السودان دولة جاذبة للاستثمارات العربية والأجنبية وشركاتها الإنتاجية تحقق نجاحات ملموسة

تمتلك السودان موارد طبيعية متنوعة لكنها تحتاج إلى جهود لاستثمارها، فبالإضافة إلى الثروات الحيوانية والزراعية، هناك خامات المعادن المختلفة وأهمها النفط وهناك المياه والأراضي الواسعة المنبسطة التي تسهّل زراعتها باستعمال الآلات وغيرها.

وأفاد تقرير اقتصادي عممه اتحاد وكالات الأنباء العربية «فانا»، ضمن الملف الاقتصادي الشهري، بأنّ السودان «يقوم بتذليل العقبات التي تقف في وجه الاستثمار الأمثل لثرواته وطرح البدائل لها وذلك من أجل خلق واقع استثماري جيد».

وقد دفعت المزايا التي تتوفر في السودان في مجال الاستثمار، بالمستثمرين للعودة بقوة اليها ، فهناك مستثمرون من جميع الدول لا سيما دول الخليج العربي، الهند، البرازيل، روسيا وماليزيا وتركيا، كما أنّ غيرها من الدول أبدت رغبتها في الاستثمار في هذا البلد.

وجاء انعقاد الاجتماع الاستثنائي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي الذي استضافته الخرطوم يومي 21-22 آب 2013 في إطار مواصلة السودان جهوده التي يبذلها من أجل فتح أبوابه أمام المستثمرين، كما جاء وفقاً لمبادرة السودان التي أعلنها رئيس الجمهورية عمر البشير لتحقيق الأمن الغذائي العربي لدى مشاركته في القمة العربية التي انعقدت في الرياض مطلع العام 2012 وتم اعتمادها من قبل الجامعة العربية، وأتى كذلك تنفيذاً لقرار القمة العربية وذلك للوقوف على خارطة الطريق لتنفيذ المبادرة، توطئة لعرض نتائجها على اجتماع المجلس الاقتصادي نهاية العام الحالي ليقدمها بدوره للقمة الاقتصادية العامة التي ستنعقد في كانون الثاني من العام 2015 في تونس، فالسودان مؤهّل لأن يكون الدولة الجاذبة للاستثمارات العربية والأجنبية بميزاته الكثيرة، وأهمها موقعه الاستراتيجي الرابط بين أفريقيا والدول العربية، إضافة إلى كونه جزءاً من منطقة جنوب ووسط أفريقيا الكوميسا والتي يفوق عدد سكانها الـ 500 مليون نسمة.

قوانين تشجيع الاستثمار

وقد سنّ السودان العديد من القوانين والإجراءات التي صارت من أهم المميزات التي تستقطب الاستثمار للسودان وعلى رأسها قوانين تشجيع الاستثمار لعام 2013، إضافة إلى الإجراءات والقوانين التي أجيزت لتسهيل عمل المستثمرين الأجانب في البلاد، والتزام السودان بحماية الاستثمار على أعلى المستويات لإدراكه الواعي بمقدرة السودان على المساعدة في تخفيف حدّة نقص الغذاء الذي يواجه العالم، كما أنّ موقع السودان الاستراتيجي يؤهله للتوجه لإقامة مناطق حرة والتي ستتاح لرجال الأعمال وسيتم التعامل من خلالها، وهناك مساعٍ لافتتاحها عند الحدود مع أريتيريا وأخرى عند الحدود مع أثيوبيا في منطقة القلابات ومع مصر في منطقة أرقين، وأيضاً عند الحدود مع تشاد وفي كوستي مع جنوب السودان.

وإلى جانب ذلك، يمتلك السودان واحدة من أكبر خطوط السكك الحديدية في أفريقيا والتي يفوق طولها خمسة آلاف كيلو متر، ويمكن أن يعمل مع جيرانه على مدّ هذه الخطوط إلى داخل هذه الدول المجاورة مثل تشاد، وأفريقيا الوسطى ومصر. كما أنّ السودان جزء من منظومة خطوط الطرق السريعة العابرة للقارات، وهذا الربط يتيح من دون شك فرصاً واسعة للاستثمارات في مشاريع متعددة.

ووفق التقرير، «فإنّ كلّ هذه المزايا يمكن أن تجعل من السودان أكثر الدول جذباً للاستثمارات الأجنبية، ويمكن القول إنّ موقع السودان الجغرافي المميز والفريد بالنسبة لأفريقيا والعالم العربي ومجاورته لعدد من الدول يساعد على إيجاد أسواق ضخمة للمنتجات، إضافة إلى انغلاق عدد من هذه الدول وارتباط السودان مع بعض جيرانه بطرق بريه وحديدية ونهرية، أضف إلى ذلك الوضع الجيد لشبكة الاتصالات التي تؤهله وتتيح له فرصاً كبيرة للاستثمار».

ويضيف التقرير: «أما في ما يتعلق بالولايات، فلكلّ ولاية ميزات خاصة بها تبعاً للمناخ الذي تتمتع به ، فمثلا الولاية الشمالية تتمتع بميزة نسبية في زراعة القمح والمنتجات البستانية، وولاية نهر النيل تعتبر الثانية في الولايات بعد الخرطوم في جذب الاستثمار الخارجي لميزتها النسبية وموقعها الجغرافي وكفاءة الكادر الإداري العامل في إدارة الاستثمار بها، إضافة إلى وجود زراعة القمح والأعلاف والفاكهة والخضر والصناعات المرتبطة بالإنتاج الزراعي.

وفي ولاية الجزيرة التي تقع في وسط السودان، أقيم مشروع الجزيرة الذي يعدّ أكبر المشاريع الزراعية المروية وينتج العديد من المحاصيل الزراعية، أما ولاية النيل الأبيض فتمتاز بزراعة محاصيل قصب السكر والقطن وصناعة اللحوم والألبان ومشتقاتها، بينما تتميز ولاية البحر الأحمر في أقصى شرق السودان بأنّ فيها «سلع الصادر» وتقدم خدمات الوارد والسياحة، وتزخر ولاية النيل الأزرق بموارد طبيعية جاذبة للاستثمار، وتوجد في ولايتي شمال وجنوب كردفان محاصيل زراعية ومنتجات غابية وثروة حيوانية كبيرة.

كما تمتاز ولايات شمال وغرب وجنوب دارفور بالثروة الحيوانية والمنتجات الجلدية وصناعة الزيوت والصناعات الغذائية وتجارة الحدود. وتجذب ولاية الخرطوم التي تعتبر العاصمة القومية، العديد من المستثمرين وتحظى بالنصيب الأكبر من الاستثمار لما تمتاز به من بنيات أساسية وعمالة مدربة ومشروعات زراعية ووجود الأسواق والكثافة السكانية».

نماذج للاستثمارات: شركات دال

ويذكر التقرير أنّ السودان هو «من أكبر الأقطار العربية والأفريقية مساحة ورغم مواجهتها للعديد من التحديات الاقتصادية، إلا أنّ هنالك نجاحات ملموسة في دفع عملية الاقتصاد فى السودان من خلال شركاتها ذات الإنتاجية المتعددة.

وتعدّ مجموعة شركات «دال» التي يملكها المستثمر السوداني أسامة داود عبد اللطيف المؤسسة الاقتصادية الأكبر والأكثر تنوعاً في أنشطتها وأعمالها على مستوي السودان، حيث تمتد أنشطة المجموعة لتشمل ستة قطاعات حيوية، هي الصناعات الغذائية والزراعية والأعمال الهندسية والتنمية العقارية والخدمات الطبية وحقل التعليم، وتلعب كل واحدة من شركاتها ومؤسساتها دوراً ريادياً في المجال الذي تعمل فيه ولها إسهامات فى مجال التعليم، حيث بدأت الشركة بالاستثمار في مجال التعليم بتأسيس مدرسة الخرطوم العالمية عام 2004 بهدف الإسهام في تقديم خدمات تعليمية بمعايير عالمية للسودانيين وأبناء الجاليات الأجنبية المقيمين في السودان. واعتمدت الدراسة في منهجها برنامج منظمة البكالوريا الدولية الذي يتبنى أحدث الأساليب والأفكار في مجال التعليم، وتمّ تجهيز المدرسة بقاعات الرسم وصالة مكيفة للألعاب الرياضية وحوض سباحة بمواصفات أولمبية، إضافة إلى ملاعب التنس وكرة القدم ومسرح مفتوح زودت بتجهيزات حديثة في مجال تقنية المعلومات ومعامل بمعايير عالمية. كما قامت المجموعة بإنشاء مدينة «داوود عبد اللطيف» الجامعية للطالبات بتكلفة 21 مليون جنيه بمساهمة من مجموعة دال وتتسع الى 800 طالبة.

أما في مجال الطب، فقد أنشأت المجموعة شركة «دال» للخدمات الطبية المحدودة، وهي تعمل في مجال توزيع المنتجات الدوائية والتجهيزات الطبية منذ عام 1997 وأصبحت الآن وكيلا حصرياً لعدد من الشركات العالمية المرموقة في مجال الخدمات الطبية، توزع أكثر من مئة منتج طبي ودوائي في البلاد.

كما اتجهت المجموعة إلى مجال العقار وأنشأت شركة دال للتنمية العقارية في مجالات التصميم الهندسي والإنشاءات والصيانة داخل المجموعة، حيث أصبحت من المؤسسات المميزة في مجال التصميم المعماري والإنشاءات والتنمية العقارية، على مستوى السودان ونفذت العديد من المشروعات، مثالا على ذلك مبنى رئاسة المجموعة داخل المنطقة الصناعية ومصنع «دال» للألبان وشركة «سيقا».

وكان لمجموعة دال إنجازاتها في توطين الصناعة في السودان عندما أنشأت شركة «دال» للصناعات الغذائية المحدودة وهي الشركة الأكبر في مجال إنتاج وتسويق المشروبات الغازية وشركة سيقا لتصنيع وتعبئة وتوزيع المواد الغذائية وهي أنجح الشركات السودانية وأكثرها تطوراً على مستوى الإقليم وبدأت نشاطها عام 1996 كمطاحن لإنتاج الدقيق بمواصفات جودة عالمية لإنتاج القمح والدقيق في عبوات مختلفة بجانب دخولها في إنتاج الأعلاف».

كما اتجهت مجموعة «دال»، إلى جانب دورها الاقتصادي، نحو المساهمة في دعم الأسر من خلال المشاريع الإنتاجية والتزامها بالعمل على تطوير صناعة المخبوزات حيث قامت بتجربة متفردة بتأسيسها مركز المخبوزات الذي يعنى بتقديم خدمة من البرامج التدريبية المتخصصة للخبازين وقطاع المرأة لكلّ ولايات السودان عبر مدارس التدريب المتجولة، كما تبنت الشركة مشروع المخبز الأخضر الذي يهدف إلى تحويل المخابز التقليدية إلى مخابز صديقة للبيئة تعمل بالغاز الطبيعي بدلا عن الحطب، وذلك في إطار المحافظة على الغطاء النباتي وتقليل انبعاث الكربون وتوفير بيئة عمل آمنة وصحية.

ومن أنجح المشروعات لشركة دال في مجال الخدمات الزراعية المحدودة مشروع العيلفون في محلية شرق النيل على مساحة 500 هكتار ويحتوي على مزرعة نموذجية لتربية مجموعة من أفضل سلالات الأبقار وتحتوي على محلية أوتوماتيكية حديثة، كما تضم عدداً من الحقول التي تستخدم تقنية الري المحوري لإنتاج الأعلاف، إضافة الى مزرعة لتربية الأسماك ومجموعة من البيوت المحمية لإنتاج الخضار والفواكه والزهور ونباتات الزينة».

هيئة الاستثمار والإنماء الزراعي

ويلفت التقرير إلى «أنّ الاستثمار العربي فى السودان حقّق نجاحاً مشهوداً وملحوظاً حيث نجد نماذج ناجحة لاستثمارات الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في السودان، مثل برنامج نشر نظام الزراعة من دون حرث الذي أدى إلى تطوير القطاع المطري في السودان في ولايات النيل الأزرق، جنوب كردفان، النيل الأبيض، ترتّب عليه موافقة مجلس إدارة الهيئة على تأسيس صندوق تمويل صغار المنتجين برأسمال مال 200 مليون دولار بحيث تساهم الهيئة بنحو 10 ملايين بغرض توفير التمويل اللازم لصغار المنتجين لتطبيق التقنيات الحديثة وزيادة منتجاتهم من المحاصيل.

سكر كنانة

أما شركة سكر كنانة التي تستثمر في مجال زراعة وصناعة السكر، فقد كان لها دور متعاظم في الاقتصاد الوطني عبر مساهماتها المتنوعة المباشرة وغير المباشرة، وتداخلها لتحريك قطاعات أخرى فضلا عن إحداث النهضة التنموية للإنسان باعتباره الهدف الأهم عبر توفير فرص العمل والخدمات.

وتعدّ شركة سكر كنانة من أنجح مشاريع الاستثمار العربي المشترك في السودان وتمتلك أكبر مصنع لإنتاج السكر في العالم تحت إدارة موحدة حيث أنّ هدف الشركة الأساسي هو إنتاج سكر أبيض لسدّ حاجة الاستهلاك المحلي والتصدير وتطوير تقنيات صناعة السكر في السودان وإحداث تحول اقتصادي اجتماعي في منطقة المشروع.

وانطلق الإنتاج في مصنع الإيثانول في كنانة في تشرين الثاني الماضي تنفيذاً لبرامج التنوع لإنتاج 55 مليون ليتر وسيرتفع إنتاج المولا إلى 125 ألف طن وبدأ العمل في مصنع السماد العضوي ليدخل دائرة الإنتاج فى حزيران المقبل لإنتاج 200 الف طن من السماد ومن المشروعات المصاحبة، إنتاج الأعلاف من المخلفات حيث تنتج كنانة 100 ألف طن من الأعلاف سنوياً وأولت الشركة جانب الأبحاث المرتبطة بإنتاج القصب أولوية قصوى وأدخلت عينات جديدة.

كما تعمل شركة سكر كنانة في مجال اللحوم الحمراء فى اتجاهين الأول: تسمين العجول المحلية بإنشائها مشروعاً جنوب الخرطوم منطقة أم حراز لإنتاج 3,000 رأس عجل في موسم 2011/2012 قد ترتفع إلى 8,000 رأس في هذا العام، وهي تتجه لاستخدام أبقار البقارة من دارفور المعروفة بتميزها في التسمين. وتستخدم كنانة الطرق العلمية الصحيحة لتسمين الماشية ومعيار الوزن الحي لتسويق العجول المسمنة وهذه الخطوة تدفع الشركة للتعاون مع المستثمرين.

أما الاتجاه الثاني فهو يتمثل في إنتاج اللحوم الحمراء، وقد بدأت بتأسيس شركة الصفية للتسمين وإنتاج اللحوم، وستعنى بإنتاج سلالة مركبة من العجول بتركيبة مختلطة من السمنتال الأوروبي والأنجس الأحمر الإنجليزي مع أبقار الزيبو في غرب السودان.

ولم تتوقف مسيرة «كنانة» عند تصنيع وتركيب الأعلاف فقط، بل امتدت ابتكاراتها إلى إدخال حزم رؤوس القصب الأخضر الناجم عن تبني الشركة لعملية الحصاد الأخضر والتي ستكون بديلا عن عمليات حرق القصب. وهذه بدورها توفر جانبا آخر مهما، وهو مجال الأعلاف الخشنة وهي ضرورية لتغذية الحيوان ويتم حزمها آليا من الحقل مباشرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى