أصدقاء الشعب السوري يتمنّون إبادته!

جمال العفلق

منذ انطلاق العدوان السعودي على اليمن، لم يتوقف حلفاء السعودية ومن يسمون أنفسهم أصدقاء الشعب السوري من العرب إطلاق أمنياتهم عبر تصاريح نارية في نقل ما يسمى عاصفة الحزم إلى سورية. هذه الأمنيات تحولت إلى تصاريح صحافية وسياسية لم يتردّد مطلقوها في الإعلان عنها نزولاً عند رغبة السعودية وأميركا، مستندين إلى تصريحات أدلى بها الرئيس الأميركي باراك أوباما، منذ أسابيع للصحافي توماس فريدمان، والتي ترك فيها لقادة بعض العرب «اتخاذ المبادرة»، مطمئناً إياهم لـ«وجود دعم أميركي من الخلف». هذه التصريحات قالها علانية السفير السعودي في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي ولم يكن يتوقع ردّ السفير السوري بشار الجعفري الذي لم ينتظر، بدوره، العودة إلى القيادة في دمشق وأعلن قبول هذا التحدي الذي سيدفع من يقدم عليه الثمن غالياً.

وبالعودة إلى تصريحات أصدقاء الشعب السوري المطالبين بنقل ما يسمى عاصفة الحزم إلى سورية، نجد أنّ هؤلاء لم يفهموا جيداً نتيجة العدوان على اليمن. فإذا كانت السعودية ادّعت أنّ العملية حققت أهدافها المعلنة، فإنّ الحقيقة هي عكس ذلك تماماً، فالعدوان على اليمن لم يحقق أي شيء عملي رغم أنّ تكلفته تجاوزت مبلغ العشرين مليار دولار. كما أنّ عبد ربه منصور هادي لن يعود رئيساً لليمن، أما الحوثيون المستهدفون في العملية فلم يتراجعوا أو يتقهقروا كما كان متوقعاً. وقد يكون هناك شيء واحد منجز حتى الآن ولكنه لن يدوم طويلاً، فاليمن أصبح غزة ثانية وهو محاصر براً وبحراً وجواً، لكنّ هذا الحصار لن يدوم.

إنّ من يدّعون أنهم أصدقاء الشعب السوري والذين يحرضون على تدمير سورية واحتلالها وتقسيمها لم يفهموا التاريخ جيداً، وما زالت تصريحاتهم الصبيانية ومراهقتهم السياسية تسيطر على عقولهم. يعجبهم أن يشتمهم الناس ويسعدهم أن يشاهدوا صورهم على الشاشات، بغضّ النظر عن جوهر ما يقولونه وهم بذلك ليسوا إلا أدوات تنفذ تعليمات الأسياد. قد تكون هناك حرب شاملة ولن تكون سهلة كما يتصورها أو يصورها البعض، لكنّ هذه الحرب التي ستعيد الجميع مئة عام إلى الخلف ستكون في صالح السوريين لسبب بسيط وهو أنّ هذه الكيانات لم تكن موجودة قبل مئة عام.

إنها ليست المرة الأولى التي يطلب فيها العرب أو بعضهم من الغرب احتلال سورية، فبعد احتلال بغداد هناك من طلب من وزير الدفاع الأميركي التوجه إلى دمشق وإسقاطها أسوة بشقيقتها بغداد.

وبالعودة إلى ردّ السفير الجعفري على مندوب السعودية في مجلس الأمن، فقد كان ترجمة لنبض الشارع المقاوم في سورية ولم يكن رداً ديبلوماسياً أو استعراضياً، لأنّ السوريين وبالرغم من جراحهم اليوم لن يقبلوا بأي شكل من أشكال التدخل الخارجي، ومن يدعي أنه يمثل الشعب السوري ويطلب احتلال سورية فليتفضل وينزل إلى الشارع السوري لنرى جميعاً أين هي القاعدة الشعبية التي يمثلها.

أما القوى التكفيرية المدعومة من تركيا والسعودية وأميركا، فلن تتمكن من السيطرة على سورية جغرافياً، وما يحدث اليوم على خطوط التماس المباشرة يدلّ على أنّ هذه القوى هي مجموعات مرتزقة لا يحمل أكثرها الجنسية السورية ومسألة التخلص منها ليس بالأمر الصعب ولا المستحيل. فعلى ماذا يعتمد أصحاب الدعوات والمسوقين لعاصفة «حزم « سعودية تقصف المدن السورية؟

بات واضحاً أنّ مهمّة مندوبي السعودية في المدن العربية هي التسويق للفوضى الخلاقة، وفق النظرية الأميركية، التي تهدف إلى تدمير المدن وضرب البنى التحتية ونشر الدمار ومن ثم الوقوف جانباً، كما حدث في ليبيا التي لا يعرف أحد متى تنتهي الحرب فيها وما إذا كانت تلك الحرب ستشكل نواة للعصابات التي ستضرب بلداناً مجاورة، وخصوصاً الجزائر التي ما زالت خارج لعبة الدمار المنظم الذي قادته الصهيونية العالمية تحت اسم الربيع العربي.

كان أجدر بمن يدعون أنهم أصدقاء الشعب السوري أن يدعوا دول الجوار إلى إغلاق المعابر غير الرسمية التي يتدفق منها المرتزقة والسلاح. كان الأجدر بهم أن يقولوا للمرتزقة الذين يبحثون عن جثة الجاسوس «الإسرائيلي» كوهين أن يوقفوا بحثهم، فالدماء السورية أغلى بكثير من جثة جاسوس صهيوني. كان أجدر بأصحاب هذا الشعار بالإضافة إلى المعارضة التي باعت نفسها للدولار أن يتحدثوا عن بواخر الموت في المتوسط وتجار البشر الذين يخطفون الشعب السوري ويسرقون أمواله ويبيعونه حلم الوصول إلى أوروبا.

أثبتت الحرب على سورية أنّ أصدقاء السوريين الحقيقين هم المتمسكون بوحدة الأرض السورية والشعب السوري الذين لا يتحدثون عن سورية الطائفية، بل سورية المجتمع الموجودة على هذه الأرض منذ آلاف السنين.

لم يقرأ أعداء سورية ومرتزقتهم، وخصوصاً ما يسمى الائتلاف السوري المعارض، تاريخ سورية فتجاهل ما يسمى معارضة سورية ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي واستقلال سورية هو دليل على غرق هذه المعارضة الرخيصة في مشروع مسح الذاكرة الوطنية للشعب السوري وتجاهل نضال السوريين بكلّ أطيافهم، حيث لم تذكر كلمة أقلية وأكثرية، بل كلمة سوريين من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب. ولن يكتفي السوريون بقطع يد من يعتدي عليهم إن فكر في الاعتداء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى