تقرير

رفضت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، نشر إعلان لعدد من المنظمات الأهية التركية الأميركية حول أحداث عام 1915، يحثّ على التصالح بين الأتراك والأرمن، مدّعية أنها تراه «انتهاكاً للحقيقة التاريخية الكبرى».

وذكر مراسل «وكالة الأناضول» أن لجنة تضمّ تحت لوائها ما يقارب 150 منظّمة أهلية تركية ـ أميركية في الولايات المتحدة، تقدّمت إلى الصحيفة المذكورة بنشر إعلان حول أحداث عام 1915، تحت عنوان «رسالة من الأتراك ـ الأميركيين وأصدقاء تركيا للرئيس باراك أوباما وأعضاء الكونغرس»، لكن الصحيفة رفضت نشره، مشيراً إلى أن الإعلان نُشر أمس في صحيفة «واشنطن بوست».

وعن سبب رفضها الإعلان قالت الصحيفة لمراسل الأناضول: «نحن لا ننشر أيّ إعلانات تسفّه حقائق تاريخية مثل هجمات الحادي عشر من أيلول، والهولوكوست والإبادة الأرمينية، والمجاعة في إيرلندا، وممارسة العبودية في الولايات المتحدة الأميركية».

وذكر مايكل هايدن من قسم الإعلانات في الصحيفة، أنهم كانوا يرغبون في نشر الإعلان، لكن القسم القانوني قال إن نصّ الإعلان يتنافى مع سياسة الصحيفة التحريرية المستمرة منذ خمس سنوات.

وفي تصريحات أدلى بها لـ«الأناضول»، ذكر إبراهيم أويار، الرئيس المشترك للجنة التوجيه الوطنية التي تضمّ ما يقارب 150 منظّمة أهلية تركية أميركية التي رغبت في نشر الإعلان، أنهم شعروا بخيبة أمل كبيرة لرفض النشر. مضيفاً: «نحن كنّا نعتقد أن الولايات المتحدة دولة يتمتع فيها الإعلام بحرّية، وحيادية، ويعطي الحق للجميع في التعبير عن آرائهم، لكننا تعرّضنا لخيبة أمل كبيرة، لأن حقيقة الأمر عكس ذلك».

ولفت أويار إلى «أننا في نصّ الإعلان ندعو إلى السلام والتضامن والتصالح، وأن نصبح أصدقاء من خلال تنحية آلام الماضي جانباً. هدفنا حلّ المشكلة بسلام وتضامن. قلنا إنّه على المؤرخين أن يعطوا هم قرارهم حول حقيقة هذه الأحداث، لكن مع الأسف لم يقبلوا هذا، وردّوا علينا برفضهم الإعلان الذي يقولون إنه ينتهك الحقيقة التاريخية الكبرى».

ونُشر الإعلان في صحيفة «واشنطن بوست»، وهو يذكر أنّ الأرمن والأتراك والعرب يحيون جميعاً في الـ24 من نيسان 2015 أي أمس الجمعة ـ الذكرى المئوية الأولى لأحداث عام 1915، الذكرى المئوية لتلك المأساة التي راح ضحيتها الملايين من شعوب كانت تحت سيطرة الإمبراطوية العثمانية في ذلك الوقت.

وتابع الإعلان: «الشعب التركي، والمواطنون الأتراك ـ الأميركيون، يدركون جيداً آلام هؤلاء البشر بمن فيهم الأرمن، ونحن في هذه المناسبة في حالة حداد من أجل ضحايا تلك الأحداث جميعاً من دون تفرقة». مشيراً إلى أنّ لا إجماع أكاديمياً على صحة المزاعم التي يروّجها الأرمن في خصوص تلك الأحداث.

ولفت الإعلان إلى أن عدداً كبيراً من الأكاديميين الدوليين رفضوا وصف تلك الأحداث بـ«الإبادة العرقية»، مضيفاً: «… ولا شكّ أن تسييس تلك الأحداث التاريخية سيشوّه إحياء ذكرى من لقوا حتفهم في الحرب، هذا إلى جانب أنه سيفسد أيّ فرص للتصالح بين الأرمن والأتراك».

وأوضح أن «حملة الكراهية التي تشنّها الجماعات الأرمينية منذ عشرات السنين في عدد من دول العالم ومنها الولايات المتحدة، مستهدفة المواطنين الأتراك، تسببت في مقتل عدد من الدبلوماسيين الأتراك الأبرياء على يد أصوليين من الأرمن»، مشدّداً على ضرورة انتهاء «هذه الحلقة المفرغة».

وأفاد البيان أن هناك صداقة بين الأرمن والأتراك ويتقاسمون تاريخاً من التعاون والصداقة والاحترام يبلغ عمره 900 سنة. مطالباً كافة الأطراف بضرورة البحث عن مستقبل مشترك يؤدّي إلى السلام، من دون الانكباب على الماضي وما حدث فيه.

يذكر أن الأرمن يطلقون بين الفينة والأخرى نداءات تدعو إلى تجريم تركيا وتحميلها مسؤولية تعرّض أرمن الأناضول إلى عملية إبادة على يد الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى، أو ما يعرف بأحداث عام 1915.

وفي المقابل اقترحت تركيا، على لسان حكومتها منذ مطلع الألفية الثالثة، تشكيل لجنة من المؤرّخين الأتراك والأرمن، لتقوم بدراسة الأرشيف المتعلق بأحداث 1915، الموجود لدى تركيا وأرمينيا والدول الأخرى ذات العلاقة بالأحداث، لتعرض نتائجها بشكل حياديّ على الرأي العام العالمي أو إلى أيّ مرجع معترف به من قبل الطرفين، إلا أن الاقتراح قوبل برفض من يريفان التي تعتبر الإبادة قضية غير قابلة للنقاش بأيّ شكل من الأشكال. وتقول تركيا إنّ ما حدث في تلك الفترة «تهجير احترازيّ» ضمن أراضي الدولة العثمانية بسبب عمالة بعض العصابات الأرمينية للجيش الروسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى