العكام: السعودية تغرق في الرمّال اليمنيّة

حاوره: سعد الله الخليل

في الوقت الذي تؤكد أطراف سياسية سورية قرب انعقاد مؤتمر «جنيف- 3»، ترى أطراف أخرى صعوبة السير في خيارات سياسية في ظل التصعيد العسكري الذي تشهده الجبهات السورية والإقليمية بخاصة بعد التورط السعودي في اليمن الذي أنهى أي آمال للحل السياسي من وجهة نظر كثيرين.

رأى عضو الوفد الحكومي في لقاء «موسكو- 2» التشاوري الدكتور محمد خير العكام أن «الفترة المقبلة ستشهد التصعيد الأخير قبل الوصول إلى حل سياسي، أي أن التركي والسعودي الآن يرميان بأوراقهما الأخيرة للضغط»، معرباً عن اعتقاده بأن ذلك هو موجة التصعيد الأخيرة قبل الوصول إلى حلٍ سياسي.

وأشار الى أن «العدوان السعودي على اليمن سينعكس سلباً على حضور ودور المملكة العربية السعودية مستقبلاً في المنطقة، معتبراً أن هناك من ورط السعودية بالدخول في الخلاف اليمني ـ اليمني».

وفرّق العكام في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وشبكة «توب نيوز» بين مسار موسكو التشاوري ومسار جنيف الذي يسعى البعض إلى تصويره كمسار تفاوضي، مؤكداً أن «مسار موسكو هو الأكثر انطباقاً مع الواقع لأنه تشاوري. وأضاف: «التفاوض مسار يجمع طرفين متناقضي الأهداف يريدان الوصول إلى تسوية في ما بينهما للأهداف المتناقضة الموجودة للطرفين». وقال: «لا أعتقد أن الذين تحاوروا في موسكو أو من الممكن أن يتفاوضوا في جنيف، طرفان متناقضان، فالتفاوض يتم بين الدول. أما السوريون فهم مختلفون في بعض تفاصيل العمل السياسي في سورية وأفضل طريقة ليستنتجوا قواسم مشتركة لإنهاء هذا الخلاف هو الحوار لأنهم جسم واحد وليسوا طرفين متناقضين».

ورأى العكام أن «الصراع بين الدول في المشهد السوري واضح، فهناك دول ومنها الاتحاد الروسي، حريصة على إنهاء الأزمة بين السوريين من دون أي تدخلٍ خارجي. فيما المحور الغربي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا يسعى إلى تغيير الثوابت السياسة السورية، برأي من في هذا المحور، أنه سيحصل على تنازلات يفرضها على الوفد الحكومي في سورية».

ورأى العكام أن «ما يسمى الائتلاف يدعون أنهم يمثلون المجتمع السوري وهم جزء من المعارضة السورية المركبة غربياً لتنفيذ أجندات مرتبطة بالولايات المتحدة الأميركية والأهداف التركية والغربية والخليجية». وقال: «ما حصل في جنيف عبر جولتين من التفاوض هو أن الوفد الرسمي اتفق مع المعارضة على جدول أعمال في نهاية الجولة التفاوضية الثانية في جنيف».

وأكد العكام أن «الفريق المفاوض في جنيف كان يحاول التنصل من أن الإرهاب هو المحور الأساسي وأن إنهاء الأزمة في سورية أو كما سماها «الحرب المشينة» على سورية بالتأكيد لن تنتهي إلا بالاتفاق في ما بين كل الدول وليس فقط مع الذين يتفاوضون والحصول على التزامات، متسائلاً: كيف يمكن إنهاء الارهاب الوافد من خارج سورية والمنفّذ ضمن الأراضي السورية؟

وعن مساهمة اللقاءات في جنيف وموسكو في تحريك المسار السياسي السوري، أكد العكام أن «في الجولة الأولى في موسكو اتفقنا على مبادئ، حاول البعض التنصل منها ولم نوقّع عليها، لافتاً الى أن جولة موسكو الأولى كانت حواراً مفتوحاً لتقريب وجهات النظر بين وفد الحكومة والمعارضات الموجودة وأن المعارضات الموجودة أكثر وطنية من المعارضة التي التقينا بها في جنيف».

ورداً على اتهام أطراف معارضة لرئيس الوفد السوري بازدراء المعارضة ووصفها بالمعارضات، أوضح عكام أن إطلاق اسم المعارضات ليست إساءة، وقال: «هم أقروا بذلك ولم نسمها معارضة سياسية لأنه ليس لها إطار تنظيمي وسياسي واحد وهي غير متفق عليها في ما بينها»، لافتاً إلى أن «الحكومة قدمت في عام 2013 خريطة طريق لحل الأزمة في سورية، أين هي خريطتهم ورؤيتهم لحل الأزمة من الطرف المعارض بما يفسح المجال أمام نقاش الرؤيتين؟».

وأشار إلى أن نسبة التمثيل العالية في موسكو للمعارضات والتي فاقت بكثير تمثيل «جنيف- 2»، وقال: «في «موسكو- 2» أقر وزير الخارجية الروسي بأن 60 في المئة من المعارضات السورية ممثلة في المنتدى»، وأكد العكام أن «الوثيقة التي وافقت عليها الأطراف بالإجماع أقرت بموافقة الحكومة السورية على الذهاب إلى «جنيف- 3»، وقال: «الحكومة تنطلق مما تؤثر عليه من مسار موسكو ولا مانع من ذلك لكي تزيد القواسم المشتركة التي تنطلق منها في «جنيف- 3».

وعما تضمنته مبادئ موسكو حول ضرورة الحفاظ على سيادة الدولة والشعب، قال: «كلما اتفق السوريون في ما بينهم على هذا المبدأ الدستوري، كلما كان محصناً لإعادة الحال كما كانت عليه قبل الأزمة، مؤكداً أن «كل السوريين متفقون على ضرورة رفض التسويات السياسية التي تقوم على أساس المحاصصة العرقية أو المذهبية أو الطائفية بحيث لا تكون المتغيرات خلال الأزمة مدخلاً لإضعاف سورية أو لتغير شيء من الخريطة الجغرافية لسورية وتكريس هذا الوضع بغياب هذه السلطة في بعض الأماكن نتيجة وجود الإرهاب».

ورأى العكام أن وثيقة «جنيف- 2» أنها «تلغي محاولات البعض تصوير الأزمة السورية كخلاف بين أطراف متصارعة وأن البعض يريد أن يجتزئ مساحات من سورية ليجعلها تتبع الهدف الذي تجاهر به تركيا»، لافتاً إلى أن «ما يحصل في شمال سورية من ضغط يهدف إلى حصول مثل هذه الاجتزاءات».

تصعيد ما قبل التسوية

وشدد العكام على صعوبة فصل التأثيرات الخارجية من مكونات الأزمة عن تأثيراتها الداخلية في مبرراتها الداخلية وقال: «حين نجتمع مع بعضنا كسوريين حول تطور هذا البلد نؤكد عدم المس بثوابته الوطنية وأن الكيان الصهيوني هو العدو. وهذا ما تضمنته الوثيقة بما يسمح بإخراج سورية من الصراعات الإقليمية».

واعتبر أن «الحرب على سورية هي للقضاء على الدولة بكل مؤسساتها الإدارية وإعادة بناء هذه الدولة وفقاً للأهداف التي كان يريدها الغرب، كما جرى في العراق، مستذكراً أنه عندما دخلت القوات الأميركية العراق وتنصيبها حاكماً عسكرياً، أول ما قام به الأخير هو فرط الجيش والشرطة»، مؤكداً «أن هكذا فعل سيهدم دولة ويعيد بناء دولة من جديد وفقاً للأهداف التي يريدها الغرب».

وأكد العكام أن «الإنتماء الوطني هو الإنتماء الذي يوحد كل السوريين فوق أي انتماء آخر»، لافتاً «إلى محاولات لبننة سورية» وقال: «اتفاق الطائف الذي وقع عام 1989 نتجت منه ممارسات سياسية يحصد لبنان نتائجها اليوم بعد 21 جلسة لم يستطع مجلس النواب اللبناني انتخاب رئيس للجمهورية، أما في ظل الأزمة في سورية فقد صوت السوريون منتصف عام 2014 بنسبة 89 في المئة وانتخب رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد.

وأشار العكام إلى أن «الفترة المقبلة ستشهد التصعيد الأخير قبل الوصول إلى حل سياسي أي أن التركي والسعودي الآن يرميان بأوراقهما الأخيرة للضغط»، وتابع: «يعتقد التركي أنه عندما يضغط عسكرياً في الشمال والجنوب يستطيع أن يصل إلى بعض الأهداف التي لم يصل إليها في الحرب ويمكن أن يصل إليها في التفاوض الذي يريده في مكانٍ ما وهو سبب التصعيد في سورية بتنسيقٍ تركي – سعودي وموافقة أميركية»، معرباً عن اعتقاده بأن ذلك موجة التصعيد الأخيرة قبل الوصول إلى حلٍ سياسي».

نجاح موسكو

ولفت العكام الى أن «الوفد الحكومي لم يفشل في جنيف ولا موسكو بل حقق نجاحاً كبيراً وقال: «بالنسبة الى الوفد الحكومي في جنيف اتفقنا في الجولة الثانية على جدول أعمال البند الأول فيه وهو ضرورة الإتفاق على مكافحة الإرهاب وعندما التزمنا بجدول الأعمال أنتجنا وثيقة وكان الوفد يعمل على تصويب البوصلة وأن إصرار الحكومة على النقاش ضمن إطار واضح هو ما جعلنا نتوصل إلى هذه التوافقات، وأضاف: «السفير الدكتور بشار الجعفري عندما كان يؤكد ضرورة الإلتزام بجدول الأعمال لم يكن تعالياً بل كان تصويباً للبوصلة، وهذا كان مريحاً للروس ولم نتعال على أحد».

وعن رفض الجعفري تسلم قائمة الموقوفين قال عكام: «ملف المعتقلين والمخطوفين ضمن تدابير بناء الثقة والتي ستناقش في البند الثالث وعلينا أن نتفق عليه ونقدمه للآخر لكي يقدم التزامات فيه». وتابع: «قدمنا رسالة مهمة في البند الأول وسنقدم رسالة قوية للعالم في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب لننتقل إلى البند الثالث، وهي تدابير بناء الثقة ولم نتهرب من أية تفاصيل، تدابير الثقة والوثيقة التي توصلنا إليها لها علاقة بأكثر من بند وأسس العملية السياسية تم الموافقة عليها ولم نتهرب من أي بند وإنما يريد البعض أن يظهر نفسه على الأقل إعلامياً، ويقدم ملفاته مجتزأة ويرفض النقاش بكامل أبعاده وهو أسلوب أغلب المعارضين».

وأضاف: «لم نتعنت ولم نضيّع الوقت مع أحد وإنما الحوار كان معمقاً مع الجميع والبعض وصفنا بأننا لا نملك صلاحيات ووجدوا العكس وأن ما توصلنا إليه من توافقات كان من وحي الجلسة وقدمنا وثيقة مباشرة بعد الجلسة من 12 بنداً تتعلق بالإتفاق على مكافحة الإرهاب».

السعودية تغرق في اليمن

في قراءته للمشهد الإقليمي، توقف العكام عند العدوان السعودي على اليمن، معرباً عن قناعته بأن «عاصفة الحزم سوف تنعكس سلباً على حضور ودور المملكة العربية السعودية مستقبلاً في المنطقة». ورأى «أن هناك من ورط السعودية بالدخول في الخلاف اليمني ـ اليمني»، متابعاً: «السعودية تدّعي أن هناك نفوذاً إيرانياً في المنطقة تريد أن تحمي نفسها منه وكان عليها التمسك بالحوار السياسي بين كل الفصائل اليمنية الراغبة بالحوار بدلاً من العدوان».

وأوضح أن «المشكلة هي في تفكير حكام آل سعود وتأثره بـ»إسرائيل» والمحور الغربي الذي يريد تصوير أن العدو الوافد هو الإيراني ليكون بديلاً للعدو الأساسي الذي هو العدو «الإسرائيلي»، وهذا ما تنفذه السعودية وكل ما سمي بالربيع العربي هدفه إبعاد الشعوب العربية عن الهم الرئيسي المتمثل «بالعدو الاسرائيلي»، لافتاً الى «أن كل السياسات الغربية في المنطقة هي أولاً تبرير وجود «إسرائيل» على أساس ديني، ثانياً: لتجد عدواً وهمياً. لذلك السعودية لا ترى إيران إلا قوة مقابل ضعفها».

وعن رفض موسكو استخدام حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن في الشأن اليمني، اعتبر العكام أن «الاتحاد الروسي امتنع عن التصويت ولم يستخدم الفيتو ليفسح المجال بغرق المملكة العربية السعودية أكثر في الرمال، لافتاً إلى أن «ما وصلت إليه عاصفة الحزم في أيامها الأولى مختلف عما عليه الآن لأنه بدأت تتكشف الحقائق، وأن أي تصويت في مجلس الأمن في المستقبل قد يكون للاتحاد الروسي موقف آخر. وإذا استمرت الحرب على اليمن من قبل قوات آل سعود ستغرق السعودية في اليمن أكثر وتصبح حينها دولة محتلة في ما لو شنت أي حرب برية وتصبح قوة احتلال ما يضعف ويحرج السعودية سياسياً في العالم. وإذا استمرت هذه المذابح ستغرق السعودية أكثر وستكون لها تداعيات سياسية خطيرة على المملكة السعودية ويقلل من نفوذها في المنطقة أكثر مما هو عليه الآن».

يبث هذا الحوار كاملاًً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» تردد 12034.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى