طوبى للمثابرين والجديين والخيبة للكسالى والتنابل وعاش المقاومون والخزي لأشباه الرجال وأنصاف الرجال
ناصر قنديل
– يتقدم في المنطقة نموذجان من الدول والحركات السياسية، النموذجان ظهرا جلياً في حرب تموز 2006، وجهاً لوجه، الذين ساندوا المقاومة وشاركوها حرباً وجودية، فخرجوا معها منتصرين، وصاروا وإياها جزءاً من معادلات القوة في المنطقة والعالم، والذين هربوا من نسب المقاومة وحسبها وصلة القربى بها، وقالوا إنها مجموعة مغامرين، سيدفعون ثمن مغامرتهم، ووصلوا ليطلبوا من «الإسرائيلي»، كما فضحتهم تسيبي ليفني، بمواصلة الحرب وسحق عظام المقاومين، يومها قال الرئيس السوري بشار الأسد عن الذين وصفوا المقاومين بالمغامرين أنهم أشباه الرجال وأنصاف الرجال، فهم وصفوا المقاومة بارتكاب الحماقة وتوريط نفسها وشعبها وبلدها بالانتحار لأنهم يرون «إسرائيل» قوة لا تقهر، فعلوا ذلك لأنهم يفتقدون الشجاعة والفروسية، فاستحقوا الوصف بجدارة في دعوة ضمنية لامتلاك الشجاعة والثقة بالشعوب وقدراتها، فنسوا كل القضية وتذكروا فقط، ما قيل عنهم أنهم أنصاف رجال وأشباه رجال، حتى فهمها ملكهم الراحل لشدة نباهته، أنها مسألة طول القامة، فقال لصديق مشترك بينه وبين الرئيس الأسد جاء يحدثه بمشروع مصالحة، عندما يصبح طولنا بقياس طوله، أي لا نعود أنصافاً، نصالحه.
– شكلت إيران نموذجاً لدولة التنمية في المنطقة مقابل نماذج دول النفط المقابلة لها على ضفة الخليج، بين السعودية وإيران تسهل المقارنة، صيغة الحكم في السعودية مستقرة بلا حروب منذ مئة عام، وتراكم الثورة لا تستنزفه عقوبات، ولا يحد من خططها للنمو حصار، وهي الولد المدلل لرأس النظام العالمي كما تقول، قياس دخلها النفطي لموجباتها الإنفاقية الجارية لحاجات الدولة والمجتمع على عدد السكان، بالمقارنة مع إيران، هي واحد من أربعين، عشرة ملايين برميل نفط يومياً للسعودية مقابل مليون ونصف المليون لإيران، ومئة مليون نسمة يجب أن تخدمهم الدولة الإيرانية مقابل أقل من عشرين في السعودية، وعمر مشروع التنمية السعودية أربعة أضعاف عمر الحكم الجديد لإيران ما بعد حرب الخراب التي خاضها العراق ضدها، يعني ذلك أن استطاعة السعودية لتكون دولة تقارن بكوريا أو اليابان، تعادل استطاعة إيران مئة وخمسين مرة، يعني أنه إذا بلغت إيران المرتبة السادسة عشرة في الاكتشافات العلمية في العالم والمرتبة السادسة في حماية البيئة والمرتبة الأولى في الطاقة الصاروخية، وأنتجت دباباتها وطائراتها وأقمارها الاصطناعية وصارت مرجعاً عالمياً في جراحة زراعة الكبد والجراحات التجميلية، وفوق ذلك قوة نووية ينحني أمامها العالم مجتمعاً ممثلاً بأقوى دوله العظمى بعد ألف ساعة مفاوضات، فالسعودية يجب أن تكون على الأقل، السويد أو النروج أو فنلندا التي تحتل كل منها مكانة الأولى في العالم مستوى العلوم والاكتشافات العلمية والأدوية وشركات الاتصالات، والبيئة.
– تفوقت إيران وتخلفت السعودية، التي أعلنت في موازنتها لعام 2015 أنها ستقوم بإيصال الكهرباء إلى عشرين ألف قرية، وبرامج الإدماج بالتعليم ستطاول لعشرة أعوام نسبة الثلث من المواطنين الغارقين في الأمية، وغضب الملك مرة أخرى لأن السيد حسن نصرالله وصف احتجاجهم على تقدم إيران، وهم يغرقون في التلهي عن الهموم الكبرى، بغضب الكسالى والتنابل، ونسوا كل القضية وصارت قضيتهم هي الوصف، حتى دفعوا ما دفعوا بالواسطة القطرية لمن يغمز من موقف سيد المقاومة.
– تقوم فلسفة السعودية بإدعاء التفوق على إيران وسورية، أنها تراكم المال والاستقرار، بتفادي الحروب بالسياسة والديبلوماسية، وتتباهي بمكانتها لدى أميركا، ودول الغرب، وحجم نفوذ كلمتها التي لا ترد لديهم، وها هي سورية التي حرضت السعودية كل العالم على تدميرها حسداً وكيداً وحقداً، ورصدت كل مالها لذلك وقادت كل أحلاف جهنم ضدها، وجلبت كل عفاريت «القاعدة» لخرابها، ها هي تنهض من جراحها، وتبلسمها، ويعترف لها الأميركي من وراء ظهر السعودية المدللة الغنوجة، أن واشنطن وجدت نفسها مضطرة للتفاوض مع الرئيس بشار الأسد، وها هي إيران التي وقفت مع المقاومة ومع سورية في حروب الدفاع المشروعة، يتقدم العالم منها ضارباً عرض الحائط بغيظ السعودية ويخطب ودها، مسلماً لها بمقعد في نادي الكبار، وإذ السعودية التي تعففت عن الحروب المشرفة والمقدسة نحو فلسطين، تغرق في أوسخ الحروب وأقذرها، لتدمير وقتل شعب آمن من أفقر شعوب العرب وأشدهم حاجة للدعم الذي بخلت وتبخل به السعودية عليهم، وها هم يصمدون ويثبتون، ويتقدمون بشرف دمائهم الشهيدة، ويكتبون بها تاريخهم، المشرق الناصع، وفي اليمن ستدفع السعودية الثمن.
– طوبى للمقاومين والخزي لأنصاف الرجال وأشباه الرجال وعاش المثابرون والجديون والخيبة للكسالى والتنابل.