لندن وطهران… إلى التطبيع الكامل در

عامر نعيم الياس

«بريطانيا وإيران تناقشان إعادة فتح السفارات»، عنوان لتقرير نشرته»

«ديلي تلغراف» البريطانية لمراسلها المختص بشؤون الشرق الوسط روبرت تايت جاء فيه أن «سيمون غاس السفير السابق لبريطانيا في إيران توجه إلى طهران لبحث موضوع تعزيز العلاقات الثنائية وإعادة فتح السفارات في لندن وطهران مرّة أخرى». ويضيف التقرير إن غاس الذي يشغل حالياً منصب مدير العلاقات السياسية في وزارة الخارجية البريطانية، كان قد عقد لقاءات مع عدد من المسؤولين الإيرانيين منهم مجيد تخت نائب وزير الخارجية الإيراني لشؤون العلاقات الأميركية الأوروبية.

ما أعلنته «ديلي تلغراف» البريطانية غير مفاجئ للمراقبين والمهتمين بالشأنين الدولي والإقليمي، فوزير الخارجية البريطاني وليام هيغ كان قد أعلن في الشهر العاشر من عام 2013 أن «لندن وطهران ستتبادلان تعيين قائم بالأعمال غير مقيم بمهمة تنفيذ بناء العلاقات بين البلدين بما في ذلك الخطوات الموقتة على طريق فتح سفارتيهما في نهاية المطاف. وقد تشهد الأشهر المقبلة تطورات نوعية في علاقات بريطانيا وإيران».

تصريح هيغ جاء في الشهر العاشر من عام 2013، ورفض السعودية مقعد في مجلس الأمن، بعد سعيها الدؤوب إليه، أيضاً جاء في الشهر ذاته من عام 2013. خلال الشهر الماضي زار الرئيس الأميركي باراك أوباما أسرة آل سعود والتقى الملك عبد الله في محاولة لطمأنة الملك القلق من سياسات أوباما في الإقليم سواء لجهة العلاقات مع إيران والاتفاق الذي أبرم بين الدول الست الكبرى وطهران حول النووي الإيراني، أو لجهة تراجع أوباما عن التدخل العسكري المباشر في سورية، قلق وصّفته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» بالتالي: «إن القشة الأخيرة التي عمّقت الخلافات بين واشنطن والرياض تمثّلت بالتقارب الأميركي ـ الإيراني من أجل البرنامج النووي، إذ شعرت السعودية بالخيانة، خصوصاً بعد معرفتها بالمفاوضات السريّة التي استمرت لأشهر طويلة قبل الإعلان عنها».

إذاً السعودية شعرت بالخيانة وأوباما ذهب لطمأنتها، فهل نجح في ذلك أم أن الطمأنة لا علاقة لها بمسار بناء الثقة مع طهران؟ هل كان بالإمكان ذهاب بريطانيا إلى إعادة فتح سفارتها في طهران من دون التشاور والتنسيق مع الإدارة الأميركية؟

الشعور السعودي بالغبن من سياسة إدارة أوباما سيظلّ قائماً في المدى المنظور، محاولةً اللعب على وتر التناقضات داخل الإدارة الأميركية في ما يخصّ سياسات البيت الأبيض في المنطقة، وهنا نلحظ في الإعلام الغربي أصوات تحاول تضخيم الوهم السعودي لعلّها تفلح في ممارسة نوع من الضغط على الغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً. فصحيفة «لوس أنجلس تايمز» الأميركية حذّرت من القلق السعودي قائلةً إن «المملكة العربية السعودية، الحليفة القوية للولايات المتحدة منذ عقود، تتساءل عمّا إذا ستقوم واشنطن بحمايتها من إيران وسورية ووكلائهما، وإلا ستتحوّل إلى قوى عظمى أخرى للحصول على الدعم إذا لم تقم الولايات المتحدة بالوفاء بالتزاماتها». أوباما فشل في طمأنة السعودية وتهدئة بواعث قلقها فالعملية الدبلوماسية والسياسية التي بدأت مع إيران لم ولن تتوقف فأوباما بحاجة إلى إنجاز ما في نهاية ولايته الثانية والأخيرة، إنجاز فرضه صعود إيران كدولة إقليمية لا يمكن الالتفاف عليها في منطقة من أهم مناطق النفوذ الأميركي، وفي توقيت ضاغط تفرضه موجبات الانسحاب الأميركي من أفغانستان وانقلاب الأوضاع في سورية لمصلحة الدولة السورية والمحور المقاوم.

أوباما ليس في وضعية الاختيار بين طهران والرياض، وهذه الأخيرة ليست مؤهلة لفرض أيّ خيار من أيّ نوع كان، فعجلة تطبيع العلاقات بين الغرب وطهران بدأت ولن تتوقف، وفي هذا السياق يصف رئيس دائرة العلاقات السياسية في الخارجية البريطانية سيمون غاس الحديث عن إعادة فتح السفارات بين بلاده وإيران بأنه «إعادة تطبيع للعلاقات بشكل كامل بين البلدين».

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى