أكد لـ«البناء» و«توب نيوز» أن الإبادة العثمانية للأرمن تمت بقرار من أعلى المستويات في السلطنة

أكد لـ«البناء» و«توب نيوز» أن الإبادة العثمانية للأرمن تمت بقرار من أعلى المستويات في السلطنة

برونزيسيان: الساسة في المنطقة لا يرون اليد التركية الحقيقية

الملطخة بالدماء والمستترة بقفاز الدين

حاوره: سعد الله الخليل

أكد الباحث التاريخي الدكتور سركيس برونزيسيان أن جريمة الإبادة بحق الأرمن تمت بقرار من أعلى مستويات السلطة في السلطنة العثمانية، مشيراً إلى أن الساسة في المنطقة لا يرون اليد التركية الحقيقية الملطخة بالدماء والمستترة بقفاز الدين.

واعتبر برونزيسيان أن «الاعتراف التركي بالمجزرة سيؤدّي إلى نهاية الفئة الحاكمة في أنقرة بخاصة مع تنامي الرأي العام في الداخل التركي المؤثر المشكك في صدقية التاريخ الماضي الذي يفرضه النظام الحاكم في تركيا.

قرار تاريخي بالإبادة

وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وشبكة «توب نيوز» وضع برونزيسيان المجزرة العثمانية ضد الأرمن قبل مئة عام في سياقها التاريخي حين أتهم عبدالحميد الثاني ومدحت باشا وطلعت باشا وجمال باشا بتخطيط وتنفيذ برنامج التطهير العرقي لمن كان من غير المسلمين في تركيا».

ولفت برونزيسيان للتقاسم الأوروبي للمصالح على حساب الأرمن وقال: «تعهدت ألمانيا وبريطانيا والنمسا بمراقبة التحسن الإداري والسياسي بعد الانسحاب لجهة التنفيذ العثماني وهو ما لم يحدث أبداً، فالسكوت البريطاني تمت رشوته بمنحها جزيرة قبرص والنمسا أخذت منطقة البوسنة والهرسك، وفرنسا أخذت الجزائر والكل قبض على حساب الأرمن بحكم المصالح والتقاسم».

ولفت برونزسيان لما طرحه أحد مستشاري السلطان عبدالحميد بوجود ما وصفه المشكلة الأرمنية في تركيا التي تتمثل بفقدان الأمبراطورية العثمانية لعمقها الأوروبي بعد استقلال دول كثيرة بعد عام 1828 وما تلاه وقرر كامل باشا التخلص من القضية الأرمنية من خلال القضاء على الأرمن أنفسهم، فكان قرار الإبادة بعد مؤتمر برلين والتغيرات السياسية التي جرت على المسرح الأوروبي بعد عام 1885 ليتم التحول من مرحلة وضع القرار إلى مرحلة تنفيذه في بدايات عام 1894 والغرب الذي كان مراقباً للسلطة العثمانية التي هي كانت في حاجة ألى أداة».

وقال: «لذلك تم تشكيل فرق قتل خاصة للتنفيذ سميت بالفرق الحميدية قتلت حتى عام 1896 حوالى 300 ألف أرمني ومع وصول الاتحاديين الأتراك إلى الحكم تغيرت المعطيات واتجهوا أكثر إلى التطرف وتنفيذ المخطط لأن جُل الشباب التركي درس في أوروبا التي انتشر فيها الفكر القومي وهو ما شجع على اتخاذ القرار عام 1910 في مؤتمر «سان مينيك» المشؤوم بتغير طابع الدولة العثمانية إلى «التتريك» وهنا اتخذ سياسة التصفية العرقية عند أول فرصة لأنه تجب إزالة الأورام التركية التي على أرضها».

الأرمن أوفياء لدولهم

وأكد برونزيسيان أن «الأرمن كانوا موجودين في إمبراطوريتين أرمينيا الشرقية الموالية لروسيا وأرمينيا الغربية التركية وعند إعلان الدستور التركي في عام 1908 جُند الأرمن في الجيش العثماني وكانوا مواطنين أتراكاً وحاربوا في حرب البلقان المدعومة تركياً الأولى والثانية، فالأرمن مواطنون مخلصون في أي بلد ينتمون اليه، ولفت الى حادثة إنقاذ جنديين أرمنيين لأنور باشا الذي اتخذ قراراً خاطئاً بالمضي بمعركة ساري غانيش حين أصر على مهاجمة روسيا من جبهة «القوقاز» أشد الجبهات برودة وقتل 80 ألف جندي عثماني من البرد، وقال: «كافأ أنور باشا بعد رجوعه الجنديين فكيف يكون خائناً من ينقذ قائد الجيش ووزير الحربية؟».

وأضاف برونزسيان: «الساسة في منطقتنا لا يرون اليد التركية الحقيقية الملطخة بالدماء الموجودة تحت القفاز، فالكثير من السياسين في الشرق الأوسط لم يفهموا بعد معنى الشوفونية التركية، أثناء السير في الشوارع التركية يدهشك منظر وجود شعار الدولة التركية الذي وضعه أتاتورك آنذاك والذي تقول ترجمته كم هو محظوظ التركي . فماذا عن غير التركي؟».

ولفت الى «النظام السياسي الموجود حالياً والذي يختلف عن كل الانظمة الموجودة في العالم، فهناك الدولة الخفية التي تصادر القرار السياسي للدولة الفعلية وهم عبارة عن قلة صادرت كل الثروات الوطنية التي جاءت من الأموال المنقولة وغير المنقولة التي ظلت في تركيا بعد الجريمة الإبادية في عام 1915، فالسجل العقاري للقصر الجمهوري في أنقرة الذي يحوي تسلسل المالكين بحسب صحيفة «راديكال» التركية، فإن ملكية القصر تعود لعائلة «كاسبريان» «الأرمنية وهذا دليل على عملية سرقة تزامنت مع المجازر».

أردوغان مريض العظمة

ورأى برونزيسيان أن «التحليل الجزئي لشخصية رجب طيب أردوغان يؤكد أنه يعاني من مرض العظمة ويتحدث بالسلطانية وخطابه السياسي لا يخلو من الإشارة إلى السلاطنة والسلاجقة وفي التحليل الكلي فإن القرار السياسي يقوم على الفوقية والأحلام في دولة تأكل كل الحقوق وخير دليل على ذلك شرق الأناضول الذي شهد إبادة 3 آلاف قرية كردية منذ عام 1980 إلى عام 1990 وتابع: «الأتراك يحاولون ركوب موجة الدين للوصول إلى مآربهم، فهذه الفئة التركية تبحث عن مصالحها عبر أي طريق».

وأشار إلى أن «الاعتراف بالمجزرة سيؤدي إلى نهاية الفئة التركية الحاكمة والذي بدأ بعض الداخل التركي المؤثر يشكك في صدقية التاريخ الماضي الذي يفرضه النظام الحالي»، متابعاً: «أن الأرمن الموجودين في قرية مرعش السورية اقتلعوا رغم بعدهم عن الولاء الروسي وكذلك باقي الأرمن في مناطق البحر الأسود وهذا تطهير عرقي ممنهج بموجب قرار عام 1910 بالمجازر والتهجير والإبادة مكتملة الأركان».

ولفت برونزيسيان للضغوط الدولية للإعتراف بالمجزرة ووصفها بالرائعة على الصعيد النظري وقال: «على الصعيد العملي تبقى نظرية إلى ان يأتي الصوت بالاعتراف من داخل تركيا فهو الأهم والآن توجد ردود فعل لدى الصفوة الثقافية والنخب العلمية رغم أنها قليلة فهي تريد التصالح مع الماضي، ولفت الى ما قام به أردوغان في 24 نيسان الجاري في إسطنبول عندما أتى الأرمن من كل العالم للتظاهر بطريقة حضارية، حين أعادة فرق الحميدية الجديدة الأردوغانية ومارست القمع ضد الرأي المخالف لسياسة الدولة».

وعن استهداف المسيحين في سورية قال: «المسيحي في سورية لم يُستهدف لأنه أرمني أو مسيحي بل لأنه سوري فقط، فهذا المزيج الرائع السوري هو مركز للاستهداف بتجربته ويريدون تحويل الاصطفاف في الشرق الأوسط إلى اصطفافات كيانية مذهبية معينة وهو المشروع الغربي بكليته، لكن العائق الوحيد هو تجربة سورية، لكي تبرز لاحقاً إقامة كيان ذي لون واحد هو أتركة الدولة في الشمال ويهودية الدولة في الجنوب وهو الهدف النهائي».

يبث هذا الحوار كاملاًً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» تردد 12034

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى