صحافة عبرية
ترجمة: غسان محمد
«إسرائيل» تتحول إلى «دولة عظمى» في مجال الغواصات وسلاح البحرية
في خطوة غير مسبوقة، لا بل نادرة، سمحت سلطات الجيش «الإسرائيلي» لمصور وصحافي من صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية بالدخول إلى قواعد سلاح البحرية «الإسرائيلي» وتصوير الغواصات «الإسرائيلية» الحديثة. علاوة على ذلك، تناول التقرير الذي نشر أمس الأربعاء في الصحيفة، قدرات سلاح البحرية «الإسرائيلي»، ولفت معد التقرير إلى أن سلاح البحرية بات الذراع الطويلة والسرية لـ«إسرائيل».
وقال مراسل الشؤون العسكرية في الصحيفة إنه بهدوء تام تتحول «إسرائيل» إلى دولة عظمى في مجال الغواصات، وأن انتقال سلاح البحرية إلى الذراع الاستراتيجية طويلة الباع لـ«إسرائيل»، سيكون له وزنٌ قاطعٌ وحازم في المحافظة على أمن «إسرائيل» وزيادة قوة الردع التي تتمتع بها، إذ إن سلاح البحرية، بحسب الصحيفة، سيتمكن من العمل بسرية تامة، وفي مناطق بعيدة عن السواحل «الإسرائيلية»، وبشكل هادئ وبعيد عن الأنظار، كما أنه يتمكن بوساطة الغواصات الجديدة من المكوث فترة طويلة في عرض البحر، من دون أن تتمكن الرادارات من التقاطه، على حد قول المصادر العسكرية «الإسرائيلية»، التي أضافت أن هذا التحول يأتي في ظل محدودية قوة سلاح الجو «الإسرائيلي»، بعد إبرام صفقة صواريخ «أس 300» بين روسيا وإيران.
علاوة على ذلك، تطرقت الصحيفة التي اعتمدت على مصادر أمنية في «تل أبيب»، وصفت بأنها رفيعة المستوى، مسألة تزايد اهتمام الجيش «الإسرائيلي» بسلاح البحرية، والذي يتمثل في ارتفاع رغبة «إسرائيل» للتزود بوسائل قتالية بحرية والتي باتت واضحة وجلية في الأشهر الأخيرة. وبحسب الصحيفة، فإنه إضافة إلى أربعة طرادات ألمانية جديدة، ستتزود البحرية «الإسرائيلية» بغواصتين ألمانيتين إضافيتين حتى نهاية عام 2017، وثلاثة زوارق حربية غير مأهولة مخصصة لحماية منشآت الغاز والنفط في عرض البحر الأبيض المتوسط.
ولفتت الصحيفة إلى وجود علاقة بين ذلك والاكتشافات النفطية قرب شواطئ «إسرائيل»، إذ كُلف الجيش «الإسرائيلي» بمسؤولية حماية هذه المنشآت إزاء دوائر التهديد الخارجية، وفي مقدمها التهديد الذي يشكله حزب الله اللبناني، على حد قول المصادر «الإسرائيلية».
كما أشارت الصحيفة إلى النقاش القائم إزاء ملكية الموارد في المياه الاقتصادية بين لبنان و«إسرائيل»، وهو النقاش الذي دفع نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، إلى اتهام «إسرائيل» بسرقة الثروة الغازية للبنان.
بناء على ما تقدم، أكدت المصادر أن تعاظم البحرية «الإسرائيلية» مرتبط إلى حد كبير بحماية الموارد الاقتصادية للدولة العبرية، إضافة لما يمكن أن يحدث انطلاقاً من الحلبة اللبنانية.
وفي جزء آخر من الأسباب، أثارت الصحيفة تعاظم القدرات البحرية للجيش المصري، الذي ينوي التزود بغواصتين جديدتين من ألمانيا، إضافة إلى سفن قاذفة للصواريخ اشترتها القاهرة من الفرنسيين. أما الجزء الآخر من التعاظم، فمرتبط بالتهديد الإيراني، إذ إن للغواصات «الإسرائيلية» دوراً مهماً واستراتيجياً في تحقيق المصلحة الاستراتيجية في أي مواجهة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، على حدّ قول المصادر عينها.
ومضت المصادر قائلة إن قرار الحكومة «الإسرائيلية» والجيش «الإسرائيلي» تعظيم القوة العسكرية البحرية توجّه رسالة واضحة مفادها أن اقتصاد الطاقة جزءٌ أساسي ومفصلي في الرؤية الاستراتيجية «الإسرائيلية» المستقبلية. مشيرة إلى أنه إضافة إلى حقل «لفيتان»، هناك أيضاً «كريش» و«تنين»، اللذين لم يفتتحا في البحر الأبيض المتوسط، في المياه التي تزعم «إسرائيل» أنها ضمن المياه الإقليمية التابعة لها.
كما أكّدت المصادر الأمنية في «تل أبيب» أنّ للغواصات الإسرائيلية دوراً مهماً في زيادة الرقابة على المساعي الحثيثة التي تقوم بها التنظيمات الفلسطينية لتهريب الأسلحة والعتاد العسكري إلى قطاع غزّة عن طريق البحر، إضافة إلى عمليات وصفتها المصادر بالسرية جدّاً، والتي يقوم بتنفيذها سلاح البحرية «الإسرائيلي» بعيداً عن شواطئ «إسرائيل».
… وتفشل في إقناع يهود أوروبا بالهجرة إليها
يعتبر قادة «إسرائيل» أن ما يطلقون عليه الهاجس الديمغرافي، بات يشكل خطراً استراتيجياً على «إسرائيل»، خصوصا أن عدم انسحاب «إسرائيل» من المناطق الفلسطينية المحتلة منذ عدوان عام 1967، يجعل هذا الخطر محدقاً وقريباً جدّاً. ولا تتورّع «إسرائيل» عن محاولاتها المتكررة لاستجلاب اليهود إلى فلسطين للتخفيف من هذا الخطر، ولكن محاولاتها باءت بالفشل، وفي هذا السياق كشفت سلسلة تقارير نشرتها صحيفة «هاآرتس» العبرية مؤخراً، حول الأوروبيين اليهود في أوطانهم المختلفة، كشفت فيه النقاب عن فشل المحاولات «الإسرائيلية» بحثهم على الهجرة إلى «إسرائيل»، وقالت إن غالبيتهم الساحقة جدّاً، لا تبالي بالحملات «الإسرائيلية» لتحفيزهم على الهجرة إليها، كما فشلت حملات الترهيب «الإسرائيلية» من الهجمات التي تشهدها أوروبا من حين إلى آخر، من قبل تنظيمات إسلامية متشدّدة ومن تنظيمات أوروبية يمينية متطرّفة جدّاً.
وتابعت الصحيفة قائلة إن يهود أوروبا يرفضون الخطاب «الإسرائيلي» عنهم، ويؤكدون على هويتهم الوطنية في القارة العجوز، بحسب ما ذكرت الصحيفة. بموازاة ذلك، قالت الصحيفة: تستمر معاهد صهيونية «إسرائيلية»، وبدعم من الحكومة، في وضع مخططات لتحفيز الهجرة واستيعابها «إسرائيلياً».
ويعتبر مشروع تحفيز أبناء الديانة اليهودية في العالم على الهجرة إلى «إسرائيل»، المشروع الأهم والأساس للحركة الصهيونية و«إسرائيل» على حد سواء، حيث شهد في السنوات الثماني الماضية انهياراً كبيراً، مقابل مع ما كان في تسعينات القرن الماضي، وأعاد الهجرة إلى معدلات الثمانينات، بما بين 14 ألفاً إلى 18 ألف مهاجر سنوياً، في حين أن معدل الهجرة العكسية ، أي مغادرة «إسرائيل» والعيش في الغرب، في حدود 12 ألفاً سنوياً، ولكن هؤلاء يهاجرون من دون التنازل عن الجنسية «الإسرائيلية.»
وشدّدت الصحيفة العبرية على أنه منذ عدة سنوات تعمل «إسرائيل» على استنهاض الهجرة من جديد، التي تواجه بمعوقات لوجيستية، حيث يعيش أكثر من 90 في المئة من أبناء الديانة اليهودية في أوطان مستوى المعيشة فيها أعلى بكثير من «إسرائيل»، عدا عن الاندماج. وما يزيد من قلق الصهيونية، تابعت الصحيفة، أن أعداد اليهود في العالم تتناقص سنوياً بعشرات الآلاف، وما «يعوّض» عن هذا التناقص، الزيادة السكانية في «إسرائيل».