السعودية وثورة البحرين واليمن
ناديا شحادة
من الصعب الحديث عن الأزمات التي تعصف بالدول العربية من دون الإشارة الى الدور السعودي في زعزعة الاستقرار في تلك البلدان إما من طريق دعم الجماعات الارهابية التي تقاتل لاسقاط النظام او من خلال التدخل العسكري في شكل مباشر مثل حربها على اليمن حيث كانت تراهن في تلك الحرب على القضاء على جماعة انصار الله ليبقى اليمن تحت سيطرة حاكم يدار من قبل السعودية وينفذ سياستها ويخدم مصالحها، ولكن حسابات السعودية لم تكن دقيقة بل كانت تعبيراً عن احتقان وردود فعل متسرعة محاولة منها لتعويض فشلها في كل من سورية والعراق والبحرين التي كان شعبها ثالث الشعوب العربية التي قررت الثورة على حكامها بعد عقود من الركود السياسي الذي صاحبه عهد اسود من الاستبداد وانتهاك حقوق الانسان على اوسع نطاق، فاندلعت الاحتجاجات الشعبية في 14 شباط 2011.
السعودية التي اتخذت قراراً في منتصف آذار عام 2011 بارسال قواتها العسكرية الى البحرين لقمع ثورة الشعب وللمشاركة في التصدي للتظاهرات السلمية وسعت لإضفاء السمة الطائفية عليها، واستطاعت ضمان مشاركة اماراتية في ذلك التدخل المعلن بينما امتنعت سلطنة عمان ودولة قطر عن ارسال قواتها الى المنامة وشاركت الكويت بقطع بحرية كدعم رمزي، وقامت السلطات البحرينية بشن حملة اعتقالات واسعة غير مسبوقة استهدفت رموز الثورة وقاداتها، وتم اعتقال الامين العام لجمعية الوفاق المعارضة الشيخ علي سلمان في 28 كانون الاول عام 2014، وأكدت قوى المعارضة الوطنية في بيان لها ان اعتقال الشيخ سلمان يأتي ضمن محاولاتها المستميتة لتقويض العمل السياسي المعارض وتكميم افواه المواطنين وهو تعدٍ واضح على الدستور وميثاق العمل الوطني، ولكن كل ذلك لم يمنع الشعب البحريني من الاستمرار في ثورته السلمية حيث الحشود ما زالت تملئ الساحات للمطالبة بابسط حقوقهم وللافراج عن الشيخ سلمان وعن جميع المعتقلين السياسيين.
المتابع لثورة البحرين يرى ان قوى الثورة المضادة وقفت ضدها منذ اليوم الاول وسعت لاجهاضها بشتى الوسائل اولى تلك الوسائل السلاح الطائفي الذي استخدم لتوصيفها وتمت تعبئة كافة وسائل اعلام قوى الثورة المضادة لعتميمه إضافة الى التدخل العسكري المباشر، ففي غضون اربعة اسابيع تدخلت القوات السعودية على امل أن يؤدي هذا التدخل لإنهاء ثورة شعب البحرين التي اعتبرت ثغرة في الجدار الخليجي، وعلى رغم كل ذلك ما زالت الثورة مستمرة الى الآن ولم تتوقف ويمكن القول ان ثورة البحرين هي الاطول عمراً فلم يمر يوم واحد من دون خروج مسيرات واحتجاجات شعبية سلمية.
وتسعى السعودية، التي تعتبر زعيمة الانظمة الرجعية في المنطقة، الى حماية مصالحها التي هي المصالح الغربية الصهيونية المشتركة نفسها وتشكيل القوة العربية العسكرية المشتركة يأتي لكسر ارداة شعوب المنطقة، ولكن السعودية على رغم كل الاموال والتكاليف التي انفقتها لمؤسستها العسكرية غير قادرة على القيام بأي اجراءات فعالة لقمع ارادة الشعوب والدليل فشلها في قمع ثورة البحرين، وهذا ما اكده الناشط البحريني حسن الجابري في 3 نيسان 2015 حيث صرح ان النظام الخليفي الجائر فشل في قمع ارادة الشعب البحريني الذي ما زال يقف بصمود وثبات امام الآلة الوحشية القمعية الاجرامية لقوات الاحتلال الاجنبية السعودية والاماراتية وقوات الامن الخليفية.
ويؤكد المتابعون على ان بعد فشل السعودية في حربها على اليمن فهي لم تستطع وقف الزخم الحوثي، فالحوثيون الذين كانوا يسيطرون على العاصمة صنعاء قبل بدء الحرب اضحوا اليوم يسيطرون على اغلب المدن اليمنية، هذا الفشل سينتج معادلات جديدة ستفرض رسم خريطة سياسية جديدة في الخليج بعيداً من الهيمنة السعودية، وسيعزز الثقة عند الشعب البحريني على استكمال ثورته التي يتطلع فيها للحرية من نظام آل خليفة الذي عليه ان يدرك ان الحل في بلاده هو جلوس البحرينيين على طاولة التفاوض بعيداً من التدخل الخارجي.