نموذج حمص للتطبيق في حلب

نور الدين الجمال

التحضير للاستحقاق الرئاسي في سورية تواكبه خطوات إيجابية ومهمة على الصعيدين الميداني والسياسي، من خلال الإنجازات العسكرية الكبيرة التي يحققها الجيش العربي السوري في أكثر من جهة على الأرض السورية، ومن خلال المصالحات الوطنية المهمة التي أنجزت في بعض المناطق والمحافظات السورية وكان آخرها ما حصل في حمص القديمة.

تعتبر مصادر سياسية مواكبة للتطورات السورية ميدانياً وسياسياً أن ما حصل في حمص القديمة هو نموذج لنجاح الدولة الوطنية السورية المميّز، ويمكن تعميمه على مناطق أخرى في سورية مثل حلب وما تبقى من ريف دمشق، كذلك في بعض ريف درعا، وهذا يعني في المفهوم السياسي أن الدولة السورية ثبتّت حضورها، وأنها أمام مرحلة تنظيم الانسحابات للمجموعات المسلحة في ضوء الاستراتيجية التي ينفذها الجيش العربي السوري في المناطق التي تحاصر وتطوّق، تمهيداً لوضع المجموعات المسلحة أمام خيارين إما الاستسلام وتسوية أوضاعهم، أو المواجهة، والنتيجة ستكون بالتأكيد لمصلحة الجيش العربي السوري، ناهيك عن الخيار الذي اختارته تلك المجموعات في حمص القديمة بالانتقال إلى منطقة الرستن والريف الشمالي لمدينة حمص، ما يعني الاختيار بين المصالحة والمحاصرة وفرض الطوق عليهم، ونموذج حمص القديمة مرحلة جديدة في الحرب التي تتعرض لها سورية منذ أكثر من ثلاث سنوات.

توضح المصادر السياسية أن نموذج حمص القديمة يتكرر راهناً في مدينة حلب حيث يُطوّق المسلحون وتقطع خطوط التواصل بين المناطق التي يتواجدون فيها، كذلك التواصل مع تركيا إلى حدّ تأكيد مصدر عسكري سوري أنه خلال فترة لا تتجاوز عشرة أيام سيستكمل الطوق على جميع المناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات الإرهابية، وهذا التوجه سيجعل تلك المجموعات بين فكي كماشة الأهالي الذين يمارسون الضغوط على الإرهابيين لإتمام عمليات المصالحة وقوة وقدرة الجيش العربي السوري في التصدي لهم وسحقهم.

ترى المصادر السياسية أن الدولة الوطنية السورية تحاول، من خلال ما شهدته حمص القديمة وما سبقها من مصالحات في مناطق أخرى، تحقيق جنيف سوري تتلاقى فيه جميع القوى السياسية والشعبية وتتحاور وهو في نهاية المطاف المخرج الوحيد لحل الأزمة في سورية. لذا، بدلاً من أن تكون مدينة حمص عاصمة لـ»الثوار» أصبحت عاصمة لأمن والسلام. وانطلاقاً من هذا المفهوم، سيجعل الجيش العربي السوري جميع المدن السورية مركزاً للأمن والاستقرار والسلام، وسيجر الجماعات الإرهابية والتكفيرية في مناطق وجودها إلى الرضوخ لإرادته واعتبار نموذج حمص القديمة، السبيل الوحيد للخروج من مأزقهم الراهن، ففي نهاية المطاف، الحل الوحيد أمام تلك الجماعات هو التجمع في ريفي حلب وإدلب، وعندها تتحول الحرب معهم إلى الأطراف بدلاً من داخل المدن أو في محيطها مثلما كانت الحال، يغدو أسلوب المواجهة مع هذه المجموعات أنجح، ويحصر دور الدول المحيطة بسورية بالبحث عن كيفية تنظيم الهزيمة وإن لم تعلنها تلك الدول، فلبنان أقفلت الحدود معه بعد انتصار الجيش العربي السوري في القلمون، والأردن يخشى على وضعه الداخلي نتيجة وجود المجموعات المسلحة على حدوده مع سورية، في حين يتعاون العراق مع الدولة الوطنية السورية في مكافحة الإرهاب على جانبي الحدود وفي داخله.

تلك المعطيات تمهد في رأي المصادر السياسية لخلق أوضاع جديدة ميدانياً تصب في مصلحة الدولة السورية حتى نهاية العام الجاري، وتحقيق إنجازات استراتيجية مهمة، وإن بقيت بعض الأطراف والأرياف تعاني وجود العصابات الإرهابية، لكن ذلك لن يكون مؤشراً على مسار الدولة الوطنية السورية وثباتها وقوّتها، وستنجز ملف الانتخابات الرئاسية بنجاح كبير عبر التجديد للرئيس بشار الأسد في صناديق الاقتراع.

تختم المصادر السياسية قائلة: ما قبل القصير مختلف عما بعدها، وما قبل القلمون غير ما بعد القلمون، وما قبل حمص غير ما بعدها، وما قبل انتخاب الرئيس بشار الأسد مختلف عما بعد انتخابه لسبع سنوات جديدة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى