«النبي» لجبران خليل جيران… من تحفة أدبية إلى لوحة سينمائية إبداعية
حلا ماضي
وصف الكاتب والأديب والفنان اللبناني جبران خليل جبران المولود في بلدة بشري شمال لبنان عام 1883، كتابه «النبي» بأنه ولادته الثانية. وقال قبيل وفاته عام 1931: «لقد شغل هذا الكتاب كل حياتي».
كتاب «النبي» الذي تحدث عنه جبران نفسه، نشر عام 1923، ويعدّ من أكثر الكتب مبيعاً على الصعيد العالمي. تُرجم إلى أكثر من خمسين لغة عالمية، ولا تزال المناقشات والمحاضرات حول مضمونه حاضرة في مختلف جامعات العالم.
الكتاب يضم 26 قصيدة نثرية تغوص في أعماق الانسان، فتتحدث عن الحبّ والدين والطبيعة والسياسة والعلاقات الانسانية بمختلف جوانبها. وهو كتاب يهمس إلى الذات الانسانية لتنفلت من المادة وتلتقي متحدة في السماء.
قصائد الكتاب خلاصة كتابات ابن لبنان، أرادها أن تنتقل إلى كل أصقاع الارض، فها هو «المصطفى» نبيّ جبران ينطق بها شعراً ممزوجاً بالحكمة. قصائد حولتها الممثلة العالمية ـ اللبنانية سلمى حايك بالتعاون مع «مؤسسة الدوحة للأفلام» وعدد كبير من المؤسسات السينمائية العالمية والمحلية، إلى فيلم رسوم متحركة روائيّ، سيشاهده الملايين من الناس حول العالم بأسلوب لم يسبق له مثيل. وذلك بعدما تم الحصول على حقوق الفيلم بالاتفاق مع «لجنة جبران خليل جبران الوطنية» التي تمثل أصحاب ملكية أعمال جبران، والتي كشف المتحدّث بِاسمها طارق شدياق عن وجود مشروع آخر عن أعمال جبران مع المخرجة اللبنانية نادين لبكي.
تولّى إخراج رائعة جبران الأدبية عدد من المخرجين العالميين بينهم المخرج الإماراتي محمد سعيد حارب، والمخرج روجر الرز، الذي سبق وأخرج فيلم «الملك الأسد»، وهو قام بالربط بين الأعمال من خلال السرد.
الفيلم المقتبس عن كتاب «النبي» يحكي قصة رجل حكيم اسمه مصطفى تثير كلماته الحكيمة خوف السلطات السياسية منها فتجبره على الإقامة الجبرية في جزيرة «أورفليس» الخيالية لسنوات عدّة، قبل أن تطلب منه الرحيل على سفينة راسية على شاطئ الجزيرة. فيطلب الأهالي منه خلال توجّهه إليها أن يشركهم في علمه ومعرفته، فيحدثهم عن الموت والحياة والزواج والعمل والمحبة.
وها هي «المترا»، الفتاة الصغيرة ابنة «كاملة» التي تلعب دورها الممثلة سلمى حايك، ترافقه في رحلته فتعيش مرحلة التحوّل في حياتها من خلال تأثرها بكلماته وقصائده.
خلال مشاهدة الفيلم، يعيش المشاهد في عالم من الإبداع من خلال رسومات ساحرة تترافق مع موسيقى تخطف الأنفاس، وتنتقل بالمشاهد إلى عالم لا يوصف من النغمات الساحرة الآتية من الشرق، وتحمل توقيع الموسيقار العالمي ـ اللبناني غبريال يارد، واضع موسيقى فيلم «المريض الإنكليزي»، وغيره من الأعمال السينمائية العالمية.
يأتي هذا الفيلم في ظل ظروف صعبة ومعقدة تعيشها المنطقة العربية، لا سيما لبنان. وقد يكون الفيلم رسالة ودعوة إلى الحبّ والسلام والابتعاد عن العنف والكراهية. وربما حقق القيّمون على هذا العمل أمنية جبران خليل جبران عندما قال: «إذا المحبّة أومت إليكم، فاتبعوها. وإذا خاطبتكم فصدّقوها».