استحقاق باراك أوباما بدأ

روزانا رمّال

بإعلان هيلاري كلينتون ترشحها الى الانتخابات الرئاسية الأميركية عن الحزب الديمقراطي كواحدة من أبرز وأقوى مرشحيه، تدخل معركة الانتخابات الرئاسية الاميركية مرحلة تأمين الأرضية الناجحة لكلا الحزبين للفوز بالرئاسة، وبالتالي بذل ما يمكن من المجهود القادر على بروز المرشح كخيار أقوى عند المواطن الأميركي.

بدورهم أعضاء الحزب الجمهوري ممن يطمحون إلى كسب الرئاسة بدأوا بطرح أسمائهم بين أروقة الحزب ومنهم من أعلن رسمياً.

اسم هيلاري كلينتون يبقى الأقوى أميركياً حتى الساعة، وعلى الجمهوريين بالتالي طرح اسم مواز ومؤثر عند الرأي العام الأميركي، نظراً لما تتمتع به السيدة كلينتون من مكانة سياسية وشخصية حاضرة في المجتمع الأميركي على مدى سنوات طويلة، منذ بروزها كسيدة أميركا الأولى، وصولاً الى دورها المتقدّم في الحزب الديمقراطي الذي خوّلها الحصول على منصب وزيرة خارجية، وهي التي سعت سابقاً للوصول الى الرئاسة، وبالتالي قد تتسع حظوظها بالتفوّق بين أفراد حزبها أو مرشحيهم اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، فتكون أول سيدة أميركية تفوز بالرئاسة.

على أنّ المرشحين الأميركيين بدأوا بتقديم اعتمادهم لدى الشعب الأميركي، فهم بهذا يعلنون انّ العين على الرئاسة بدأت وبالتالي يعلن باراك أوباما معهم انّ استحقاقه هو أيضاً قد بدأ.

تقع على عاتق الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما مسؤولية السعي إلى إبقاء حزبه في سدة الرئاسة، فالمواطن الأميركي لا يزال حتى الساعة الأكثر قدرة على إيصال المرشح الأشدّ تأثيراً وإفادة لمجتمعه او وطنه منه الى حسابات حزبية ضيقة، وبالتالي يحاسب الشعب الأميركي الحزبين حسب تجاربهما.

تفرّد أوباما في فترة حكمه بالتميّز واستطاع حجز هالة أو مكانة يذكره فيها تاريخ أميركا الحديث، خصوصاً في ولايته الثانية، التي يسعى فيها كلّ رئيس أميركي إلى العمل جاهداً ليترك وراءه بصمة يذكره فيها الشعب الأميركي دائماً، وبالتالي فإنّ أوباما الباحث دائماً عن كسر التقليد الأميركي والرافض التمسك بخطوط حمر، نجح في رسم سياسة الانفتاح على طرح الملفات كافة على الطاولة مهما تحسّس منها المتضرّرون والمنتفعون على السواء من السياسة الأميركية.

استطاع أوباما حجز هذه المكانة للتاريخ وهو على ما يبدو مستمرّ في تخطي القيود والخروج عن المألوف، إلا أنّ نجاحه في الملف النووي الإيراني يبقى أكثر الأدلة على المرحلة التي استطاع أخذ واشنطن إليها، فالحديث مع إيران الذي كان مستحيلاً أصبح واقعاً اليوم والعلاقات الطبيعية تقترب أكثر من أيّ وقت مضى لتسلك طريقها بين البلدين.

المصلحة «الإسرائيلية» التي كانت تتفوّق في بعض الأحيان على بعض مصالح الولايات المتحدة حسب ولاء المرشحين الذين يفوزون بأصوات يهود أميركيين كانت أيضاً أحد أشكال التحوّل الذي أصرّ عليه أوباما مع حليفته «إسرائيل» وحتى مع حلفائه العرب.

المرحلة الجديدة التي فتحها مع كوبا ايضاً تسجّل في رصيد الرئيس، وإنْ كان هذا الملف يتعرّض من أعضاء الكونغرس كمجمل القضايا لانتقادات ويواجه عراقيل دستورية وقانونية.

استحقاق أوباما الحقيقي بدأ اليوم ومسؤولية احتفاظ حزبه بكرسي الرئاسة تمثل تحدياً كبيراً بالنسة له، واذا كان الحديث عن ملفات بهذا الحجم هو تاريخ أوباما فإنّ الوقت الى أن يحين موعد الانتخابات في 8 تشرين الثاني 2016 لا يكفي نظراً إلى دقتها وحساسيتها، وبالتالي سيسعى أوباما الى كسب الناخب الأميركي الى جانب حزبه عن طريق استكمال خوضها حتى النهاية.

بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران سيكون أمام أوباما فرصة فرض إيران كشريك في المنطقة أمام المجتمع الدولي للقضاء على الارهاب حتماً، وهو ليس أمام خيار آخر لكي يبرّر أمام شعبه المنفعة السياسية الاقتصادية حيث الأسواق الكبرى التي ستفتح بين البلدين ومعهما الأوروبيون، وصولاً الى الأمنية منها والتي يتفرّع منها حماية القواعد الاميركية في الخليج من خلال الاتفاق والعمل الجدي مع شريك قادر على البت في مواجهة الإرهاب.

القضاء على «داعش» سيكون أكثر الاستحقاقات جدية بالنسبة الى الاميركي، وتوظيف هذا الإنجاز واستخدامه ورقة لمصلحة فوز الحزب الديمقراطي في الانتخابات، خصوصاً بعد تسهيل أرضية نجاح الاستحاقاق على نار هادئة مع الإيرانيين.

لا يهمّ الرئيس الأميركي في سياسته في الشرق الاوسط ومن خططته التي تتبدّل حسب المصلحة الحزبية في غالب الأحيان، ولو كانت على حساب الشعوب المظلومة، سوى حجز مقعد في الانتخابات الأميركية، وعليه لا يمكن استبعاد فجأة الإعلان عن نوايا أوباما الحقيقية بالقضاء على الإرهاب جدياً بالتعاون مع شركائه القادرين على ذلك في المنطقة، وهم طهران وأنقرة وربما دمشق، وهو بهذا سيتوّج بطلاً أميركيا تماماً كما استطاع القضاء على بن لادن في بداية حكمه، فيبدأ بذلك تسديد وعوده التي جاءت في برنامج عمل الرئيس الأميركي.

القضاء على المجموعات الإرهابية المسلحة واحتواؤها بين «القاعدة» وأبنائها من «داعش» وغيرها هدف أميركي رئاسي مقبل للحزب الديمقراطي، وذلك لإضافته إلى باقي الإنجازات، فيتمظهر أمام العالم نجاحاً حقيقياً في ملف قضاء فريق أوباما على الإرهاب أو أقله النجاح في تخفيف تمدّده في العالم ولو بأسف انتظار الشعوب لما لا يسجل سوى «ورقة انتخابية» بيد مرشح رئاسي أميركي…

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى