤ مع الجماعات المتشددة من قبل حكومتي «الترويكا» المتتاليتين واللتين قادتهما حركة النهضة بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 تشرين الأول 2011 وحتى الإطاحة بحكومة علي العريض في كانون الثاني 2014، كما أن حكومة مهدي جمعة للكفاءات المستقلة التي قادت البلاد خلال العام الماضي كانت تفتقد إلى الدعم السياسي الكامل الذي يعطيها حرية المبادرة في إعلان الحرب ليس فقط الإرهاب ولكن ضد مرجعياته الفكرية ومصادر تمويله.
محاولات تسلل
وتشير تقارير الأمن التونسية إلى وجود محاولات مستمرة من قبل الجماعات المتشددة للتسلل إلى داخل البلاد، وتهريب الأسلحة، ويرى المراقبون أن تونس قد تكون أكثر دول المنطقة تضرراً من الإرهاب نظراً إلى أن اقتصادها يعتمد بطريقة مباشرة على قطاعات لا تنمو ولا تنتعش إلا في ظل الأمن والاستقرار ومنها السياحة والاستثمار الخارجي، وفي أكثر من مناسبة أكد الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ورئيس الحكومة الحبيب الصيد أن البلاد تخوض معركة الحسم مع الجماعات المسلحة في المرتفعات الغربية والخلايا النائمة داخل المدن والقرى ومع الفكر المتشدد الذي ينتشر بين التونسيين وكذلك لتهريب وتبييض الأموال اللذين يمثلان جناحي الدعم للإرهاب، كما لا تخفي السلطات التونسية خشيتها من المقاتلين العائدين من ساحات القتال ومعسكرات التدريب في ليبيا وسورية والعراق والذين يمثلون قنابل موقوتة، بحسب ما أكده وزير الدولة للأمن رفيق الشلي.
ولأن تونس تعيش أوضاعاً استثنائية بعد أن شهدت تونس تحولاً نوعياً في العمليات الإرهابية من الجبال إلى المدن، يستوجب تعبئة عامة وحالة استنفار تفرضها ظروف البلاد وتتطلب توخي سياسة أمنية استثنائية»، فقد كان لا بد من اتخاذ إجراءات حازمة وعاجلة لمكافحة الإرهاب، ومنها العمل على تطهير وزارة الداخلية من بعض المسؤولين المتهمين بالتستر على الإرهاب أو التواطؤ معه في إطار ما سمي بظاهرة «الأمن الموازي».