إغلاق معبر نصيب تقطيع لأواصر الأخوة وتطبيع مع «جبهة النصرة»

د. سليم حربا

تكاد الصفحات تضيق بما قدمه النظام الأردني في السرّ والعلن للتنظيمات الإرهابية في سورية، وعلى سبيل الذكر الممكن لأنّ الحصر مستحيل، نذكّر أنّ الأردن شكّل أول منصة للذين قتلوا في سورية وفرّوا واستقروا، وعلى أرض ديرته الهاشمية أُقيمت مضارب التآمر البندرية التي قادها سلمان ابن سلطان شقيق بندر لإعادة سورية إلى العصر الحجري وفق خطته الشيطانية. وبين شعاب الديرة أُقيمت معسكرات التدريب الإرهابية في الراجحي، والأكيدر، والطرة، والذينبة، وشفا بدران، وعمراوة، والرويشد، ومن ميناء العقبة لم تكن هناك أيّ عقبات لوصول السلاح الفتاك من أربع رياح الأرض، وفوق الأرض وتحتها شُيّدت غرف عمليات الموك الأميركية ـ الصهيونية ـ السعودية ـ القطرية في عمان والرمثا وجمله، ومن حدودها فُتحت المعابر الغير شرعية، بلا رقيب أو حسيب من جنوب نصيب إلى معبر الجمرك القديم، والطرة، وعمراوة، وحرتا، وعقربا، والكويا، ومن شمال نصيب لم تترك خربة لتخرّب وتدمّر سورية إلا وفتحتها من خربة السرب، وخربة النوم، وخربة عواد، وخربة الكن، وغدير الغنم، وأُرسلت قوافل الإرهاب والسلاح والموت إلى ريف درعا والقنيطرة، ومنهما إلى حيث وجدت سبيلاً، وتنافست مع كيان العدو «الإسرائيلي» على دعم الإرهاب ذهاباً بتسليحه وتمويله وقيادته ودعمه وإياباً بإعادة تأهيله وتدريبه وعلاجه.

أتحفتنا الأردن بأن أمدّت شقيقتها سورية بنخبة من متزعّمي وقادة الإرهاب من سلالة الزرقاوي، والطوباسي، والعبيدي، والعكاوي، والمقدسي، والشلبي، وكأنّ مشروعها الاستراتيجي هو إقامة إمارة الجولاني بعد اليأس من بقاء دولة البغدادي، وبقي المعبر اليتيم معبر نصيب الذي ترفرف عليه راية العروبة والأخوة وحسن الجوار، والنابض بالحياة والحبل الشرعي الذي يربط الأهل بين سورية والأردن، وينبض بعجلة ودورة الحياة والدماء الاقتصادية.

سقطت سياسة الإنكار الرسمية الأردنية بالضربة القاضية، بعدما شكر أوباما ملك الأردن على دعمه وتدريبه للجماعات الإرهابية، وبعد أن قالها وزير الإعلام الأردني بفمه الملآن وجيبه المليء من بنوك الوهابية أنه يدرّب أبناء العشائر السورية، أي «جبهة النصرة» بِاسمها المتجدّد في كلّ يوم، بعد أن هيمنت أيدلوجياً وميدانياً على كلّ المسمّيات والتجليات الإرهابية، ومعها سقطت كلّ أوراق التوت والأقنعة وجاء قرار النظام الأردني بإغلاق معبر نصيب ليقطع شعرة معاوية ويقطع كلّ حبال التواصل وأواصر التاريخ والقربى والجغرافيا، كرمى لصفقة تطبيع مع «جبهة النصرة» الإرهابية، ليقدّم لها عربون وفاق واتفاق معبر نصيب، في محاولة لإحراج الجيش السوري الذي ينتشر من معبر نصيب ومحيطه في أم المياذن، والطيبة، ونصيب إلى المتاعية، وندى، والعمان، وسمج، وطيسيا، إلى ذيبين وعلى مسافة 40 كلم مما يسمى الخط الحربي، ويخصّص مئات المقاتلين لتأمين حركة الترانزيت ليبقى شريان الحياة دافقاً.

لقد قدّم الجيش السوري عشرات الشهداء لتأمين هذا الخط والمعبر في مواجهة المجموعات الإرهابية، وبعد قرار الحكومة الأردنية بإغلاقه وجد الجيش السوري نفسه أمام سؤال مبرّر الوجود في تلك المنطقة والجدوى بين الإخلاء والبقاء، فقرّر تنفيذ إعادة تجميع إلى مناطق أخرى ليكون انتشاره أكثر جدوى وفعالية، لكنّ القرار الأردني بإغلاق المعبر على ما يبدو صدر من الباب العالي وخُطط في غرف عمليات الموك لتحقيق جملة أهداف صهيونية أعرابية أهمها: نقل الجهود إلى ريف درعا الشرقي بالاتكاء على مقرّ عمليات إرهابي ومتقدم لغرفة الموك، تمّ البدء بإنشائه في بصرى الشام لإقامة ما يسمى المنطقة العازلة شرقي درعا بعدما أذرت عملية الجنوب التي نفذها الجيش السوري بأوهام المنطقة العازلة غرب درعا والقنيطرة، ومحاولة الضغط على مدينة درعا من كلّ حدب وصوب للسيطرة عليها، أسوة بما فعله أردوغان في الشمال عندما قاد قطعان «جبهة النصرة» للوصول إلى إدلب في إطار معركة بدأت ولا تزال مستمرة، ولم ولن تنتهي حتى يعيد الجيش السوري تطهيرها عاجلاً وليس آجلاً، وسريعاً وليس متسرعاً. وتحاول الأردن من خلال إغلاق المعبر قطع الشريان الاقتصادي من لبنان وسورية إلى الأردن وما بعد بعد الأردن، ليستعاض عنه بقسطرة لإنعاش ميناء حيفا، وإيلات، والعقبة، ونويبع، تطبيقاً لقرارات مؤتمر قمة شرم الشيخ الذي فقد صوابه وبوصلته.

بإغلاق معبر جابر لن يجد جابر كراماً يجبر عسراتهم ولن يكون للعرب والأقصى وكنيسة المهد من أعرابهم ومشيخاتهم نصيب، لكنّ المؤكد أنّ الإرهاب، بمن نصره بدواعشه ونصرته، سيضربهم وكيفما ضرب في عروشهم سيصيب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى