هل أخطأت موسكو وطهران باختيار تركيا شريكاً؟

نيبال هنيدي

أربع سنوات من الأزمة السورية ولم تتوان كل من روسيا وإيران عن دعم الدولة السورية، وفيما أصبحت كل من الدولتين قوة تفرض نفسها بقوة على الساحة الدوليّة استطاعت سورية الصمود في وجه الدول الاقليمية والعالمية التي استماتت في محاولة إسقاطها.

تركيا التي سلحت ومولت وأرسلت القتابل الموقوتة الى سورية منذ بدء الأزمة، كما أكدته عشرات التقارير الدولية بما فيها التركية، إضافة إلى إقرار العديد من المسؤولين والسياسيين الأتراك بتورط النظام التركي وعلى رأسه أردوغان بدعم التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش» من خلال فتح الحدود أمام الإرهابيين للتسلل إلى سورية إضافة إلى تقديم مختلف أشكال الدعم العسكري واللوجستي بما فيه الطبي لعلاج الإرهابيين المصابين.

والسؤال هنا كيف ستتعامل كل من روسيا وإيران مع تركيا في ما يخص الملف السوري خصوصاً أن مصر التي اتجهت نحو الخليج وأميركا على رغم الدعم الروسي، حيث أعلنت وكالات الأنباء الروسية عن اقتراب إتمام سلسة من الصفقات العسكرية بين القاهرة وموسكو.

ولكن يبدو أن مصر جحدت بالدعم الروسي وقررت الالتفاف نحو أميركا وربيبتها السعودية والتي لا تزال تصعد من موقفها ضد ايران، واستخدمت النفط كسلاح بوجه روسيا وإيران وبتنسيق مع أميركا وظهر ذلك في تصريح وزير النفط السعودي علي النعيمي في ابقاء معدل الانتاج لمنظمة «أوبك» على حاله 30 مليون برميل يومياً على رغم ارتفاع سعر البرميل.

وفي ظل هذه التغيرات الدولية اين تركيا من كل هذا؟

العلاقة الروسية – التركية ترواحت بين التقارب والتباعد على مدى التاريخ، وارتبطت هذه العلاقة بالرؤية السياسية لقادة الدول من جهة، وبالارتباطات الدولية والإقليمية لكل من الدولتين من جهة أخرى، ويمثل الجانب الاقتصادي والطاقة العنصرين الأساسيين في مسار التقارب بين البلدين حيث تمثل تركيا سابع أكبر شريك تجاري لروسيا، وستعتبر روسيا أهم مورد للغاز الطبيعي لتركيا.

أما ما يخص العلاقة الايرانية – التركية والتي تقدمت مؤخراً وخصوصاً بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الجمهورية الإسلامية في السابع من الشهر الماضي، فقد تعززت العلاقات والتعاون التجاري بين البلدين وتم بحث التطورات الإقليمية، فيما أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون العربية والأفريقية حسين أميرعبداللهيان، أهمية إجراء المشاورات بين إيران وتركيا في شأن القضايا الإقليمية، مؤكداً ان البلدين سينجحان في تسوية الأزمة السورية سياسياً عاجلاً أم آجلاً، واصفاً دور تركيا في المنطقة «بالمهم».

ولكن في المقابل وعلى رغم الغموض والانتظار الذي يكتنفه، ما زالت تركيا وأميركا تتحدثان عن تدريب ما تسمياه «المعارضة المعتدلة»، وخططت تركيا لمعركة جسر الشغور وعلى مدى شهر كامل من خلال غرفة عمليات ضمن الحدود التركية – السورية بإدارة استخبارات تركية وأوروبية ودعم خليجي، حيث أكدت مصادر ديبلوماسية أن وحدات عسكرية خاصة من دول في المنطقة، ومستشارين عسكريين من جنسيات متعددة عبروا الحدود التركية الى تركيا تحت مسمى إرهابيي «النصرة»، وتشارك هذه الوحدات مجموعات مسلحة تركية، وترافق ذلك مع شاحنات مليئة بالأسلحة، وآليات عسكرية، وذلك ضمن اطار المحاولات لايجاد توازن ميداني جديد في سورية قبيل بدء مشاورات جنيف التي تحدث عنها ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي الى سورية.

ما يجري في سورية اليوم خصوصاً في أدلب وجسر الشغور هو تصعيد تركي بامتياز، ولا يترجم أبداً ما سلف من تصريحات إيرانية حول محورية دور تركيا في تسويات المنطقة وخصوصاً سورية، وبالتالي فإن الأحداث الأمنية الأخيرة في الشمال هي تمادٍ تركي يستغل بوضوح سعي إيران وروسيا نحو جعلها الشريك في المنطقة في الحلول، وإن كل هذه التطورات الامنية لم تكن لتحصل لولا الاطمئنان التركي لموقع ما او معادلة ما محفوظة لانقرة.

والسؤال يبقى هل ستنجح كل من إيران وروسيا من خلال اعتماد تركيا شريكاً في تسويات المنطقة، من استقطابها لتدخل عنصراً يمكن ان يتراجع عن سياساته مقابل تخليه عن هذه السياسات والاحلام في اسقاط سورية ويكون شريكاً جدياً؟ أم ان الروس و الإيرانيين يراهنون في المكان الخطأ؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى