مسقط تستعدّ للحوار اليمني… وتركيا سلّمت عنوان الدوري للاستخبارات العراقية

كتب المحرر السياسي

لليوم الثاني فشلت محاولات تصوير القرار السعودي بوقف الحرب على اليمن، كانتصار، بينما لم يتحقق شيء من أهداف الحرب، فممثلو الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في الرياض يجتمعون بسفراء السعودية وأميركا وبريطانيا المعتمدين في اليمن، على رغم تصويره في الإعلام السعودي العدو رقم واحد، وتأكيد المسؤولين السعوديين أن لا مكان له في أيّ حوار أو أيّ حلّ في اليمن. وفي المقابل بدأت الأسرار التي أحاطت بتفاصيل قرار وقف الحرب تتكشف عن المفاوضات المتسارعة التي أدّت إلى الإعلان عن وقف العاصفة، وادّعاء الانتصار، أو نسبة القرار لطلب من الرئيس اليمني المستقيل منصور هادي، حيث تفيد المعلومات المتواترة عن المفاوضات التي أدار بعضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباشرة مع الملك سلمان بن عبد العزيز، بعدما أصرّت إيران على رفض القبول بأيّ إعلان عن تسليم الثوار الأمن في صنعاء وعدن للجيش على رغم موالاته لهم، إلا بعدما تعلن السعودية وقف الحرب، لربط الأمر بإنجاز معنوي سعودي عنوانه قرار مجلس الأمن، فكان ردّ الملك الرضوخ للشرط الإيراني، وإعلان وقف الحرب مقابل تعهّد بتسليم الجيش الموالي للثوار أمن عدن وصنعاء مقابل تعهّده بتنحي منصور هادي وتسليم الرئاسة لنائبه خالد بحاح، طالباً ضمانة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتسوية، وكان اتصاله به لهذا الغرض.

مضمون التسوية السياسية الإقليمية، رسمته المواجهة الافتراضية بين السفن الحربية الأميركية والإيرانية في باب المندب، والتي أفضت إلى تكريس حق إيران بالتجوال في المضيق والتنقل بينه وبين مضيق هرمز باعتبارهما جزءاً من أمنها الإقليمي الحيوي. أما مضمون التسوية اليمنية، فقد جاء تعبيراً عن خلاصة التقاطعات بين المبادرة الإيرانية والإعلان الدستوري للثوار، وما بينهما من دعوة لحوار بلا شروط وتشكيل حكومة توافقية واسعة التمثيل، مهمّتها التمهيد لانتخابات برلمانية ورئاسية خلال سنة، بينما نقلت مواقع سعودية معلومات عن مبادرة تعدّها سلطنة عمان لحوار يمني، ربما تتولى هي استضافته في عاصمتها مسقط وتشارك في رعايته السعودية وإيران، من ضمن حضور دولي وإقليمي. وتتضمّن المبادرة، ما قالت المصادر السعودية إنه يتوافق مع أهداف عاصفة الحزم وقرار مجلس الأمن، بتسليم وحدات الجيش الأمن في المدن الكبرى، وتشكيل حكومة توافقية تتولى التحضير لانتخابات برلمانية ورئاسية ووضع مسودّة دستور جديد، وضمان عودة شرعية منصور هادي ممثلاً بنائبه خالد بحاح إلى اليمن.

في هذه المناخات السياسية، بقيت السعودية تلملم شظايا الفشل، وتواصلت الاشتباكات في مدن يمنية عدة، قامت خلالها الطائرات السعودية بالتدخل لصالح مجموعات تنظيم «القاعدة»، ما دفع بالناطق الرسمي بِاسم أنصار الله، إلى الإعلان عن عدم الاستعداد للتجاوب مع أي مبادرات قبل وقف التدخل السعودي العسكري نهائياً وفك الحصار عن الموانئ اليمنية.

مقابل ظهور مسقط كعاصمة وسطية مقبولة في جنوب المنطقة، تسعى تركيا لتبييض صفحتها، للعب دور الوسيط المقبول في الشمال، فتقدّم أوراق اعتمادها، خصوصاً مع الفشل السعودي قبل نهاية العاصفة. فقامت وفقاً لمعلومات مصادر أمنية عراقية مطلعة، بتسليم الاستخبارات العراقية المعلومات المفصلة عن أماكن وجود وتنقل نائب الرئيس العراقي السابق عزت الدوري الذي يتولى موقعاً قيادياً بارزاً في تشكيلات «داعش»، ولقي حتفه في عملية خاصة للاستخبارات العراقية قبل يومين.

لبنانياً، تتعدّد الملفات والخلافات، على الجبهات النيابية والحكومية، وتبدو خلافات الصفّ الواحد إلى اتساع، فنقلت مصادر نيابية ما وصفته بعتب رئيس المجلس النيابي نبيه بري على تكتل التغيير والإصلاح بسبب مقاطعة جلسات التشريع، من جهة والموقف التصعيدي من احتمال التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين من جهة أخرى، خلافاً لموقف قوى الثامن من آذار الذي عبّر عنه الأمير طلال إرسلان بعد لقائه الرئيس بري، بالقول كلنا ضدّ التمديد، لكننا ضدّ الفراغ أكثر، وهو ما سبق وقاله النائب والوزير السابق سليمان فرنجية.

خلافات الصف الواحد، في تيار المستقبل كانت الأشدّ ضراوة بالتلاسن بين وزير الداخلية نهاد المشنوق ونواب طرابلس المستقبليّين المتفقين في وجه المشنوق مع وزير العدل أشرف ريفي، والذين تحدّث بِاسمهم النائب محمد كبارة متناولاً المشنوق، بتشبيهه بجحا الذي لا يقدر إلا على أهل بيته، ليخرج رئيس المستقبل الرئيس سعد الحريري من واشنطن مسدّداً بوصلة التيار بالتوحّد في مهاجمة حزب الله، معتبراً أنه وضع بسبب علاقته مع إيران، لبنان في عين العاصفة.

عاد التباين السياسي من جديد بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وحلفائه في 8 آذار. وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن اللقاء الذي سيعقد بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وبين عون، سيحسم اتجاه الأمور في ما يتعلق بالتمديد للقادة الأمنيين والعسكريين، لا سيما في ظلّ ما يُحكى عن توجه 8 آذار إلى التمديد للعماد جان قهوجي على اعتبار أنّ التمديد أفضل من الفراغ.

ورداً على ما يُشاع عن أرجحية تأجيل التسريح لقائد فوج المغاوير العميد شامل روكز مقابل التمديد للعماد جان قهوجي وللمدير العام للأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، أكد أمين سرّ تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان لـ«البناء» «أنّ التيار الوطني الحر يرفض المساهمة في عمل يعتبره غير متوافق مع القانون».

وتساءلت مصادر مطلعة عبر «البناء» عن تهديد الرئيس بري بحلّ المجلس في هذه الفترة بالذات لا سيما أنّ تيار المستقبل اتخذ موقفاً عبّر عنه الرئيس فؤاد السنيورة بقوله «إنّ بري هو أفضل من يتقن لعبة البليار، ويحضرني في هذا المقام شعر عمر بن أبي ربيعة «إذا جئت فامنح طرف عينيك غيرنا لكي يحسبوا أن الهوى حيث تنظر»، وكأنه يوحي أنّ التهديد بحلّ المجلس ليس موجهاً له وأنه غير معنيّ بالأمر».

واعتبرت المصادر أنّ كلام الرئيس بري موجه إلى رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، فهو يعتبر «أن لا مبرّر لمقاطعة نواب التيار الوطني الحرّ الجلسة التشريعية، مشيرة إلى «أنّ الرئيس بري أبدى استياءه في لقاء الأربعاء الذي شارك فيه النواب نبيل نقولا، عباس هاشم، ناجي غاريوس ووليد خوري، من المقاطعة وعدم ارتياحه لهذا القرار، فقانون استعادة الجنسية لا يزال قيد الدرس والموازنة والسلسلة وقانون الانتخاب أيضاً».

وقال النائب طلال ارسلان بعد لقائه الرئيس بري: «نحن مع مبدأ التعيينات، ولا أحد يقول إننا مع التمديد، إنما بين التعيين والفراغ ماذا نفعل؟ هذا سؤال لكلّ الناس والبلد والمسؤولين. من يحمل فراغاً في المؤسسات العسكرية والأمنية في البلد»؟

ووسط ازدحام استحقاق التعيينات الأمنية وملف الموازنة لم يشعر أحد أمس بجلسة انتخاب الرئيس التي أرجأها رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الأربعاء 13 أيار، لعدم اكتمال النصاب القانوني، فالمؤتمرات الصحافية التي عقدها النواب جورج عدوان وجمال الجراح وغازي يوسف، غاب عنها ما استدعى نزولهم إلى المجلس، وحلت محله الموازنة والسلسلة.

وعلى هامش الجلسة اجتمع الرئيس فؤاد السنيورة والنواب جورج عدوان ومروان حمادة وغازي يوسف وفادي الهبر وتمّ البحث في كيفية تعاطي وزراء «المستقبل» و«الكتائب» و«اللقاء الديمقراطي» في الجلسات المقبلة مع ملف الموازنة. وكشف عدوان لـ«البناء» «أنّ الاجتماع بحث في ضمّ كلفة السلسلة إلى الموازنة من الناحية القانونية والدستورية»، وأنّ الأجواء كانت ايجابية، مشيراً إلى أنّ الاتصالات والمشاورات حققت تقدّماً بنسبة 60 في المئة عما كانت عليه مع تأييد وزراء حركة أمل وحزب الله وتيار المرده لضمّ الكلفة إلى الموازنة».

حكومياً، يجتمع مجلس الوزراء اليوم في جلسة عادية على جدول أعمالها 76 بنداً، بينها 11 بنداً مؤجّلاً من جلسة سابقة، بينها عشرات طلبات سِلف الخزينة للوزارات والإدارات العامة وفقَ القاعدة الإثني عشرية، وقبول هبات مختلفة للأجهزة العسكرية والأمنية والمؤسسات العامّة، وتطويعَ 500 مأمور متمرّن في الأمن العام.

ولفت وزير الشباب والرياضة عبد المطلب الحناوي لـ«البناء» إلى أن «الرئيس تمام سلام طرح في جلسة الثلاثاء أن تتضمن الموازنة غلاء المعيشة ويجري البحث عن إيرادات لها من خارج الموازنة، مؤكداً أن هذا الطرح هو الذي يبحث حالياً».

من جهة أخرى استبعد الحناوي أن «يؤدّي الخلاف على ملف التمديد للقادة الآمنين والعسكريين إلى أزمة حكومية، لأنّ الحكومة محكومة بالاستقرار وكلّ المكوّنات السياسية وعلى رغم كلّ خلافاتها عندما تشعر أنّ الخطر يتهدّد الحكومة تتنازل، لأنّ استمرار عمل الحكومة أولوية لدى الجميع، إضافة إلى أنّ بيان تكتل التغيير والإصلاح كان واضحاً بإعلانه أنه لن يترك الساحة لخصومه وسيواجه بإجراءات مناسبة».

وأكد «أنّ حلفاء التيار الوطني الحر من حزب الله إلى حركة أمل والوزير سليمان فرنجية أعلنوا أنهم ضدّ الفراغ، لذلك الحكومة في هذه المرحلة بالذات ممنوعة من السقوط».

إلى ذلك، بدأ رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري لقاءاته في العاصمة الأميركية واشنطن، والتقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري ورئيس قسم التخطيط السياسي في وزارة الخارجية ديفيد ماكين. وأبدى الحريري امتنانه للدعم الأميركي للبنان في مواجهة الإرهاب. وقال: «المنطقة تمرّ بأوقات خطيرة ولبنان في عين العاصفة ونحاول قدر الإمكان أن نحيّده. ولفت كيري من جهته إلى أننا ملتزمون في شكل خاص للعمل في سبيل استقرار لبنان وأمنه، ونحن قلقون حيال ضرورة ملء الفراغ في رئاسة الجمهورية».

وفي ما بدا أنه تنفيذ للمهمة التي كُلّف القيام بها في واشنطن أمل الحريري «انتقال عاصفة الحزم إلى سورية». وقال في مؤتمر صحافي: «نحن لسنا ضدّ إيران، ولكن التدخل في الشؤون العربية أمر غير مرغوب فيه»، واصفاً «التدخل الإيراني في بلداننا العربية بأنه غير بناء».

وعن الحوار مع حزب الله قال الحريري: «قدرنا أن ننجح بتحييد لبنان، وهذا ما يهمّنا في كلّ لحظات الحوار، وهذا ما أصرّ عليه أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري».

في سياق آخر، أظهرت العملية العسكرية في رومية الصراع داخل البيت المستقبلي بين وزيري الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي الذي أوكل عضو كتلة المستقبل النائب محمد كبارة شنّ هجوم عنيف على المشنوق، ورأى كبارة في تصريح أمس أنه بات ينطبق على المشنوق المثل الشعبي القائل: «جحا لا يقوى إلا على أهل بيته». وأضاف: «لا مبالغة في القول، إنّ ما جرى لموقوفي طرابلس في سجن رومية، هو أسوأ من ممارسات الإذلال في معتقل «أبو غريب» العراقي السيّئ الصيت ومعتقل «غوانتانامو» الأميركي صاحب الصيت الأسوأ».

وأسف نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري للكلام الذي صدر عن كبارة. ورأى أنّ المشنوق «يقوم بواجبه الطبيعي ويجسّد تطلعاتنا إلى إعادة هيبة الدولة».

وعلقت مصادر مطلعة على «السجال المستقبلي»، معتبرة أنّ المواقف من الصراعات الداخلية داخل «التيار» تتمّ وفقاً لمصالحهم لا يعودون بها إلى الرئيس سعد الحريري، على عكس المواقف الخارجية، التي تتطلب منهم الالتزام والتقيّد بتوجيهات الرئيس الحريري».

من ناحية أخرى، بحث بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي في مطار بيروت الدولي، قبيل مغادرته إلى أرمينيا مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في موضوع المطرانين المخطوفين. وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق أشار إلى «أنّ أيّ جهة عملية لم تتبنّ اختطاف المطرانين لكن الأمل لا يزال حياً بأنّ المطرانين على قيد الحياة، والأخبار الجيدة أكثر من الأخبار السيئة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى