يبقى الهدف تدمير بنية سورية الحضارية
الياس عشّي
بعد أكثر من ثلاث سنوات من الدمار الممنهج الذي شهدته سورية ، لا بدّ من أن تعود لغة العقل إلى واجهة الاهتمامات ، وأن يقتنع العرب والسوريّون بأنّ العالم المتوحّش المتمثّل بأبناء يهوه والولايات المتحدة الأميركية ، سيكون جاهزاً ، في كلّ لحظة ، لإقامة مخيّم آخر يضاف إلى لائحة مخيمات النازحين أو اللاجئين المنتشرة على مساحة العالم العربي ، أو لإقامة عمارات فاخرة في بعض دول الخليج ، ولكنها عمارات بلا نوافذ، وبلا سقوف!
هذا هو الواقع تماماً، فلماذا ننحني أمام الصهاينة بمبادرة من هنا وأخرى من هناك ، ثمّ نقف عراة أمام تراجع آخر يضاف إلى تراجعاتنا المستمرّة. فمنذ نكبة فلسطين تزداد الأمور سوءاً ، وإن بقوالب جديدة . فما الفرق ، على سبيل المثال ، بين تهجير الفلسطينيين من أراضيهم والاستيلاء على بيوتهم وتحويلهم إلى أرقام في سجلات الأونيروا، وتهجير مليون عراقي مسيحي بعد استيلاء القوات الأميركية على العراق ، ومليون آخر سوري مسيحي بعد الهجمة البربريّة على سورية التي تضبط إيقاعها دول عالمية وإقليميّة؟ وما الفرق بين ما ارتكب في حقّ معلولا وبراد وصدد وصيدنايا ، وما ارتكب وما زال يرتكب في حقّ المسجد الأقصى في القدس المحتلّة؟
لا فرق على الإطلاق ، والهدف يبقى واحداً تدمير البنية الحضارية لسورية الآراميّة الكنعانيّة ، وتهميش الرسالتين المسيحية والمحمًدية ، والتأسيس لمجتمع حاضن للفكر اليهودي الصهيوني، بحيث ما عاد بعض اللبنانيين، ويا للأسف، يرى حرجاً في المقاربة بين زيارة غبطة البطريرك بشارة الراعي إلى سورية ، وزيارته المنوي القيام بها ، لا سمح الله ، إلى فلسطين، كما كتب في ذلك وائل تقي الدين إذ قال: «أتريدون منع البطريرك من زيارة فلسطين ؟ حسناً ، فليكن ذلك . عندها أظنّ أننا نستطيع منعه من السفر إلى سورية أيضاً حيث يعتبرها بعض اللبنانيين عدوّاً مثل «إسرائيل» وأكثر!
ما أرخصَ هذه المساومة!
أوّلاً : نحن لا نمنع أحداً، بل نتمنّى، قبل أن يقوم غبطته بهذه الزيارة، أن يوازن بين مضارّها ومنافعها إن كان ثمّة منافع لها.
ثانياً: لسنا في حاجة إلى أن يذكّرنا وائل بأنّ بعض اللبنانيين يعتبر سورية عدوّاً مثل «إسرائيل» أو أكثر، ففي حرب تموز كان هذا «البعض» يطالبون الحكومة الأميركيٌة بالضغط على «إسرائيل» كي لا تقبل بوقف لإطلاق النار بينها وبين حزب الله ، معتبراً أن في ذلك انتصاراً لحزب الله وسورية ميدانيّاً ومعنويّا. وقبل ذلك بسنوات دخلت «إسرائيل» بيروت و»زارت» قصر بعبدا وعيّنت رئيسين متتاليين للجمهورية اللبنانية.
ذاكرتنا طيبة ، والحمد لله ، ألم يقل سعاده : «… وليس لنا من عدوّ يقاتلنا في ديننا وحقّنا سوى اليهود» ؟