عاصفة الهدم الصهيو ـ سعودية متواصلة على اليمن
حسين الديراني
أسبوع مضى تقريباً على إعلان قيادة تحالف ما يُسمّى بـ«عاصفة الحزم» وقف العمليات العسكرية والطلعات الجوية في بيان أذاعه المتحدث الرسمي باسم «عاصفة الحزم» العميد أحمد العسيري جاء فيه «بناء على طلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لوقف العمليات العسكرية بعد ان حققت اهدافها! ونسي ان من أهدافها إعادة المذكور الى منصب رئاسة الجمهورية، وكأنه رئيساً شرعياً لليمن، وهو الرئيس الذي أعلن عن استقالته دستورياً قبل اللجوء الى السعودية.
هذا الإعلان الذي يشبه الاقرار بالهزيمة لعدم تحقيق أي هدف من الاهداف الاستراتجية والعسكرية التي أعلنها التحالف حين بدأ العدوان على اليمن هدف واحد تحقق وهو تدمير البنية التحتية اليمنية وقتل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، كما وتدمير المنشآت الحيوية والاقتصادية، والطرقات والجسور والمطارات، وتدميرالمعالم التاريخية والأثرية.
هذه الأهداف تحققت بنجاح باهر لم ينافسها في ذلك إلا العدو الصهيوني من خلال عدوانه المستمر على الدول العربية والإسلامية منذ اكثر من 67 سنة.
سبق إعلان وقف العمليات العسكرية عدوان سعودي بربري همجي ارهابي غير مسبوق على العاصمة اليمنية بمنطقة «فج عطان» في صنعاء، التي استهدفتها بصاروخ يورانيوم منضب أدى إنفجاره الى إحداث أضرار هائلة على مسافة كيلومترين دائريين، ذهب ضحيته 84 شهيداً جلّهم من الاطفال والنساء والشيوخ وأكثر من 730 جريحا حالة بعضهم خطيرة، وقد برر الاعلام السعودي حجم الانفجار الى إستهداف مخزن للصواريخ اليمنية.
هذا العدوان لا يشبهه بالطريقة والأهداف والنتائج سوى القصف الصاروخي الإسرائيلي على مجمع الحسن السكني في الضاحية الجنوبية في بيروت قبيل إعلان وقف العدوان على لبنان عام 2006، وإعلان الهزيمة امام حزب الله، وكان بمثابة العدوان الأضخم قبل الإعلان عن وقف العمليات العسكرية الارهابية.
بعد وقف عدوان تموز على لبنان عام 2006 أقر العدو الصهيوني بهزيمته وأوقف عدوانه في شكل رسمي بعد فشله في تحقيق أهدافه التي كانت تدمير وإلغاء حزب الله وتسليم الأسيرين «الإسرائيليين» الذين تم أسرهما في «عملية الرضوان»، وعاد المهجرون الى الجنوب اللبناني لحظة إعلان وقف العدوان، وشكلت لجنة تقصي الحقائق لمعرفة أسباب الهزيمة والتي باتت تعرف بلجنة «فنيو غراد».
أما العدوان السعودي التكفيري الذي تفوق على العدوان الصهيوني بعدم إلتزامه بأي مواثيق دولية أو أممية أو أخلاقية أو إنسانية، وقد يكون ذلك من تلك الاهداف لهذا الاصرار على العدوان ليصغر جرم العدو الصهيوني أمام هول وجرائم النظام الوهابي.
لم يكن الإعلان عن وقف العمليات العسكرية في اليمن إلا بأمر من الادراة الاميركية التي كادت أن تتورط في حرب مفتوحة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بسبب العدوان على اليمن التي تشرف عليه الإدراة الإميركية الصهيونية لأن المستهدف في هذه الحرب إيران بالذات والتي تسعى بكل جهدها السياسي والدولي لايقاف العدوان على اليمن، ووقف إراقة دماء الابرياء والسعي الى الحل السياسي والحوار بين جميع الأطراف اليمنية بعيداً من هيمنة الدول الاقليمية. فليس هناك من بيان أو تصريح إعلامي سياسي أو عسكري أو ديني يصدر من المملكة السعودية إلا وفيه تهجم عنيف على ايران وإتهامها بإنها السبب في تقوية الحوثيين في اليمن وتمكينهم من السيطرة على كافة أراضيه، ما أفقد السعودية سيطرتها التاريخية على اليمن وباتت خلاله تشعر بأن خطراً يهددها من شرقها الى جنوبها.
الأمر الأميركي للسعودية لوقف العمليات العسكرية من أسبابه تجنب المواجهة الكبرى مع إيران إو تأجيلها وكذلك لا تريد أن يذهب جهدها لسنوات عديدة من المفاوضات العسيرة للتوصل إلى حل سلمي للملف النووي الايراني.
إعلان وقف العمليات العسكرية لم يكن إلا صورياً، تبدلت الاسماء من «عاصفة الحزم» الى «إعادة الامل» وإذا «بإعادة الامل» أكثر دموية من «عاصفة الحزم» فلم يمر يوماً أو ساعات على الاعلان عن «إعادة الامل» إلا وتقوم الطائرات الصهيوسعودية بشن غارات في شكل مستمر ويومي على أهداف مدنية بحتة بحيث لا نرى إلا اشلاء الاطفال تنتشل من تحت الركام والانقاض. ففي ثقافة آل سعود لا شيء اسمه «أمل» لأن الأمل معدوم في ثقافة الوهابية التي انتجت طوابير من المجموعات الإرهابية في جميع انحاء العالم، فمن «طالبان» افغانستان الى «طالبان» باكستان الى «القاعدة» الى «النصرة» الى «داعش» وما بينهما من مئات التنظيمات والألوية الارهابية تعود إلى نبع واحد ومنهج فكري واحد ومدرسة واحدة، هو الفكر التكفيري الوهابي الاقصائي التدميري الارهابي الانعزالي. هذا الفكر موجود في بطون الكتب المنتشرة في كل المساجد والمعاهد والمراكز الوهابية التي تشرف عليها وزراة الشؤون الدينية السعودية في جميع انحاء العالم الإسلامي والعربي والغربي.
الصهيوسعودية مصرة في الاستمرار على العدوان ولو منفردة بعد تقاعس بقية الدول الحليفة عن الاستمرار في مساندتها لهذا العدوان الهمجي الوحشي الارهابي الفاشل على أمل إيجاد مساحة ولو بحجم ملعب كرة قدم في اليمن تضع في منتصفه كرسياً لتُجلس عليه أحد أصنامها مهما كان شكله أو لونه، ولكن بعد الدمار الذي لحق باليمن وشعبه بسبب العدوان المتواصل والذي وحد الشعب اليمني بكل اطيافه السياسية بوجه العدوان وبات هدفه طرد كل عملاء السعودية من اليمن لا سيما «القاعدة» والاحزاب الوهابية التي تتلقى الدعم منها حتى لا يبقى لها موطئ قدم وليس ملعب كرة قدم، وها هو الجيش اليمني واللجان الشعبية وأنصار الله يحققون الانتصارات على عملاء السعودية داخل اليمن تحت أجنحة وضربات الطائرات المعادية.
لم يبقَ خيار أمام السعودية إلا إعلان الهزيمة كما فعلت حليفتها «إسرائيل» وإن كانت تتكابر وتعلو على إنكسارها. فإعلان قائد الثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي بأن أنف السعودية سيمرغ في التراب جزاء عدوانها على اليمن لم يأتِ من فراغ بل نتيجة بعد سياسي واستراتيجي في المنطقة يجهله الحكام الصبية الجدد في السعودية والخليج، وستبقى إستراتيجية الصبر على العدوان أكبر سبب لهزيمة هذا العدوان الصهيوسعودي الغاشم، والاكتفاء بقطع كل الايادي الوهابية الارهابية في اليمن، وكما أجبرتها الجمهورية الاسلامية الايرانية على الاعلان على وقف العمليات العسكرية ستجبرها على وقف العدوان نهائياً، ولا بد من قراءة تصريح مساعد وزير الخارجية الايراني عبد اللهيان الأخير جيداً من أن «منع السعودية الطائرات الايرانية الاغاثية من الهبوط في مطار صنعاء سيكون له رداً قاسياً» وعندما يصرح الدبلوماسي بهذه الطريقة يعني الكثير في الدوائر والعواصم العالمية، ولا يفهم ذلك إلا أسياد السعودية وهم بدورهم يعرفون كيف يأمرون عبيدهم وأصنامهم من حكام الخليج وإجبارهم على وقف التهور والتصعيد الذي تجاوز ما هو مخطط لهم، ويبقى لإستراتجية الصبر عند قيادة اليمنيين حدود هم وحدهم يعرفون حدودها.