خال «الغلابة»!

«يوم سمعنا خبر موتك بعد العصر،

ساعتها عرفنا أن الناس الزينة بتخلص منك يا مصر».

كلمات قالها الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي في وداع جمال عبد الناصر، وتقال بكلّ صدق في رحيله. فهو صاحب الكلمة المنسابة رقراقة كالنيل في الحبّ كما في الحرب. من بنت جبيل إلى القدس والسدّ العالي. هو «خال الغلابة»، مصريين وعرباً. رحل كما كان يتمنّى أن يفتح الباب للموت ليموت دفعة واحدة لا بالتقسيط كما كتب في قصيدته «عمة يا منة».

عرفت الأبنودي من خلال الصديقة الناشطة الفلسطينية المناضلة صابرين دياب في فترة تأسيس مشروع «توب نيوز». وكان اتفاق معه ومع الشاعر سميح القاسم أن تحمل الخدمة اسم الأبنودي في مصر والقاسم في فلسطين، لكن سوء السلطات حال بيننا وبين هذا التعاون. وتحادثنا مرّات بعدئذ، وكان الخال الذي شرّفني بتعبيره الصعيديّ عن ملاحقته ما أكتب وأقول، يبلغني تحياته للمقاومين الذين «رفعوا روسنا وبيّضوا وجوهنا ربنا يبيّض وجوههم يوم القيامة».

ما لا يعرفه الكثيرون عن الأبنودي أنه إضافة إلى ما كتب في السياسة والقضايا العامة، كتب بعضاً من أجمل أغاني الحبّ والغزل التي نحفظها ونردّدها ونادراً ما ننتبه إلى أنه كاتب كلماتها.

من أغنية «ساعات» للراحلة صباح، وأغنية «دواير» للفنان مروان خوري، إلى أغنية «قلبي ما بيشبهنيش» للفنان محمد منير، وصولاً لرائعته للفنانة القديرة نجاة الصغيرة «عيون القلب سهرانة»، التي لحّنها الأستاذ الكبير الموسيقار محمد الموجي، وليس انتهاءً بأغنية ماجدة الرومي «جايي من بيروت».

دمعة للأبنودي وحشرجة صوت في الوداع الذي خسرنا معه قلباً دافئاً وروحاً متدفقة وعقلاً ألمعياً… لك وحشة يا خال!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى