حدود الدور الباكستانيّ في الحرب السعودية

عامر نعيم الياس

منذ اليوم الأول، نشرت السعودية قائمة الدول العشر المشاركة في عاصفة جنونها على اليمن: تركيا وباكستان، كانتا حاضرتين لتعويم البعد الإقليمي ـ الطائفي للصراع في المنطقة، وسُحب البساط من كلمة «التحالف العربي»، حيث العروبة تؤرق السعوديين حتى لو كانت عروبة وفق هواهم.

تركيا حافظت على مسافة من التحالف السعوديّ، أول من أمس زار الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان طهران لمدّة ست ساعات، أما باكستان فقد رأى البعض في إصرار الإعلام السعودي ممثلاً بقناة «العربية» على تلزيمها المشاركة في التحالف، اختلافاً في تموضعها من التموضع التركي، فهل هذا هو الواقع؟

يرتبط رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف بعلاقة شخصية مع الأسرة الحاكمة في السعودية، إذ استضافته الرياض عقب الانقلاب العسكري عليه الذي قاده قائد الجيش حينذاك الجنرال برويز مشرّف نهاية تسعينات القرن الماضي، لكن ذلك لا يعني بجميع الأحوال تورّط الطبقة السياسية الحاكمة في باكستان بالحرب السعودية. فالبيان الصادر عن الحكومة الباكستانية رسم حدود المشاركة وحدّد أطرها، «أيّ تهديد لوحدة المملكة السعودية وسيادتها سيثير ردّاً قوياً من باكستان»، فيما اجتمع البرلمان الباكستاني لمناقشة موقف البلاد من العدوان على اليمن.

المؤسسة العسكرية بدورها كانت أكثر تحفظاً من السياسية، بعد إعلان وزير الدفاع الباكستاني قبل أيام أن «حكومته لم تتخذ قراراً في إرسال قوات إلى السعودية»، فلماذا هذا التحفّظ الباكستاني؟ وما هي حدود دور باكستان في العدوان على اليمن؟

نبدأ من الإجابة على السؤال الأخير، فالدور الباكستاني على الأرض في هذه الحرب وإن حصل، يتوقع أن يكون دوراً رمزياً يحافظ على مسافة من التورط المباشر على الأراضي اليمنية ومشابهاً إلى حدٍّ ما للدور السوري في حرب تحرير الكويت من العراق في تسعينات القرن الماضي، حيث رابطت وحدة رمزية من القوات السورية على أراضي السعودية في حفر الباطن، ولم تتدخّل أبداً في الحرب على الأراضي الكويتية، بل حصرت مهامها في الدفاع عن الأراضي السعودية في حال وقع اعتداء عليها. وبهذا المعنى، ستكون القوّات الباكستانية محدودة المهام العسكرية، وذات طبيعة استشارية وتدريبية للقوات السعودية، ويمكن فهم ذلك في سياق الأسباب التالية:

ـ العلاقة مع إيران: لا تريد باكستان فتح المواجهة مع إيران على مصراعيها، فالحدود بين الدولتين تتجاوز 800 كيلومترٍ، والانخراط المباشر في محاربة إيران في المنطقة يعني نقل الحرب التي تقودها السعودية مع إيران إلى الأراضي الباكستانية، في ظل توتر طائفيّ يحكم العلاقة بين المكوّنات المذهبية الباكستانية، إذ يشكل الشيعة 20 في المئة من المجتمع الباكستاني، فضلاً عن قدرة إيران في التضييق على باكستان في محيطها الإقليمي عبر تعزيز العلاقات بين دلهي وطهران، وهو ما لا تريده إسلام آباد في الوقت الحالي.

ـ الحرب على الإرهاب: تنشر باكستان حوالى 25 في المئة من قواتها المسلحة في جنوب غرب البلاد، في إقليم بلوشستان منذ عام 2007، كما تنشر الثقل الآخر من قواتها على الجبهة الشرقية مع الهند. فهل تستطيع نقل جزء من قواتها للمشاركة في عمل برّي ضدّ اليمن بالوكالة عن السعودية؟ ماذا عن موقف المؤسسة العسكرية من الجبهة الجديدة، خصوصاً أنّ انسياق باكستان وراء هذه المغامرة من شأنه أن يستدعي تعزيز التواجد العسكري الباكستاني على الحدود مع إيران. فهل من الممكن نشر القوات الباكستانية على هذه المساحة الواسعة؟

ـ الانقسام السياسي في الداخل الباكستاني يكبّل قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات منفردة بحكم علاقاتها الوطيدة مع آل سعود.

تقول مجلة «فورين بوليسي» الأميركية في مقال للكاتب عارف رفيق: «لا تستطيع باكستان التي تمزّقت بالإرهاب لأكثر من عقد أن تصبح الملعب الجديد لحربٍ بالوكالة بين إيران والسعودية. يكاد الجميع في باكستان ـ بما في ذلك الأطراف السنية الكبرى ـ أن يجمعوا على رفض التدخل الباكستاني في اليمن. لذلك سيستمر رئيس الوزراء الباكستاني في المشي على هذا الحبل المشدود».

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى