حروب «دونكي سعود» العبثية…
سعد الله الخليل
فجأة، وقبل أن تكمل الحرب السعودية على اليمن شهرها الأول يعلن نجم عاصفة حزم آل سعود أحمد بن حسن عسيري انتهاء الغارات الجوية بعد سبعة وعشرين يوماً من المجازر بحق المدنيين، بتحقيق غايتها في وقف التهديد الحوثي للمملكة والدول المجاورة، بما يخالف تصريحات عسيري خلال الأيام الأولى والسقوف العالية التي طرحها بأنّ الحوثيين لن يجدوا ملاذاً أمناً يحميهم وغيرها من الأهداف التي لم يتحقق منها شيء، باستثناء الدمار والقتل بدم بارد، وهو ما اعتاد عليه آل سعود خلال حروبهم العبثية في المنطقة والتي لم تثمر سوى انتصارات وهمية في سورية واليمن والبحرين.
فشل عسيري في طلته الإعلامية اليومية الأخيرة في رسم صورة السعودي المنتصر، رغم زهوّ رايات الدول المشاركة في حرب بلاده المنتصبة خلفه والتي تعيد إلى الأذهان راية دونكيشوت في حربه العبثية ضدّ طواحين الهواء.
ربما أوحت الصحارى والرمال وأموال النفط خلال عقود من الزمن لآل سعود أنهم فرسان، وربما أوهمهتم واشنطن بذلك فصدّقوا الحكاية، وساروا في الرواية واقتنعوا بالريادة، فاختلقوا عداوة وهمية مع إيران لنقل الخيال إلى الواقع، فلا فارس بلا حرب هكذا تقول الحكاية، وامتطت الوهابية حصانها الهزيل غير القادر على المشي، ومضت مع كلّ سقوط تغيّر اسمه من «القاعدة» إلى «داعش» مروراً بـ»جبهة النصرة»، علّ الأسماء تغيّر شيئاً في الحقيقة المرة.
يتشارك آل سعود ودون كيشوت في حياة الخيال ورفض الواقع والرغبة في العيش خارج الزمان وسيطرة الرغبة على العقل، وهو ما بدا جلياً في حروبهم في سورية واليمن، رغم قدرة سلاحهم الصدئ على ارتكاب المجازر وسفك الدماء وافتعال الموبقات، حروب تثبت يوماً بعد يوم استحالة السير فيها حتى النهاية، ورغم خسارتها الواحدة تلو الأخرى فإنها تصرّ على المضيّ بعبثيتها في سبيل النصر في معركتها الوهمية مع إيران، والتي فشلت بتعطيل نجاحها النووي وتثبيت طهران كقوة نووية، بما يؤهلها للعب دور إقليمي وعالمي كبير يسمح لها بتكريس وتثبيت شراكتها في الخليج، فيما ترسخ الهزيمة السعودية دور الحوثيين المحوري في اليمن كقوة وازنة في صناعة القرار اليمني، ويمنح اليمنين الفرصة لبناء دولة حقيقية بعيداً عن التبعية السعودية، وهو ما يفسّر حجم الحقد السعودي في ارتكاب المجازر بحق أبناء اليمن.
في القاهرة تمضي الجامعة العربية في اجتماعات تشكيل القوة العربية المشتركة لمواجهة التحديات العربية المقبلة وحماية الدول المشاركة فيها من أية أخطار، كما أعلن نبيل العربي «سانشو» العصر الجديد صديق «دونكيسعود» الصدوق ورفيق حربهم والطامح لتنصيبه حاكماً أو أميراً وربما رئيساً بحسب وعد آل سعود الخرافي، العربي رأى أنّ خصوصية المنطقة العربية تمنحها حق الدفاع عن النفس في وجه عدو لم يعلنه.
أمام فشل حروب الرياض تبدو الفرصة مواتية لركوب قطار التسويات وضمان موضع على ضفافها، وربما شكّل الامتناع الروسي عن التصويت على القرار اليمني في مجلس الأمن مقدّمة تسمح للسعودية بالتراجع والانضمام إلى التحالف الحقيقي لمواجهة الإرهاب الذي خلقته في سورية والعراق، أو يترك «دونكيسعود» الفروسية ويشتغل في الرعي ويعلن أسفه عن جنونه، مردّداً ما قاله دونكيشوت: «العقل أغلى كنز يملكه الانسان وأنا أهدرته بجنوني».
«توب نيوز»