بريطانيا تبحث في تقييد الإنترنت تحوّطاً من الإرهاب

بعد أيام من اعتقال أربعة بريطانيين في مدينة برمنغهام للاشتباه في ارتباطهم بأنشطة إرهابية في سورية، كما أعلنت السلطات في لندن. بدأت حكومة ديفيد كاميرون بحث ما إذا كان من الضروري استصدار قوانين من شأنها التصدي لمشكلة البريطانيين الذين يقاتلون في صفوف المعارضة السورية المسلحة، وسط تحذيرات من أنهم سيشكلون خطراً أمنياً كبيراً حال عودتهم إلى المملكة المتحدة.


كما يجري مسؤولو وزارة الداخلية اتصالات مع الشركات المقدمة لخدمات الإنترنت في بريطانيا محادثات، بهدف التوافق على فرض قيود تحول دون تصفح البريطانيين لمواقع إلكترونية تحتوي على تسجيلات مصورة لانتحاريين أو مضامين متطرفة تُبث من خارج البلاد. وعلمت المصادر أن الوسائل التي يجري بحثها في إطار هذه الاتصالات، تُطبق حالياً بالفعل بشكل جزئي في ما يتعلق بحجب المضامين الإباحية عن الأطفال البريطانيين. ومن غير المعروف بعد ما إذا كانت هذه الجهود ستُكلل بالنجاح أم لا، في ضوء اعتراضات نشطاء حقوقيين على فرض قيود على تصفح الشبكة العنكبوتية، خشية أن يشكل ذلك مساساً بالحريات العامة. ولكن المسؤولين الأمنيين البريطانيين يردون على هذه المخاوف بالقول إن فرض أي قيود «سيستهدف حماية مواطني المملكة المتحدة» ما يعتبرونه «خطراً داهماً قد تتعرّض له البلاد، مع أي عودة محتملة للمئات من ابنائها، الذين يحاربون حالياً ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد» بحسب تعبيرهم.

تهديد وخطورة

وفي هذا الإطار، اعتبر قائد وحدة الأمن ومكافحة الإرهاب في الحكومة البريطانية تشارلز فار أن «التهديد الإرهابي الناجم عن وجود المقاتلين البريطانيين، الذين ينضوون في الأغلب تحت لواء تنظيمات متطرفة في سورية، هو الأخطر الذي يواجه أجهزة الأمن والاستخبارات في بلاده منذ هجمات 11 أيلول 2001 التي ضربت الولايات المتحدة». وكشف فار في تصريحات صحافية النقاب عن أن «عدد الأجانب المنخرطين في الحرب السورية يفوق أعداد من انخرط منهم في أي نزاع مسلح آخر منذ الحرب التي خاضها المجاهدون الأفغان ضد الاتحاد السوفييتي السابق في ثمانينات القرن الماضي، بما في ذلك القتال الذي دار في العراق بعد غزوه عام 2003». وأشار المسؤول الأمني البريطاني الرفيع إلى أن «مبعث الخطورة في ما يجري الآن على الأراضي السورية، يكمن في عدد المجموعات الإرهابية الضالعة في القتال هناك وحجمها، وكذلك عدد من خرجوا من بريطانيا للانضمام إلى هذه المجموعات».

عدد ومخاوف

وبحسب تقديرات بريطانية شبه رسمية يبلغ عدد الأصوليين البريطانيين في سورية أكثر من 300 شخص، وهم يشكلون، بحسب ما قالت مصادر استخبارية في لندن، الجانب الأكبر من المقاتلين الغربيين في سورية. وفي محاولة لتقليص أعداد العائدين من هؤلاء المقاتلين إلى بريطانيا، بدأت السلطات بتجريد بعضهم من الجنسية، وهو ما شمل خلال الشهور الماضية 20 بريطانياً العديد منهم من أصول شرق أوسطية. ولكن مخاوف الأوساط الرسمية في لندن من تزايد تدفق الشبان البريطانيين على ساحة المعارك في سورية، تزايدت في ضوء أرقام نشرت حديثاً، وكشفت أن كانون الثاني شهد وحده ضبط 16 شخصاً، بينهم فتاة، للاشتباه في علاقتهم بأنشطة ارهابية متصلة بالصراع السوري، مقارنة بـ24 شخصاً ضبطوا للسبب نفسه خلال عام 2013 بأكمله. وبحسب المسؤول عن وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة العاصمة لندن ريتشارد والتون، فإنه «من المرجح أن يسعى البريطانيون الذين شاركوا في الحرب السورية إلى تنفيذ هجمات على تراب بلادهم أو دول غربية أخرى حال عودتهم من سورية».

تشدّد

ويقول خبراء في شؤون الجماعات المتشددة في لندن إن خطورة عودة الأصوليين البريطانيين من سورية تتمثل في حقيقة أن الحرب المستمرة هناك منذ نحو ثلاثة أعوام أدت إلى صقل القدرات القتالية لمثل هؤلاء الأشخاص الذين خاضوا هناك قتالاً شرساً استخدموا خلاله العديد من طرازات الأسلحة والمتفجرات، علاوة على أن الوجود في ساحة معارك يغلب عليه الطابع المذهبي ما أدى إلى أن يطرأ على أفكار البريطانيين المقاتلين في الأراضي السورية نزوع حتمي باتجاه التشدد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى