هل يتجاوز المؤتمر القاري الأفريقي قطوع الانتخابات أم يقع في قطب الخلافات؟

علي بدر الدين

بعد عقدين من الزمن، بالتمام والكمال، قرّر المجلس القاري الأفريقي للجامعة اللبنانية في العالم عقد مؤتمره السابع في قصر الأونيسكو في بيروت، قبل ظهر اليوم الجمعة، لانتخاب رئيس وهيئة إدارية جديدين، في حال اكتمل النصاب وحضر المدعوون البالغ عددهم خمساً وستين عضواً أو نصفهم زائداً واحداً.

ويكتسب هذا المؤتمر، الذي يعقد بعد طول انتظار، أهميته وضرورته من الحراك الدائر بين المعنيين من المغتربين والمهتمين بالملف الاغترابي، لأنّ المرحلة تقتضي من الجميع التحضير والاستعداد لمواجهتها بتوحيد الكلمة والصفّ وتفعيل قدرات المغتربين، وخصوصاً في أفريقيا من خلال تنشيط عمل المجلس وانتخاب رئيس وأعضاء قادرين على تحمّل المسؤولية وانتشال المجلس من حالة السبات واللاوعي والوهن التي أصابت أجهزته بالشلل والتلف، ومن أجل حماية الاغتراب اللبناني في أفريقيا، المتجذر في منذ أكثر من 120 عاماً في القارة التي انطلق منها قطار المغتربين في العالم، وفيها جاليات لبنانية كبيرة، نوعية في الحضور والعمل والإنتاج .

ويرى مصدر اغترابي» أنّ المهم في عقد المؤتمر أن يعي المغتربون اللبنانيون في أفريقيا مسؤولياتهم، وأن يتعاونوا لإخراج المجلس من دائرة الفراغ واللاوجود، ومن شوائب السنوات العجاف الماضية»، مؤكداً «ضرورة تقديم رؤية وطنية اغترابية تحاكي النطورات وتتماشى مع المتغيرات وترسم خريطة طريق جديدة وتكون على تواصل مباشر مع المغتربين، وتغيّر العقلية السائدة التي أنتجت شللاً وجموداً واتكالية مفرطة وعشوائية في توزيع المسؤليات والأدوار.

ويطالب المصدر بتجديد شباب المجلس وإخراجه، كلياً، من دائرة الانكفاء والنأي بالنفس واقتصار نشاطه على المآدب وأحاديث المجاملة والمسايرة التي طغت على كلّ شيء.

وإذا كتب النجاح للقاءات الاغترابية المكثفة بين مسؤولين من المجلس ورموز اغترابية فاعلة وشخصيات، فإنّ المؤتمر سيعقد من دون إشكاليات أو تعقيدات أو مقاربات قانونية على صعيد شرعية انعقاده وشرعية المدعوين في الترشح والانتخاب، حيث تتسارع المشاورات لبلورة تصوّر انتخاب واضح يؤدّي إلى التوافق على انتخاب رئيس وأمين عام جديدين، أو الإذعان لإبقاء القديم على قدمه، ما سيخلف تداعيات وسلبيات قد تطيح بالمؤتمر، وفق مصادر متابعة، تشدّد على ضرورة الخروج من الماضي بعد عشرين عاماً لم يعقد خلالها المجلس سوى ثلاثة مؤتمرات اقتصرت على التجديد والتمديد، وبالتالي فإنّ الاستمرار في عمل المجلس المشلول قد يضرّ بالمغتربين، وخصوصاً أنّ قانونه ينصّ على انعقاد المؤتمر كلّ سنتين. فكيف يمكن القبول بالتمديد أو التجديد للهيئة الإدارية ثلاث مرات خلال 20 عاماً من دون انقطاع؟

والجدير ذكره أنّ المجلس شهد عصره الذهبي إبان تسلّم الرئيس الحالي للجامعة أحمد ناصر رئاسته في ثمانينات القرن الماضي، في انتخابات مشهورة في مؤتمره الأول في سيراليون، والذي سجل حضوراً وفاعلية وإنتاجاً على مستوى الاغتراب اللبناني في أفريقيا وإنجازات إنمائية صحية وتربوية واجتماعية، على مستوى العديد من الدول الأفريقية ولا تزال حاضرة ميدانياً وفي أذهان الناس، وعليها استحق ناصر في مؤتمر ليبيريا الثالث 1988، لقب «ضمير الاغتراب اللبناني». وفي هذا المؤتمر سلم ناصر أمانة الرئاسة إلى خلفه عباس فواز الذي انتخبه المؤتمرون آنذاك بالإجماع وتابع مسيرة العمل والعطاء والإنجازات، على غير مستوى، ليشهد عليها الجميع وعلى قدرة فواز على تقوية الحضور الاغترابي اللبناني في أفريقيا وعلى دينامية عمل المجلس الذي تحمّل مسؤولياته في مرحلة قاسية وصعبة تعرض فيها المغتربون إلى الاستهداف والمآسي، ودفعوا ثمن اضطرابات شهدتها بعض الدول الأفريقية بسبب الانقلابات العسكرية أو من أجل مطالب اجتماعية أو بتحريض من المتضرّرين من مسيرة نجاح المغترب اللبناني في أفريقيا.

أما آخر المؤتمرات، فقد عقد في العام 1995 في بيروت وتمّ انتخاب نجيب زهر رئيساً له، خلفاً للرئيس السابق عباس فواز وهو صاحب تجربة اغترابية واسعه وله سمعته الطيبة بين المغتربين، غير أنّ ظروفاً كثيرة واجهت الاغتراب حالت دون تحقيق الأهداف المرسومة، فأصيب المجلس بالشلل في سنواته الأخيرة، وقد يكون ذلك ناتجاً عن إطالة عمر الهيئة الإدارية من دون سبب قانوني أو عملاني مقنع، ما حدا بالغيورين على المجلس ودوره ووظيفته إلى المطالبة بانعقاد هذا المؤتمر الذي بات حاجة وضرورة لا بدّ منها في ظروف ملتهبة وتطورات دراماتكية واستهداف مباشر أو مقنّع للوجود اللبناني في القارة الأفريقية أو غيرها.

يأمل المترقبون لمؤتمر اليوم، أن يكون جدياً وأن يحشد مغتربين من كلّ المجالس الوطنية ومن الرؤساء الحاليين والسابقين، لأنّ مشاركتهم باتت ضرورة وحاجة مطلوبة لإعادة الروح إلى المجلس الذي يمثل واقع الاغتراب اللبناني في أفريقيا حيث يعاني المغتربون من منافسات واستهدافات مشبوهة من المتضرّرين من نجاحهم، تستهدف حضورهم وحاضرهم ومستقبلهم وفعاليتهم . لا مبرّر لعدم المشاركة التي هي مسؤولية وطنية، والتهرّب منها له تبعات وسلبيات من الواجب الوطني والمسؤولية الاغترابية تفاديها وتجنب انعكاساتها، وحتى لا تضيع بوصلة الحقيقة، في ظلّ الواقع الحالي للمجلس، حيث أنّ خللاً واضحاً ظهر قبيل انعقاد المؤتمر، ولم يقدّم أحد من المغتربين الذين يحقّ لهم الترشح والانتخاب ترشيحه إلى الأمانة العامة للمجلس، وفق النظام الأساسي، ما يعني اللجوء إلى الترشيح المباشر وإجراء العملية الانتخابية برفع الأيدي داخل المؤتمر، وليس في الأفق ما يدلّ على اسم رئيس المجلس الجديد، حيث أنّ بعض من تمّ ترشيحهم لهذا المنصب الاغترابي رفضوه لاعتبارات خاصة، أو لشروط المسايرة وعدم المواجهة الشخصية والانتخابية.

وإذا لم تنجح المساعي والاتصالات لإقناع بعض الشخصيات بالترشح إلى منصب الرئاسة، فإنّ الأمور تتجه إلى التجديد للرئيس الحالي نجيب زهر وإبقاء الوضع على ما هو عليه، حتى انعقاد مؤتمر آخر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى