ندوة عن استراتيجية الاستعداد للمخاطر في الآثار والمعالم التاريخية
نظّمت «رابطة المهندسين الإنشائيين» في نقابة المهندسين في بيروت، ندوة عن «استراتيجية الاستعداد للمخاطر في الآثار والمعالم التاريخية» في مقر النقابة في بئر حسن، بحضور رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين النقيب خالد شهاب، رئيس الرابطة توفيق سنان، المشرف على الأبحاث والحفريات الأثرية في المديرية العامة للآثار الدكتور أسعد سيف، رئيس فرع المهندسين المدنيين إيلي رزق، عضوَي مجلس النقابة أحمد نجم الدين وحسن دمج وحشد كبير من المهندسين.
قدّمت للندوة أمينة سرّ «رابطة المهندسين الإنشائيين» الدكتورة مارلين البراكس التي شددت على أهمية تنظيم ندوات كهذه، التي من شأنها الإضاءة على جوانب هامة لواقع الحال بالنسبة إلى المعالم والآثار التاريخية.
ورأت أن من واجب الدول الحفاظ على المعالم الأثرية وإدماج حماية التراث في المناهج الدراسية. وتطرّقت إلى الأهداف التي تقوم عليها الرابطة وتسعى إلى تحقيقها.
ثم تحدّث شهاب، فأشار إلى موضوع الندوة الذي يشكل وقفة مميزة في عالم تتناهشه الأفكار التدميرية والحروب العبثية التي قضت على الإنسان وتستمر في طمس كل معالم التاريخ والحضارة.
وقال: «في ظل هذه الصورة المأسوية، لا يمكننا إلا التطلع إلى الأمل المتبقي، وعزيمة العمل، خصوصاً نحن معشر المهندسين لا نقدم إلا الأجمل والأحسن والأقوم لارتباطنا بالتاريخ والجغرافيا واستحضار الماضي ورؤية المستقبل، ونستطيع بتضافر جهودنا قلب الموازين، وخلق أنماط تؤسس لمعالم تاريخية جديدة، تكون في المستقبل مشهداً يؤكد بلوغ الهندسة اللبنانية مآربها».
وأكّد شهاب أنّ النقابة كانت ولا تزال تهتم بوضع الاستراتيجيات للمحافظة على المعالم التاريخية التي لا يمكن تقديرها بثمن. فهي التي تفتح أبوابها لكلّ الأفكار والنشاطات التي تتعلق بالحفاظ على التراث ووضع الاستراتيجيات للحفاظ على المعالم أقلّها في لبنان، ويجب ألا نتأخر في المساهمة في حمايتها والسهر على سلامتها وتنويع المعرفة في خصوصها، لأن الأمر يتطلب ثقافة وانتباهاً.
ورأى أنّ المخاطر التي تحدق بالمعالم التاريخية، أكانت طبيعية مثل الزلازل والبراكين والأعاصير، أو من صنع الإنسان كالحروب والتطوير المدني، تؤثر تأثيراً مباشراً عليها. وإن هذا التأثير إن حصل يؤدي إلى تغيير جذري ودائم فيها بحيث يكون من الصعب إعادتها إلى حالتها السابقة. ولكن يمكننا أن نكون مستعدّين لتلك المخاطر وحماية تلك المعالم قدر الإمكان من خلال مقاربة واعية واستراتيجية طويلة الأمد.
وأثنى شهاب على المشروع الذي أطلقته المديرية العامة للآثار بمساعدة مكتب «اليونسكو» في بيروت الهادف إلى وضع خط لدرء المخاطر للمعالم التاريخية اللبنانية المدرجة على لائحة التراث العالمي منذ عام 1984 كقلعة بعلبك مثلاً. إذ تم خلالها استعمال عدد من التقنيات الجديدة في عالم إدارة التراث كالمسح ثلاثيّ الأبعاد بوساطة اللايزر واعتماد برامج المحاكاة الهندسية لدراسة أماكن الضعف في الإنشاءات الأثرية.
ثمّ عرض الدكتور سيف للمشروع الذي أعدّته المديرية العامة للآثار بالتعاون مع مكتب «اليونسكو» في بيروت حول توثيق موقع بعلبك الأثري بوساطة تقنيات اللايزر ثلاثية الأبعاد بهدف إعادة تكوين نموذج الموقع واستعمال برامج محاكاة رقمية لمعرفة مناطق الضعف في المنشآت الأثرية في الموقع.
ولفت إلى أنّ قلعة بعلبك تعرّضت لأضرار من جرّاء عدوان تموز عام 2006، وعلى هذا الأساس قامت المديرية العامة للآثار بالمبادرة من أجل اتخاذ الاحتياطات اللازمة لأيّ ضرر مستقبليّ قد يحصل. مشيراً في هذا الإطار إلى أنّ قلعة بعلبك عرضة لمخاطر الزلازل كونها تقع على فالق اليمونة.
وشرح من خلال الشاشة عن بعض المعالم الأثرية في لبنان التي أجريت عليها أعمال المسح بوساطة اللايزر، مؤكداً أهمية هذه التقنية في إعادة تأهيل هذه المعالم، مقدّماً رؤية تاريخية للمخاطر التي تحدق بالمعالم التاريخية بدءاً من المخاطر الطبيعية كالزلازل والبراكين والأعاصير، أو تلك التي هي من صنع الإنسان كالتي تحصل في أيامنا هذه، والتي تعدّ من أخطرها، مشيراً إلى أنه لا يمكننا أن نكون مستعدين للمخاطر وحماية المعالم إلا من خلال المقاربة الواعية والاستراتيجية طويلة الأمد والحماية البشرية والتقنية لمعالم كهذه.
ودعا سيف ختاماً إلى التعاون بين المديرية العامة للآثار ونقابة المهندسين من أجل استكمال المشروع في مواقع أخرى. ثم كان نقاش شارك فيه الحضور.