رسالة اليمن لآل سعود: التدخل البري والبحري خط أحمر
توفيق المحمود
لم تحرز «عاصفة الحزم» بعد ثلاثة أسابيع من انطلاقها أي تغيير في ميزان القوى على الأرض فقوات الجيش والحوثيين واصلت تقدمها في الجنوب، وتكمل سيطرتها الميدانية وتعزز دفاعاتها.
فقد أدى العدوان السعودي الوحشي إلى رصّ صفوف القوى الوطنية اليمنية، بدلاً من انجرارها إلى حرب أهلية كما كان يتوقع المعتدون ولم ينشق اليمنيون على أنفسهم ولم يركعوا، بل ولم ترتفع أصواتهم بالشكوى أو الولولة، ولم يشتموا العروبة حيث اصطدم آل سعود بالجدار اليمني فالحملة الجوية تحولت إلى هزيمة فقد تركزت على البنى التحتية والمنشآت الخدمية والمدنية والسكنية، وعلى محاولات بثّ الرعب من خلال تدبير مجازر ضد المدنيين، ليس بالقنابل فقط، بل بتدمير دورة الحياة، ما يجعل البلد، وفق تحذير المنظمات الدولية، في مواجهة كارثة إنسانية فمستوى الحقد السعودي على الشعب اليمني يذكّرنا بالحقد الصهيوني أثناء العدوان على لبنان وغزة، ولكن مع فارق مؤسف، يتمثّل في التأييد العلني أو الضمني للعدوان السعودي على اليمن، لدى أوساط شعبية، بل ولدى ممثلي المظلومية الفلسطينية، بمن فيهم قيادتا فتح وحماس، اللتان توحّدتا في مباركة المذبحة ضد اليمن.
ففي أول اشتباك برّي واسع على هذه الحدود الطويلة تمكنت قبيلة يمنية من الاستيلاء على موقع المنارة العسكري داخل الأراضي السعودية، وسقط في هذا الاشتباك جنود سعوديون وفرّ آخرون، واستولت على أسلحة حديثة من الموقع المذكور، ما ينبئ بنوعية القتال الذي سينشب في حالة إقدام «عاصفة الحزم» على الاجتياح البري لليمن ومن هذا الاشتباك الأول تكون الرسالة قد وصلت من الحوثيين لآل سعود بما سيحصل إذا تجرؤوا على التدخل براً بأن الحوثيين سينقلون المعارك إلى الداخل السعودي.
وتبرز الأهمية الاستراتيجية لليمن بقوة على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية كافة في منطقة الخليج والجزيرة العربية، موقع اليمن الاستراتيجي جعله ساحة صراع محلي ودولي وخصوصاً أنه يقع بين السعودية وسلطنة عمان ويطل على مضيق باب المندب أحد أهم المعابر المائية في العالم ويعتبر هذا الموقع الاستراتيجي مصدر اهتمام القوى الدولية باليمن على مر تاريخ هذه البلاد حيث يمثل اليمن البوابة الجنوبية لمدخل البحر الأحمر، ويتحكم بالممر الذي يصله بالمحيط الهندي حيث يمر عبر باب المندب يومياً ما نسبته ثلاثة ملايين وثلاثمئة ألف برميل نفط، بما نسبته 4 في المئة من الطلب العالمي على النفط، وتمر عبره إحدى وعشرون ألف سفينة سنوياً، أي أن الشحنات التجارية التي تمر عبر الممر تعادل عشرة في المئة من الشحنات التجارية العالمية كما تحتضن منطقة خليج عدن كلاً من البحر الأحمر والمحيط الهندي وتتحكم كذلك بطرق الملاحة البحرية المؤدية إلى آسيا، بالإضافة إلى ثقلها السكاني، وتوجهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتوازنة المستنيرة كما يمثل اليمن العنصر الأساس لأمن المنطقة واستقرارها، ولضمان استمرار تدفق الثروة النفطية من دون مشكلات أو معوقات عسيرة.
هذه الخصائص جعلت باب المندب يحتل المرتبة الثالثة عالمياً بعد مضيق هرمز، ومضيق ملقا من حيث كمية النفط التي تعبره يومياً، ما زاد أهميته الاستراتيجية، وزاد من قيمته الاقتصادية.
وما يضاعف من أهمية موقع اليمن انتشار جزره البحرية في مياهه الإقليمية على امتداد بحر العرب، وخليج عدن، والبحر الأحمر.
موقع اليمن الجغرافي المهم والاستراتيجي يجعل منه اليوم ساحة صراع محلي ودولي، ويجعل من الجهة المسيطرة لاعباً أساسياً في المنطقة، ويعطيه القدرة على التحكم بمدخل أحد أهم المعابر المائية في العالم.
الحوثيون والجيش اليمني وجهوا إنذاراً لواحدة من السفن منعوها من الاقتراب فهل نقترب من المعركة البحرية في مياه اليمن ولمن تكون الغلبة؟ وهل سنشهد مواجهة بين الحوثيين والأسطول البحري السعودي الذي يفترض أنه هو أداة الحصار كما شهدنا مصير البارجة على يد حزب الله في حرب تموز 2006؟