تحرير تكريت نموذج لتحرير باقي العراق
بشرى الفروي
شكّل تحرير القوات الوطنية العراقية لمدينة تكريت ضربة كبيرة «لداعش» وللدول التي تدعمها وأصبحت هذه العملية نموذجاً لتحرير باقي الأراضي العراقية من قبضة التنظيم.
بدأت عملية تحرير تكريت بالدخول إليها من خلال ثلاثة محاور، انطلاقاً من المحور الغربي إلى حي القادسية بينما تكفلت القوى الاتحادية مع كتائب وفصائل المقاومة بدخول محوري الشمال والجنوب والعوجة، وتمكنت من الوصول إلى مستشفى تكريت وجامع صدام الكبير ونجحت بضرب فلول «داعش «وتحرير القصور الرئاسية. وكان اللافت في الأمر عثور الأجهزة الأمنية العراقية في إحدى مقرات «داعش» على منظومة اتصالات متطورة أميركية الصنع.
لم يمنع تقدم القوات العراقية قيام «داعش» بتفخيخ المنازل حيث لا تزال القوات العراقية تسعى جاهدة إلى تفكيك العبوات والمفخخات.
حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي وصل إلى تكريت وأثناء تجوله في شوارعها، قام برفع العلم العراقي وسط المدينة، مباركاً شجاعة وتضحيات القوات المشتركة العراقية.
وفي الوقت نفسه، أعلن وزير الداخلية العراقي محمد الغبان من تكريت إعادة فتح مراكز الشرطة المحلية ودوائر الدولة في المدينة، معبراً عن شكره إلى كل من ساهم بتحرير المدينة.
أما هيئة الحشد الشعبي، فقد أعلنت إعدادها خطة أمنية تتضمن الانسحاب من مركز تكريت إلى الأطراف وتسليم الملف الأمني الداخلي إلى قوات الشرطة المحلية وأبناء العشائر من المدينة.
استراتيجياً وفضلاً عن فقدان «داعش» المئات من أشرس مقاتليه في المنطقة، فقد خسر أهم معقل ينطلق منه لمهاجمة محافظات ديالى أو أي من المناطق التي تسيطر عليها القوات العراقية في الدور والعلم وسامراء وبلد والدجيل، وصولاً إلى الجنوب صوب بغداد والأنبار.
من جهة أخرى، هنأت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم الجيش العراقي والحشد الشعبي بالانتصار الشجاع. وأشارت إلى أن إيران دعمت من دون قيد أو شرط، الدولة العراقية في مجابهة «الإرهاب ودحر التكفيريين».
لم تخفِ الولايات المتحدة تأييدها لهذا التدخل. فقد أعلن رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن دمبسي أن دور إيران في الهجوم ومساعدة القوات العراقية في استعادة مدينة تكريت من «داعش» يمكن أن يكون إيجابياً.
هذا النصر الكبير يؤكد حضور حلف المقاومة كقوة ضاربة بوجه الإرهاب التكفيري، فلم يتردد سيد المقاومة السيد حسن نصر الله في أن يعلن بشكل صريح مشاركة حزب الله في معارك تحرير العراق من القوى التكفيرية، بقوله: «إن حزب الله قوة إقليمية في جبهة المقاومة بوجه حلف دولي إقليمي يضم «إسرائيل» والإرهاب وأنه كقوة وطنية لبنانية قرر أن لا يترك خريطة المنطقة ترسم، ويتلقى اللبنانيون نتائجها بمعزل عن إرادتهم بل أن يكونوا من خلاله شركاء في رسمها».
أما وكالات الاستخبارات الأميركية فتقول إنها لا تعلم بعد ما إذا كان مقاتلو «داعش» سيرابطون في مدينة الموصل للدفاع عنها حتى الموت، أم سيخافون التعرض لحصار ما يدفع معظمهم للتسلل إلى خارج المدينة باتجاه مدن عراقية أخرى أو عبور الحدود إلى سورية.
وتفيد تقديرات أميركية بأن ما بين ألف وألفين من مسلحي «داعش» يتمركزون داخل المدينة التي تقع على واحد من أهم الطرق التي يستخدمها في نقل الجنود والإمدادات إلى شمال العراق من سورية.
من هنا جاءت مخاوف تركيا التي سارعت حكومتها إلى التلميح لاستعدادها للمشاركة بالحرب المرتقبة في الموصل بحسب ما جاء في تصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أعلن الأسبوع الماضي مساعدة القوات العراقية تسليحاً وتدريباً لمواجهة تنظيم «داعش» واتخاذ خطوات مشتركة على هذا الطريق. وهذا ما أكّده محافظ نينوى أثيل النجيفي بقوله إن «تركيا ستشارك بجميع الطرق العسكرية واللوجستية للمساعدة في استعادة السيطرة على مدينة الموصل».
كما هو واضح فإن تحرير تكريت ليس إلا نقطة استراتيجية جديدة للانطلاق بعملية تحرير محافظة نينوى شمال غربي البلاد ومركزها الموصل. ويبدو أن معركة الموصل ستضع على المحك استراتيجية إدارة الرئيس باراك أوباما لوقف تمدد هذا التنظيم الإرهابي في الشرق الأوسط.