مخيم اليرموك… هل آخر الدواء الكيّ؟
فاديا مطر
دعت «حماس» جامعة الدول العربية والمنظمات والمؤسسات المعنية كافة إلى تحمل مسؤولياتها في إنقاذ مخيم اليرموك وسكانه من الإبادة، في بيان للحركة نشرته يوم السبت الفائت وقالت فيه: «إنّ أطرافاً وجهات تسعى إلى تقديم خدمات مجانية لأعداء الشعب الفلسطيني عبر تحويل مخيم اليرموك إلى ساحة اقتتال، بعد أن عبّرت الجامعة العربية عن قلقها وترقبها للأوضاع الخطيرة والمتدهورة التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون في سورية»، في مطالبة منها للمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لضمان عدم الزج بالمخيمات الفلسطينية في الصراع الدائر في سورية، هي كلمة حق يراد بها باطل، تجاه مخيم اليرموك الذي أنُشئ عام 1957 على مساحة تقدر بمليوني متر مربع لتوفير الإقامة للاجئين الفلسطينيين، والذين يقدر عدد سكانه بحوالى مليون شخص هجّر معظمهم الإرهاب بعد احتلال المخيم من قبل المجموعات المسلحة في 17/12/2012، دعوة الجامعة التي لم ينقطع دورها في دعم مجموعات الغدر والإرهاب تأتي تحت دعوة مشبوهة للمجتمع الدولي الذي وفر للمجموعات الإرهابية في منطقتنا كل السبل لتعاظمها عبر السكوت عنها مرة ودعمها مرات، فمن هم المطلوبة حمايتهم في مخيم اليرموك؟ ومن هم الذين هجروا أهالي المخيم؟
واتضح دور «حماس» عبر ذراعها العسكري المسماة «أكناف بيت المقدس» والتي انضوت في بادئ الأمر تحت جناح «جبهة النصرة» التي استباحت المخيم في محاولة للوقوف ضد من يحاولون الدفاع عنه ممن تشكل من اللجان الشعبية الفلسطينية برعاية «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» وحركة النضال وقوات الصاعقة، التي أخذت على عاتقها مسألة حماية المخيم وتجنيبه الانخراط في الصراع، «حماس» التي لم يختفِ دورها في دعم وتمويل «الجيش الحر» ضد الدولة السورية، بعد أن استدعى بعض القيادات العسكرية وعناصر من الجهاز العسكري التابع لها في مخيم «عين الحلوة» في لبنان للمشاركة في تدريب عناصر تشارك منذ بداية الأحداث في سورية وخصوصاً في المخيمات الفلسطينية في اللاذقية وحلب وحمص وليس آخرها «أكناف بيت المقدس» في مخيم اليرموك في دمشق، لكن سرعان ما طافت الخلافات والخيانات على السطح لتقع «الأكناف» تحت سكين «النصرة» التي قامت بذبح قائدها ورمي رأسه في الشارع لتصبح بعدها هدفاً لـ»داعش» بعد تسلمه السيطرة على المخيم.
«أكناف بيت المقدس» بمن بقي منها على قيد الحياة طلبت من الفصائل الفلسطينية التي ما زالت تدافع عن المخيم والتابعة بشكل رئيسي للجبهة الشعبية المدعومة بطوق من الدفاع الوطني السوري بالانضمام إليها وتسليم بعض المقاتلين أنفسهم للدولة السورية، لكن دمشق رفضت وطلبت منه القتال مع الفصائل المدافعة عن المخيم، في وقت طالبت السلطة الفلسطينية بتحرك عربي ودولي لإنقاذ المخيم وأشادت بدور محمود عباس في تخفيف معاناة اللاجئين الفلسطينيين في المخيم، دور لا يبدو بعيداً بعد الرسالة التي أرسلتها وزارة الخارجية السورية إلى مجلس الأمن والتي طلبت فيها الضغط على كل من الأردن وقطر والسعودية لإخراج الإرهابيين التابعين لهم من اليرموك، في إشارة واضحة إلى دور الأردن في تسهيل دخول المسلحين المخيم ومنع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى السكان المحاصرين تحت بطش الإرهاب.
هذه المجموعات منعت حتى المساعدات الطبية ومستلزمات الرعاية الصحية من دخول المخيم، وهذا كله يؤشر إلى «حياكة نسيجية» تضع السلطة الفلسطينية تحت وقع مُساءلة منطقية لتحديد موقف واضح تزامناً مع زيارة وفدها إلى سورية في الأيام المقبلة للقاء المسؤولين السوريين الذين يضعون على قائمة أولولياتهم إغاثة المخيم وحفظه من الدمار الذي تطورت فيه أصابع فلسطينية وسواعد إقليمية ودولية في حلم آخر لن يتحقق لمقولة «المناطق العازلة» في مقايضة بين بعض الفصائل التي ادّعت «المقاومة» للحصول على ورقة استراتيجية ترفع من رصيد مشغليهم الذين باتوا في وضع القلق عليهم وعلى من بقي منهم على الأرض السورية التي لم تفرّق يوماً بين مواطن سوري وفلسطيني، هي محاولة لجرّ الدولة السورية إلى موقع يتمّ منه إطلاق النار عليها سياسياً وإعلامياً في المنابر الدولية واستثارة حتى الداخل الفلسطيني المتأزم أصلاً جراء تضييع البوصلة من بعض قياداته السياسية التي انتعلت دور الإخوان تحت ذريعة «الجهاد» الذي وصل «داعشياً» إلى مخيم اليرموك ليبقى السؤال «هل الكيّ هو آخر الدواء»؟