الأسرى نسيناهم المصريون والعرب والفلسطينيون في سجون العدو

د. رفعت سيد أحمد

في يوم الأسير ـ 22 نيسان الذي مرّ من دون أن نتذكّره – نقدّم الحقائق المرّة عن ستة آلاف أسير في أسوأ سجون العالم قاطبة… سجون العدو الصهيوني!

الأسرى المصريون في سجون «الاحتلال الإسرائيلي» سبعة أسرى نسيتهم مصر منذ 2003، أشهرهم الأسير محمد حسن عثمان «المتهم» بإلقاء قنابل على العدو!

الأسرى العرب… 32 أسيراً منهم 24 أردنياً شاركوا في مقاومة الوحشية «الإسرائيلية» ضدّ الشعب الفلسطيني، وتخلت عنهم حكوماتهم!

انشغلنا… نخباً سياسية وحكاماً، صحافة وفضائيات، بفتنة الصراعات العربية العربية، والتي كان أحدثها حرب اليمن التي أعلن من الرياض عن توقف عاصفتها وأعلن من صنعاء عن بداية الثأر والقصاص ضدّ آل سعود! هذه الحرب التي قلنا وما زلنا نقول إنّ المنتصر فيها مهزوم لأنّ الحصيلة هي مزيد من الدماء اليمنية العربية، والحصيلة هي أنّ هوة الخلاف والصراع المذهبي سني شيعي ستتسع، والصراع السياسي الاستراتيجي بين إيران والسعودية وأحلافهما الملتحقة بهما ستزداد حدّة وبغضاً، على حساب قضية الأمة المركزية فلسطين ! وأنّ المنتصر الأول والأخير هو السلاح الأميركي الذي يتقاتلون به، والعدو الصهيوني الذي ينوبون عنه في إضعاف بعضهم بعضاً، وتراجع قوة جيوشهم في حروب عبثية مجرمة، إنّ هذه الفتنة الدائرة منذ عام 2011 بداية ما سُمّي بالربيع العربي والتي بدأت حربها الأهلية التي أسماهم العملاء ثورة في سورية ثم في ليبيا فاليمن كأن أحد أبرز نتائجها هو نسيان كلّ أطراف الربيع العربي لفلسطين، التي لم تعد هي القضية المركزية للأمة، ولم يعد شعبها هو الشعب المعلم كما كان، وأضحت حركات المقاومة بها موضع اتهام وانحرف البعض بها عن طريق الجهاد الحقيقي ضدّ العدو الصهيوني، وبات شهداؤها ومقاتلوها الشرفاء، مكروهين من الفلول المجرمة العائدة على الدبابات الأميركية وصواريخ مشايخ الفتنة في الخليج وخارجه، والداعين إلى وهم اسمه ثورات ربيع عربي من غير فلسطين! فلا جاء الربيع ولا عادت فلسطين.

إنّ الأهمّ في ملف ضياع فلسطين هو ملف أسرى المقاومة والشعب المدافع عن أولى القبلتين وثالث الحرمين، الذين أضحوا منسيّين في غياهب السجون الصهيونية، لا يتذكرهم أحد، خصوصاً في يوم ذكراهم، يوم الأسير 22 نيسان من كلّ عام ، لم يعد أحد يتذكرهم لأننا انشغلنا بالفخ اليمني الذي قيل إنّ عاصفته عاصفة الحزم توقفت وفي الواقع أنها قد بدأت الآن فقط وربما ستستمرّ لعقود .

المهم، لقد نسينا الأسرى في يوم عيدهم، ولكننا اليوم نعيد تذكّرهم، بهدف إعادة ضبط البوصلة، بوصلة الصراع الحقيقي في المنطقة، صراعنا مع العدو الصهيوني. فماذا عن الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون العدو؟

الأسرى: القائمة الكاملة

تحدّثنا الحقائق القادمة من فلسطين اليوم نيسان 2015 أنّ عدد الأسرى في سجون الاحتلال قد وصل إلى ما يقارب من 6500 أسير فلسطيني من كافة فئات وشرائح المجتمع، يتوزّعون على 23 سجناً ومعتقلاً وخريطة، هؤلاء الأسرى كالتالي: 370 أسيراً من قطاع غزة، 600 أسير من القدس وأراضي الـ48، 5600 أسير من الضفة الغربية المحتلة، 32 أسيراً من العرب من جنسيات مختلفة.

الأسرى الإداريون: ارتفع عددهم في الشهور الأخيرة ووصل إلى 500 معتقل إداري.

أما عن توزيع الأسرى بحسب الفئات:

الأسيرات: هناك 26 أسيرة في سجون الاحتلال من بينهن: 3 قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 18 سنة، 5 مريضات يعانين من أمراض مختلفة، ولا يتلقّين العلاج المناسب، 7 محرّرات اعتقلن سابقاً، منهن 4 تحرّرن ضمن صفقة وفاء الأحرار، 10 أسيرات محكومات، أعلاهن حكماً الأسيرة لينا الجربوني ومحكومة بالسجن لمدة 17 عاماً، ومعتقلة منذ 2002.

أما عن الأسرى من الأطفال: فهناك 250 طفلاً لم تتجاوز أعمارهم الثامنة عشر، بينهم 140 محكوماً، والباقي موقوفون ينتظرون المحاكمة.

أما نواب البرلمان الأسرى فهناك 13 نائباً من نواب المجلس التشريعي الفلسطيني، معظمهم يخضعون للاعتقال الإداري، واثنان يخضعان لأحكام مرتفعة، وزير واحد سابق هو الوزير وصفي قبها من جنين، 65 أسيراً من محرّري صفقة وفاء الأحرار أعاد الاحتلال اختطافهم مرة أخرى – العشرات من قادة التنظيمات والأكاديميين والوجهاء.

أما الأسرى المرضى: فهناك 1200 أسير مريض في سجون الاحتلال من بينهم: 24 أسيراً يعانون من السرطان، 44 يعانون من السكري، 21 معاقاً حركياً ونفسياً، 5 أسرى يعانون من مرض ضمور العضلات، 15 أسيراً يعانون من الفشل الكلوي، هنالك 16 أسيراً مقيمون في شكل دائم في ما يُسمى «مستشفى الرملة» أصحاب أخطر الأمراض.

أما الأسرى القدامى: فلا يزال الاحتلال يحتجز 30 أسيراً من القدامى، أيّ المعتقلين منذ ما قبل اتفاق أوسلو في 1993، أقلهم أمضى 20 عاماً في السجون وقد رفض الاحتلال إطلاق سراحهم ضمن الدفعة الرابعة من بينهم: 9 أسرى من الضفة الغربية، 2 من قطاع غزة، 14 من المناطق المحتلة عام 1948، 5 أسرى من القدس المحتلة.

أما شهداء الحركة الأسيرة فبلغ عددهم حتى اللحظة 206 شهداء، منهم: 72 شهيداً ارتقوا نتيجة التعذيب، 53 نتيجة الإهمال الطبي – 74 نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال، 7 بأعيرة نارية داخل السجون.

الأسرى العرب.. والمصريون

لعلّ ما لا يعرفه الكثيرون من المتابعين لقضايا الأسرى في فلسطين أنّ ثمة أسرى عرباً داخل سجون العدو الصهيوني وأنهم يتعرّضون لذات الإجرام الصهيوني الذي يتعرّض له الأسرى الفلسطينيون، وقبل أن نوثق أعدادهم دعونا نتذكر الأسير اللبناني الأشهر يحيى سكاف والأسيرة المغربية نادية البرادلي، وغيرهما من المجاهدين العرب، والعمليات البطولية التي قاموا بها ضدّ العدو الصهيوني منذ السبعينات وحتى اليوم. ثم نعود إلى أعدادهم في سجون العدو حيث يوجد اليوم 32 أسيراً عربياً داخل سجون العدو منهم 7 مصريين، و24 أسيراً أردنياً، بينهم الطفل محمد مهدي سليمان الذي اعتقل من نابلس حيث تسكن والدته بتاريخ 15/3/2013، وهو يبلغ من العمر 16 سنة فقط، وتمّ الاعتداء عليه أمام والدته وإخوانه، أما الأسرى المصريون فغالبيتهم من سكان محافظات سيناء والذين يتهمهم الاحتلال بإدخال السلاح إلى قطاع غزة وأقدمهم الأسير محمد حسن عثمان السيد من سكان القاهرة وهو معتقل منذ 2003، ومحكوم بالسجن لمدة 13 عاماً، بتهمة إلقاء قنبلة على دورية للاحتلال على حاجز أبو هولي وسط قطاع غزة.

وأشار رياض الأشقر – وهو الناطق باسم مركز أسرى فلسطين – إلى أنّ دماء الأسرى العرب اختلطت بدماء الأسرى الفلسطينيين حيث ارتقى عدد منهم شهداء خلال مسيرة الحركة الأسيرة، بينهم الأسير المصري حسن السواركة من العريش، والذي ارتقى في سجن عسقلان نتيجة التعذيب في عام 1972، كذلك الأسير السوري عمر شلبي الذي سقط في سجن عسقلان نتيجة التعذيب أيضاً عام 1973. بينما ارتقى بعد التحرّر الأسير سيطان الولي من الجولان، نتيجة الأمراض التي أصيب بها في سجون الاحتلال، والأسير المحرّر هايل أبو زيد الذي عانى من مرض السرطان خلال فترة اعتقاله.

وأضاف الأشقر أنّ من بين الأسرى العرب الذين يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد مدى الحياة وأبرزهم الأسير الفلسطيني الذي يحمل الجواز والرقم الوطني الأردني عبد الله البرغوثي، وهو صاحب أعلى حكم في العالم 67 مؤبداً ومعتقل منذ عام 2003، والأسير الأردني مرعي صبح أبو سعيدة ومحكوم بالسجن المؤبد11 مرة، ومعتقل منذ عام 2004، والأسير الأردني منير عبدالله مرعي 5 مؤبدات، والأسير الأردني هشام أحمد كعبي 4 مؤبدات.

واعتبر الأشقر أنّ حكومتي الأردن ومصر مقصرتان في شكل واضح في الاهتمام بأسراهم في سجون الاحتلال، على رغم توقيعهما على معاهدة سلام مع الاحتلال والتي بموجبها لا بدّ من إطلاق سراح كافة الأسرى، وقد اضطر السفير الأردني لدى الاحتلال خلال إضراب الأسرى الأردنيين عن الطعام وتحت ضغط شعبي منتصف عام 2013 إلى زيارة عدد منهم، وهي الزيارة الأخيرة التي كانت لهم. وطالب مركز أسرى فلسطين الحكومتين الأردنية والمصرية، وكذلك الجامعة العربية بالعمل الجادّ لإنقاذ حياة هؤلاء الأسرى والضغط على الاحتلال وإلزامه بتأمين زياراتهم وتوفير كافة احتياجاتهم الحياتية، والإفراج عنهم التزاماً بوثيقة السلام الموقعة بين الدولتين وسلطات الاحتلال.

تساؤلات لحكومة محلب عن أسرانا!

السؤال الآن بعد معرفة أنّ لدينا أسرى في سجون «إسرائيل»: هل يا ترى هناك في حكومة محلب المصرية التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان المصري، وبخاصة وزارة خارجيتها النائمة في العسل، من سيهتمّ بهؤلاء الأسرى؟! وهل يعلم رئيس الوزراء الهمّام أنّ سعيهم للإفراج عنهم سوف يمثل خطوة مهمة على صعيد توحيد أهل سيناء ووقوفهم إلى جانب حكومته ضدّ الإرهاب الداعشي؟ لأنه إذا استطاعت حكومتنا الإفراج عنهم فإنّ عوائلهم وقبائلهم في سيناء سيعتبرون هذا جميلاً عظيماً تقدّمه الحكومة لقبائلهم وسيكونون عوناً لنا في مواجهة إرهاب «داعش» ولاية سيناء التي هي بالتأكيد منتج «إسرائيلي» مزروع في قلب سيناء بهدف خدمة «إسرائيل» باسم الإسلام، والدين منه براء؟! هل يتحرك وزير خارجية مصر سامح شكري ليدخل معركة مواجهة الإرهاب في سيناء من هذا الباب الجديد والمهمّ، باب الإفراج عن الأسرى المصريين في سجون العدو الصهيوني، لكي ينضمّوا لنا هم وعوائلهم في مواجهة إرهاب جماعات التكفير داعش وأخواتها التي تتاجر بقضيتهم لدى قبائل سيناء؟

وأيضاً، متى يلتفت العرب، والقيادات الفلسطينية في غزة ورام الله، ولو من زاوية الاهتمام الإنساني بقضيتهم الرئيسية المنسية قضية فلسطين؟ ومتى يجعلون من أحد أبرز ملفاتها ملف الأسرى، قضية ذات أولوية تتجاوز جلسات الدردشة البائسة في جامعة الدول العربية التي صارت سيفاً على حقوق العرب وليس سيفاً لهم؟ متى يخرجون من فتنة سورية وليبيا واليمن، لتتجه ببوصلتهم إلى المكان الصحيح، والعدو الصحيح العدو الصهيوني؟

أسئلة برسم المستقبل وإنْ كنت أشك أنّ أحداً من هؤلاء العرب الحاكمين – ومن تلك النخب التائهة والبائسة – يملك قراره المستقلّ لكي يجيب عن تلك الأسئلة، بصدق، ونخوة عربية مفقودة!

E mail : yafafr hotmail. com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى