دي ميستورا يهيّئ لجنيف في تموز رهاناً على حلحلة تشهدها المنطقة مجلس الأمن يبحث الاثنين وضع اليمن ويكتفي بتعيين موريتاني مبعوثاً

كتب المحرر السياسي

تستقطب نيويورك الأضواء مجدّداً، في الملفين السوري واليمني بالتوازي، فنهاية الحرب السعودية بالطريقة الدراماتيكية التي لم يحصد معها السعوديون شيئاً، سوى تكريس شراكة من يعتبرونهم خصوماً من اليمنيين، وتكريس موقعهم كطرف في الأزمة اليمنية، بعدما كانوا مرجعية للحلّ، وتكريس دور إيران الإقليمي براً وبحراً، سياسياً وعسكرياً، بتثبيت حضورهم في مياه البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وشراكتهم في الحلّ المنشود للأزمة اليمنية.

على خلفية هذا المشهد اليمني، سينعقد مجلس الأمن يوم الاثنين للبحث في قراره 2216 الصادر وفقاً للفصل السابع لسماع إيجاز من الأمين العام، كانت تروّج السعودية أنه سيتضمّن الدعوة إلى عقوبات على الحوثيين لعدم تطبيق ما نص عليه القرار، بعدما وزعت توقعات عن رضوخ خصومها اليمنيين لما تتوقعه منهم قبل نهاية مهلة الأيام العشرة التي تضمّنها القرار، والمهلة انتهت أمس، ولم يصدر شيء في هذا الاتجاه، بل بالعكس أصرّ الحوثيون والأطراف اليمنية الأخرى من الحزب الاشتراكي والحزب الناصري على فكّ الحصار البحري كشرط مسبق لأيّ حوار أو بحث في الحلّ السياسي للأزمة اليمنية.

أعلنت السعودية وقف الحرب، وواصلت بعض الغارات لدعم جماعتها في الميدان بعد الإحباط الذي أصابهم بإعلان وقف الحرب، وهم في أغلبهم مرتزقة يراهنون على تنظيم «القاعدة» كحال مجموعات المعارضة المسلحة في سورية، وها هي السعودية تواجه ساعة الحقيقة، فمجلس الأمن سيكتفي وفقاً لمصادر ديبلوماسية رفيعة بتعيين مبعوث جديد للحلّ السياسي في اليمن، هو الموريتاني إسماعيل ولد شيخ أحمد الذي رشحه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لهذه المهمة، وسيصدر المجلس دعوة إلى جميع الأطراف اليمنيين، والأطراف الإقليمية المعنية بالأزمة اليمنية لبذل كلّ الجهود الممكنة لمساعدة المبعوث الأممي على دفع العملية السياسية إلى الأمام، بصفتها الطريق المؤدي إلى تحقيق أهداف قرار مجلس الأمن بعودة الشرعية والاستقرار لليمن.

الاتجاه نحو التسويات الذي يفترض أن ينطلق من اليمن مع التوافق على رحيل الرئيس المستقيل منصور هادي وحلول نائبه خالد بحاح مكانه، وبدء عملية تفاهم سعودية ـ إيرانية، سيفتح الباب لتغييرات تنتظرها المنطقة الحبلى بالملفات المعقدة من العراق إلى سورية ولبنان والبحرين، بسبب شعور السعودية وتركيا بالخيبة والخسران جراء التفاهم النووي المتوقع توقيعه بشكله النهائي في نهاية شهر حزيران.

تزامن تحجيم العربدة السعودية، مع نهاية سعيدة للتفاوض حول الملف النووي الإيراني، سيعززان ميلاً تركياً إلى تموضع أكثر وسطية كما يؤكد ديبلوماسيون إيرانيون واكبوا زيارة الرئيس التركي الأخيرة إلى طهران قبل ثلاثة أسابيع، ما سيعني مشهداً جيوعسكرياً جديداً في سورية، يمهّد الطريق نحو توقعات رسم عبرها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا خريطة طريق لمشاورات تستمرّ لشهرين، هما الفترة الفاصلة عن توقيع التفاهم النووي في الثلاثين من حزيران، ليعلن أنّ شهر تموز سيكون مرشحاً لانعقاد جولة جديدة من مؤتمر جنيف، مضيفاً حضور إيران كشريك في الحلّ هذه المرة، مستفيداً من النتائج التي بلغتها الحوارات التي جرت في موسكو.

ليس واضحاً بعد ما إذا كانت المنطقة قد رست على ضفة التسويات، وفقاً لمصادر ديبلوماسية متابعة، فـ»إسرائيل» تخوض حملات قاسية ضدّ الرئيس الأميركي وتنظم لوبيات ضاغطة داخل أميركا، ولا بدّ من بقاء فرضية قيامها بمحاولة لتغيير قواعد اللعبة أو قلب الطاولة قبل التسليم بالفشل والخسارة.

لبنان متوتر على كلّ الجبهات أمام ضبابية الصورة، وتباين القراءات والتوقعات، فالجلسات التشريعية المعطلة تزيد التشنّج بين المكوّنات التي يتشكل منها المشهد النيابي والسياسي بالتالي، بصورة لا يختصرها الانقسام بين فريقي الثامن والرابع عشر من آذار، والحكومة ليست بحال أحسن، والحوارات تجرجر من جلسة إلى أخرى بقوة وصعوبة، والشارع يعيش ضغطاً استثنائياً أمام الأزمات المعيشية وتعقد سلسلة الرتب والرواتب.

في هذا الضباب حضرت الذكرى المئوية للمجزرة التي ارتكبها العثمانيون بحق الأرمن، في مسيرة ومهرجان حاشدين، عبّر خلالهما الأرمن بأحزابهم وشخصياتهم ومعهم أطراف لبنانية رئيسية عن التنديد بالموقف التركي الذي يستعيد صورة الأجداد العثمانيين برعايته للإرهاب الذي يضرب في العراق وسورية ولبنان من دون تمييز بين الطوائف والمذاهب، لتكون الكلمة الأبرز في المناسبة للأمين العام لحزب الطاشناق النائب آغوب بقرادونيان الذي اعتبر أنّ مجازر الإبادة العثمانية متمادية ولم تتوقف طيلة أربعة قرون، وأن تركيا ليست حليفة للعرب ولا للبنانيين بدليل حفاظها على تحالفها المعلن مع «إسرائيل» عدو العرب واللبنانيين الأول.

انشغل لبنان الرسمي والشعبي بالذكرى المئوية على الإبادة الأرمنية، التي تأتي بالتوازي مع ما يتعرّض له المسيحيون والأرمن والسريان والكلدان والأشوريون والإيزيديون على يد المجموعات الإرهابية المدعومة من الدولة التركية وريثة السلطنة العثمانية، من قتل وتهجير وتنكيل واستهداف الكنائس في سورية والعراق وتدنيس المقدسات. والكنيسة الأرمنية في دير الزور التي كانت تضم بقايا رفات ضحايا مجزرة 1915 خير دليل على الأعمال الإرهابية. وأجمع المشاركون الذين رفعوا شعار نتذكر ونطالب في المسيرة الحاشدة، التي انطلقت من كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس في أنطلياس إلى برج حمود، حيث أقيم مهرجان خطابي، أنّ الصراع مع العثمانيين لا علاقة له بالدين أو المذهبية.

النصب التذكاري من دير الزور إلى أنطلياس

ودشن كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا أرام الأول كيشيشيان النصب التذكاري الذي حضن بعضاً من رفات ضحايا المجازر، ونقل من دير الزور عقب تدمير الكنيسة على يد التنظيمات الإرهابية المدعومة من تركيا.

واعتبر «أنّ الإبادة ضدّ الشعب الأرميني قد خططت ونفذت من قبل السلطنة العثمانية التركية بحسب المخطط الطوراني، أي الأيديولوجية الوطنية لحزب الإتحاد والترقي الحاكم آنذاك التي كانت تهدف إلى إزالة شعب بأكمله من أرضه والتخلص منه بإبادة جماعية».

وطالب الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان الدول العربية «بالاعتراف بمسؤولية تركيا عن الإبادة، فالشعوب العربية عاشت الظلم والقهر 4 قرون من الاحتلال وقتل المسيحيين والمسلمين في لبنان وسورية والعراق والمجاعة المفروضة على جبل لبنان، ومشانق 6 أيار تجعل من قضية الإبادة عربية أرمنية واحدة، أقوى من المصالح الاقتصادية والتسويات مع دولة قامت على أشلاء الشهداء الأبطال وأبقت على تحالفاتها مع العدو الإسرائيلي»، معتبراً أنّ «الحلم التركي الاستعماري لن يتحقق». وقال بقرادونيان إن «هناك مسؤولية دولية على الجميع أن يتحملها لأن جريمة واحدة من دون عقاب تفتح الباب أمام جرائم كبرى». وأشار إلى «أننا في زمن الصمت والشعارات الرنانة وإنكار الحقيقة، وفي زمن ارتكاب الجرائم باسم الدين، والدين بعيد عن هذه الجرائم، والاستغلال الدائم لمصالح اقتصادية، وفي زمن الهروب من تحمل المسؤولية ورفض معاقبة المجرمين، نجتمع لنتذكر كي لا يتكرر، ولنطالب ونجتمع نحن ضحايا الإبادة وضحايا الصمت الدولي ومصالح الدول التي تتحدث عن العدالة وتشن الحروب باسم حقوق الإنسان».

في سياق آخر، يستأنف الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل الاثنين في الرابع من أيار المقبل في عين التينة. وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن الحوار مستمر وقائم إلى أن يخرج تيار المستقبل منه»، مشيرة إلى «أن حزب الله لن ينسحب من الحوار على رغم كل السجالات الإعلامية».

وإذ أشارت المصادر إلى «أن تيار المستقبل يبغي من تصعيده الإعلامي أن ينسحب حزب الله من الحوار ليحمّله تبعات فرطه، إلا أنّ الحزب لن ينجرّ إلى ذلك، فهو أصلاً لا يخسر شيئاً في حواره مع تيار المستقبل ولن يخسر، على عكس رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي لا يزال يسمع اعتراضات داخلية على جدوى الحوار».

وفي السياق، علقت المصادر على كلام الحريري: «أننا نحارب قوى التطرف على اختلافها سواء كان اسمها «حزب الله» أو «القاعدة»، بالقول: «إسرائيل تعتبر حزب الله متطرفاً وتريد محاربته، فهل أصبح الرئيس الحريري في الخندق نفسه مع إسرائيل لمحاربة حزب الله»؟ ورأت المصادر: «إذا كان الحريري يريد محاربة حزب الله «المتطرف»، لماذا يجلس معه إلى طاولة الحوار»؟ وشددت المصادر على «أن الحريري يريد محاربة داعش كونه أصبح على أبواب السعودية».

وكان الحريري استهل اليوم الثالث من زيارته للولايات المتحدة الأميركية باجتماع عقده والوفد المرافق مع رئيسة لجنة الاعتمادات الخارجية في مجلس النواب الأميركي كاي غرانغر في مبنى الكابيتول، حيث عرض معها سبل مساعدة لبنان لتأمين حاجات النازحين الضرورية لا سيما ما يتعلق منها بالتعليم والتربية، إضافة إلى دعم الجيش والقوى الأمنية. والتقى الحريري نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، وعضو الكونغريس آدام كينزينغر، وجرت خلال اللقاءات مناقشة تطورات الأوضاع في المنطقة لا سيما في لبنان وسورية والعراق واليمن.

وشدد الحريري على «أن مركز قيادة الجيش بأهمية موقع رئاسة الجمهورية، وفي هذا الأمر ليس هناك مجال للتسوية، ومصلحة الجيش والوطن هي الأساس».

وقال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: «من كان ينتظر انتخاب رئيس الجمهورية نتيجة للتطورات الإقليمية، نقول له: بأنها بعيدة جداً لأن التطورات لن تكون لمصلحته، والخيار الوحيد المطروح أمام اللبنانيين أن يتفقوا. نحن أعلنا بوضوح بأن خيارنا بالرئاسة خيار لبناني، ولكن جماعة 14 آذار ينتظرون الأوامر السعودية من أجل أن يقرروا في مسألة الرئاسة، وقرارهم ليس بيدهم، وعلى هذا الأساس هم يعطلون انتخابات الرئاسة، وعلى هذا الأساس الأمر طويل إذا كانوا سيعتمدون على رهانات خاسرة لطالما دخلت فيها السعودية في سورية وفي المنطقة وفي كل المواقع».

بري غير مقيّد بمهلة للدعوة إلى جلسة عامة

وعلى صعيد الجلسة العامة، أكدت مصادر عين التينة لـ«البناء» أنّ توزيع دوائر المجلس النيابي جدول أعمال الجلسة التشريعية على النواب لا يعني تقيد رئيس المجلس بمهلة للدعوة إلى جلسة تشريعية لأن الدعوة وعدم الدعوة هي صلاحية مطلقة لرئيس المجلس وغير محكوم بأي مهل دستورية، مشيرة إلى أن توزيع جدول الأعمال ليقول الرئيس للنواب أنه تم الاتفاق على جدول الأعمال».

وأكدت المصادر تمسك الرئيس بري بالميثاقية في عقد أي جلسة تشريعية والذي كان على الدوام يتمسك بها».

وشدّدت على «أنّ حديث بري عن حلّ المجلس النيابي جدّي وهدفه حث المجلس النيابي على حضور الجلسة وإنهاء المقاطعة أكثر من هدف التهديد، وهو لن يقدم على هذه الخطوة إلا ضمن الأصول الدستورية أي عند انتخاب رئيس للجمهورية».

وأكدت أنّ بري لن يجري اتصالات بأحد بعد الآن وينتظر تغيّر مواقف الأطراف السياسية ليبني على الشيء مقتضاه، محذرة من «أنّ تعطيل جلسات المجلس عمل غير طبيعي في ظلّ تقييد عمل الحكومة والفراغ الرئاسي».

«الوطني الحرّ»: لا تفاوض لا مساومة

وأكدت مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر لـ«البناء» «أن التيار أخرج من قاموسه مسألة التفاوض في الملفات العالقة لا سيما ملف التعيينات الأمنية». ولفتت إلى «أنه لم يعد هناك مجال للتفاوض أو المساومة على المراكز الأمنية والعسكرية». واعتبرت المصادر «أن الملف الرئاسي هو الملف الوحيد الذي يدور حوله أخذ ورد وتفاوض على مرحلة ما بعد الرئاسة لا سيما أن الفريق الآخر يعيش هاجس أن يؤدي وصول العماد ميشال عون وإقرار قانون الانتخاب إلى تفرد في الحكم «. ولفتت المصادر إلى «أن القوات اللبنانية باتت بحاجة إلى دعم عوني لإقرار قانون انتخابي يؤمّن لها الغالبية من دون منة من أحد».

ويعقد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أوائل الأسبوع المقبل، مؤتمراً صحافياً يتحدث فيه عن عملية سجن رومية الأخيرة، «ليوضح بالصور والأرقام والتقارير، كلّ الحقائق التي تكشف المغالطات والمبالغات التي سادت بعض التصريحات في الفترة الأخيرة»، وفق ما أفاد بيان لمكتبه الإعلامي. وكان المشنوق تابع مسألة التحقيق في ما حدث في سجن روميه، مع اللجنة العسكرية المكلفة. وطالب بالإسراع في إنهاء التحقيق لتحديد المسؤوليات.

الموقوف لحيدان إلى الرياض

إلى ذلك، لا تزال عملية نقل الطائرة السعودية التي حطَّت مساءَ أول من أمس في مطار بيروت الدولي مطلوبين ر حّلتهما المديرية العامة للأمن العام، محور تساؤل في ظلّ الغموض الذي يشوبها، لا سيما أنّ أيّ جهاز أمني أو قضائي لم يتحدّث عن العملية التي بقيت طيّ الكتمان. وأشارت المعلومات إلى «أنّ الموقوف السعودي أحمد لحيدان الذي دخل منذ أسبوعين إلى لبنان عن طريق الشمال مستخدماً جواز سفر سورياً مزوراً رحّل أمس على متن الطائرة نفسها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى