حردان: نحتاج في لبنان إلى رئيس يوحي بالثقة في قناعته بالمقاومة والعلاقة مع الشام ونجدّد ترشيح الرئيس بشار الأسد ونثق برسوخ النهج القومي الثابت الذي يجسّده في قيادة سورية

عقد المجلس القومي في الحزب السوري القومي الاجتماعي اجتماعه السنوي في فندق رامادا بالازا ـ بيروت، حيث استمع أعضاء المجلس إلى تقريري السلطتين التشريعية والتنفيذية لمناقشتهما وتسجيل الآراء والاقتراحات.

الافتتاح

افتتح رئيس مكتب المجلس القومي د. محمود أبو خليل الاجتماع باسم سورية وسعاده، ودعا إلى الوقوف دقيقة صمت تحية لشهداء الحزب وألقى كلمة تحدث فيها عن حال الأمّة والتحديات التي تواجهها، ثم تلا النص الدستوري حول غرض الاجتماع.

تقرير السلطة التشريعية

بعد ذلك، تلا رئيس المجلس الأعلى في الحزب الوزير السابق محمود عبد الخالق تقرير السلطة التشريعية المجلس الأعلى ، فتحدث في مقدمته عن دور الحزب في التصدي للمؤامرات ومواجهة التحديات المصيرية ومقاومته الاحتلال اليهودي والإرهاب والتطرف. مؤكداً أنه رغم قساوة المواجهة، فإنّ الأمل معقود على إرادة المقاومة التي يجسّدها حزبنا وقوى مجتمعنا الحية.

وأشار عبد الخالق إلى التشريعات التي أقرّها المجلس الأعلى، لا سيما إنشاء وحدات حزبية جديدة في مناطق مختلفة في الوطن وعبر الحدود، وتسمية شهداء الحزب الذين ارتقوا في مواجهة الإرهاب والتطرف، والدور الرقابي الذي مارسه على عمل السلطة التنفيذية والموافقة على الخطة الحزبية السياسية المرفوعة إليه.

تقرير السلطة التنفيذية

بعد ذلك قدم رئيس الحزب النائب أسعد حردان تقريراً تضمّن أعمال السلطة التنفيذية خلال عام، واشتمل على خارطة العمل الحزبي والعام في مختلف الصعد والميادين، واستهلّ تقريره بتوجيه تحية إلى شهداء مجزرة حلبا، مؤكداً أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي مستمرّ في متابعة هذه القضية حتى الاقتصاص من مرتكبي المجزرة.

وتضمّن تقرير حردان قراءة سياسية تناولت العديد من النقاط والمحاور، فأشار إلى أنّ «التحوّلات والتغيّرات التي عصفت بأمتنا ودول المنطقة، أكدت صحة القراءة السياسية القومية لطبيعة المرحلة واتجاهاتها التي استندت إليها خطة الحزب السياسية». لافتاً إلى أنّ «خطة الحزب لحظت، أنّ سورية قادرة على صدّ المؤامرة الكونية، وإفشال مشروع إسقاطها، وتفكيك مؤسساتها، وبخاصة مؤسسة الجيش، وانّ سورية لن تكون هدفاً سهلاً للمشروع التآمري وأدواته الإقليمية المرتهنة».

وقال حردان: «نشهد في الواقع الراهن بروز معطيات وتغيّرات جذرية، تخالف ما استهدفت تحقيقه الاستراتيجية الأميركية – الصهيونية وأدواتها، فصمود سورية، شكل حجر الزاوية في التصدي للمؤامرة الدولية، وفرض مشهداً جديداً في معادلات الصراع، وها هي الشعوب العربية وقواها الحية تتنبّه إلى أخطار ومحاذير تلك الهجمة الاستعمارية على المنطقة تحت شعارات شتى، وعبرأدوات من المعارضة الخارجية المشبوهة في انتمائها، والمستولدة في غرف العمليات الاستخباراتية الخارجية الدولية والإقليمية وتتوسع دائرة الوعي لخطر التنظيمات والمجموعات الإرهابية الظلامية الوافدة من كلّ أصقاع الأرض برعايةٍ من أطراف دولية وإقليمية وعربية لإحداث الفتنة، وطمس الهوية القومية، وتزييف وجهة الصراع الحقيقي مع العدو الصهيوني وحلفائه».

وأضاف: ها هي الأحداث تؤكد «أنّ مقاومة الإرهاب وتنظيماته وخلاياه لم تعد سورية فقط ساحة مواجهته، بل إنّ أكثر من دولة عربية باتت تعتمد النموذج السوري في مقاومة الإرهاب، فجيش العراق يواجه الإرهاب، كما الجيش المصري، والجزائري واليمني، حيث تتصدّى هذه الدول للتنظيمات الإرهابية بكل الأشكال، كما بدأت تتخوّف منه معظم الدول الغربية الحاضنة له، وقد باشرت بعض هذه الدول باتخاذ الإجراءات الاحترازية الواقية من أخطاره لمنع مجموعاته وأفراده من العودة من ساحات القتال، لكن المفارقة أن تتعالى أصوات الدوائر الاستخبارية بالتحذير من تحوّل سورية، لا أفغانستان، إلى قاعدة للإرهاب العالمي».

فشل صفقة «الإخوان» مع أميركا

ولفت حردان إلى انّ «التحوّلات التي حدثت في مصر، أو في تونس، أو ليبيا، وغيرها، تعكس فشل الصفقة السياسية الكبيرة لتنظيم الإخوان المسلمين مع الإدارة الأميركية»، وانّ مشروع فرض «الأخونة» على الدولة والمجتمع بالترويع والإرهاب تهاوى أمام يقظة القوى الحية التي أعادت تصويب مسيرتها في التطلع الى أنظمة حكمٍ تخدم مصالح الشعب في الحرية والتقدم والتطور، وقيام الدولة الديمقراطية المدنية غير الخاضعة للاستئثار أو للاستبداد الديني وأنماطه الفاشلة».

وأردف: «اتضحت صورة الصفقة بعد أن تمكن تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، وتونس، وليبيا، وإلى حدّ ما المغرب، من الإمساك بالحكم وسعى إلى إظهار أنّ الحكم الديني لا يتناقض مع الديمقراطية وآلياتها، متخذاً من النموذج التركي لحزب العدالة والتنمية مثالاً للتعميم في العالم العربي، جاهداً إلى تقديم صورة جديدة للإسلام «المعتدل» المنخرط في مسارات العمل الديمقراطي، والمنفتح على العلاقات مع الإدارة الأميركية والدول الغربية، لقاء التعهّد بالتزام الحفاظ على الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة مع العدو الصهيوني، وتحييد أولوية الصراع والمواجهة مع العدو، وتجاهل فلسطين باعتبارها بوصلة النضال والجهاد، وتشتيت الأنظار عنها وخوض معارك في مكان آخر ومع جهات أخرى، ورفع شعارات الجهاد بالاتجاه المعاكس لجوهر الصراع المصيري مع العدو «الإسرائيلي»، والصمت المطبق على مشروع وزير الخارجية الأميركي المعروف بـ»وثيقة كيري» لتصفية المسألة الفلسطينية، وتكريس يهودية الدولة على أرض فلسطين، وإسقاط حق العودة، وتهويد القدس وابقاء المستوطنات».

رجحان خط المقاومة والممانعة

وإذ أشار حردان إلى «إخفاقات قوى المشروع المعادي، والانقسامات والتصفيات المتبادلة بين التنظيمات الإرهابية المسلحة التي تخوض في ما بينها معارك تصفية وإلغاء وجود في أكثر من منطقة تخضع لسيطرتها، فإنه أكد رجحان خط المقاومة والممانعة، ورسوخ هذا الخط، وتجاوز أطرافه مرحلة صدّ المؤامرة وأهدافها، إلى مرحلة تحقيق الإنجازات الميدانية والسياسية، وإحداث الفارق وفرض معادلات جديدة، تؤسس لواقع عربي وإقليمي ودولي خارج سيطرة القطب الواحد ومصالحه».

وأكد حردان :»أنّ صمود سورية وثبات الموقفين الروسي والصيني والموقف الإيراني يغيّر قواعد النظام الدولي الأحاديّ، وينهض نظام متعدّد الأقطاب، ويترسخ ويأخذ بُعداً جديداً في ضوء الأزمة الأوكرانية وتفاعلاتها». لافتاً إلى بوادر حرب باردة تلوح في الأفق من جديد، «إذ أن الحكومة الروسية تتهم الدول الغربية المصمّمة على فرض عقوبات ضدّها بأنّ سياساتها هذه تعيد إلى الأذهان صورة الستار الحديدي»، وهذا ما جعل الموقف الروسي أكثر تصميماً وحزماً في مواجهة التفرّد والغطرسة وفي التمسك بدعم حلفائها، وفي طليعتهم سورية حيث تتقاطع المصالح الاستراتيجية بين روسيا وسورية في معركة مواجهة الإرهاب والهيمنة الاستعمارية».

وقال حردان: «إنّ سورية قيادةً وجيشاً وشعباً تدحر مخطط إسقاط دورها وموقعها، وتخطو خطوات ثابتة نحو بسط سيادة الدولة في المدن والمحافظات السورية، التي خرجت عن سيطرتها، وينزل الجيش السوري الضربات بالمجموعات الإرهابية ومن يقف وراءها من دول وتنظيمات إرهابية متعددة الجنسيات، وقد أحكم الجيش السوري قبضته على طول الحدود مع لبنان وأمسك بمعظم المعابر التي شكلت على مدى ثلاثة أعوام ممرات للمجموعات الإرهابية تسليحاً وتمويلاً وتدريباً».

وأضاف: «إنّ نهج المصالحات والتسويات الجارية يؤشر في أكثر من مدينة ومنطقة، إلى انعطاف هام في الواقع السياسي والشعبي والاجتماعي الذي يؤكد حضور الدولة ووحدانية مرجعيتها واحتضانها لمواطنيها، ويؤسس لعلاقات مستقبلية تساهم في درء مخطط الفرز والتقسيم الذي يُراد منه إعادة هيكلة المنطقة دولاً ومجتمعات بما يخدم أمن الكيان الصهيوني وهيمنة القوى الاستعمارية، ويندرج تقسيم السودان وتقسيم ليبيا ومخطط إقامة إمارة إسلامية في سيناء ودولة الاسلام في العراق والشام والنزوع نحو كيانٍ كردي مستقلّ في شمال العراق في سياق هذا المخطط، وهنا تكمن أهمية المصالحات المواكبة لإنجازات الجيش السوري الميدانية وعودة النازحين إلى بيوتهم وممتلكاتهم وأرزاقهم، لسد كل النوافذ على نجاح هذا المخطط التدميري».

عجز أطراف المؤامرة

وأكد حردان: «أن مضيّ السلطات في إتمام استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية في موعده الدستوري، هو إثبات لقدرة الدولة ومؤسساتها على تجاوز الضغوطات والتهويلات والحملات الممنهجة كافة لإعاقة الدولة عن القيام بوظائفها الطبيعية».

وأشار حردان إلى «أنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي يطوي صفحة مؤتمر جنيف ومندرجاته، ويضع قواعد جديدة بشروط سورية في أية جولة مفاوضات جديدة، ويؤكد أيضاً على عجز أطراف المؤامرة بكلّ مكوّناتها وأدواتها عن المسّ أو التأثير في تقرير مصير الدولة ومستقبل النظام السياسي الذي يقرّره الشعب ومؤسساته وقيادته، غير آبه بكلّ الضغوط المتصاعدة لتعطيل المسار الديمقراطي الدستوري والتأثير على حجم المشاركة الشعبية في الانتخابات»، ومن المفارقة أنّ الحملات ضدّ الاستحقاق الرئاسي الدستوري في سورية بحجة الأزمة القائمة فيها لا تُثار أبداً في دولٍ أخرى تشهد منذ سنوات طويلة حروباً وفتناً وأزمات من أفغانستان إلى الجزائر، إلى مصر، إلى العراق، وغيرها، ما يؤكد «أنّ استهداف سورية وإسقاط مؤسساتها واستنزاف قدراتها وإطاحة إنجازاتها إنما هي هدفٌ صميمي لخدمة أمن «إسرائيل» ومشاريع هيمنة القوى الاستعمارية على المنطقة».

وقال حردان: «إنّ المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي عقد مؤتمراً صحافياً ورشح الرئيس بشار الأسد لرئاسة الجمهورية، وإني باسمكم في اجتماع المجلس القومي أعلن مجدداً ترشيح حزبنا في الوطن وعبر الحدود للرئيس بشار الأسد لولاية جديدة، ثقة منا برسوخ النهج القومي الثابت الذي جسّده في قيادة سورية وبما يمثل من رمزيةٍ تحفظ وحدة الدولة، وتبني سورية المتجددة، وتقضي على المؤامرة وأدواتها، وتثبت موقع سورية في قلب المعادلة القومية والعربية والدولية».

لبنان أمام مفترق

ورأى حردان أنّ «الواقع السياسي والأمني في لبنان، نحا باتجاه ضبط الحدود مع سورية، وإقفال المعابر والممرات للسلاح والمجموعات الإرهابية التي وجدت بيئة حاضنة لها في وسط فريقٍ من اللبنانين، وقوى عربية وإقليمية ودولية، واستظلّت قوى المؤامرة سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها الحكومة السابقة، وتردُّد السلطات في اتخاذ القرارات الضرورية لمنع تحويل لبنان إلى مقرّ وممرّ للمجموعات المسلحة ضدّ سورية، ولم يوفر الغطاء اللازم للجيش، مما حال دون وضع حدٍّ لها، وتمادت إلى استهداف مؤسسة الجيش واستباحة أمن لبنان واستقراره بكلّ الوسائل».

أضاف: «بعد أن وصل لبنان إلى مفترق خطير يهدّد بسقوط الدولة وانفجار الأوضاع وخروجها عن السيطرة، تشكلت حكومة جديدة، ونالت الثقة على أساس بيانها الوزاري الذي حفظ حق المقاومة وخيارها في تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة والدفاع عن لبنان، وفشل فريق الرابع عشر من آذار في محاولة تغييب هذا الحق، وتزامناً مع الانتصارات التي حققها الجيش السوري على طول الحدود مع لبنان، ومع تنامي الرفض الشعبي للممارسات الإرهابية ونشر الموت بالسيارات المفخخة في أكثر من منطقة، أجمعت مؤسسات الدولة ومرجعياتها وأجهزتها على تنفيذ خطة أمنية في مدينة طرابلس وشمال لبنان وفي بعلبك والبقاع الشمالي». وقد نجحت قيادة الجيش والقوى الأمنية بفرض السيطرة على هذه المناطق، وتقويض البؤر الحاضنة للمجموعات الإرهابية والغطاء السياسي الذي كان يتوفر لها من فريق الرابع عشر من آذار».

وتابع: «وسط هذا الواقع، يأتي استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية في ظلّ انقسام داخلي يعكس في أساسه حالة التجاذب الخارجي، ما يفتح المرحلة على أكثر من احتمال إذا لم يتمّ التوصل إلى التوافق على اسم رئيس يوحي الثقة بقناعاته وخياراته حول المقاومة والعلاقات الإيجابية مع الجمهورية العربية السورية».

المصالحة الفلسطينية وإعادة بناء الوحدة

واعتبر حردان أنّ «التحركات الدبلوماسية الأميركية التي تولاها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لتسويق مبادرة للتسوية تعهّد إنجازها الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال ولايته الرئاسية الثانية، إنما تهدف في جوهرها إلى تصفية المسألة الفلسطينية نهائياً لصالح العدو الصهيوني». ولقد استغلّ وزير الخارجية الأميركي انشغال الدول العربية بأوضاعها الداخلية، وتراجع ما مثَّلَتْه فلسطين في وجدان الأمة والعالم العربي، وكذلك انحراف الجامعة العربية عن دورها، وتنطّح دول عربية لقيادة المواجهة ضدّ محورالمقاومة في المنطقة لا ضدّ العدو «الإسرائيلي»، ومارَس الضغوط المكثفة على السلطة الفلسطينية لانتزاع الاعتراف بيهودية الكيان الغاصب والتخلي عن القدس وعن حق العودة، وتجاوز عقبة المستوطنات القائمة أو تلك التي يقوم ببنائها خلال جولات التفاوض المكوكية أو عبر التسويق لوعد «الدولة الفلسطينية» وإغداق المساعدات المالية لتحريك عجلة الاقتصاد الفلسطيني».

أضاف: «إنّ حجم هذه التنازلات لم يلقَ قبولاً لدى حكومة العدو التي اشترطت الاعتراف بيهودية الدولة، وأعاقت تنفيذ البرنامج المتفق عليه بإطلاق مجموعة من الأسرى الفلسطينيين في سجونها». وعلى الرغم من تحميل الإدارة الأميركية جزءاً من المسؤولية للحكومة «الإسرائيلية» عن فشل مفاوضات التسوية، إلا أنّ تحذير وزير الخارجية الاميركي من سياسة الفصل العنصري بفعل موقف حكومة العدو «الإسرائيلي» من قيام دولة فلسطينية مفترضة، لم يترجم مواقف إدانة وفرض عقوبات، أو تنديداً ضدّ العدو «الإسرائيلي» بل إنّ الإدارة الأميركية شنّت حملة ضدّ السلطة الفلسطينية لإقدامها على إتمام المصالحة مع حركة حماس وعلى استئناف السلطة الفلسطينية اتصالاتها الدولية للانضمام إلى اتفاقيات ومعاهدات دولية، كمقدمة للانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية في خطوة تؤشر إلى إخراج مفاوضات التسوية من دائرة الرهان على الإدارة الأميركية وحدها».

لقد واجهت السلطة الفلسطينية مأزق وصول مفاوضات التسوية إلى الحائط المسدود، كما واجهت حركة حماس وصول سياستها في الرهان على انتصار تيار الإخوان المسلمين في العالم العربي إلى المأزق عينه، مما تسبّب في حالة حصار وعزلة يعاني منها أبناء شعبنا في قطاع غزة ويدفعون ثمنها على أكثر من مستوى.

وقال: «إن إنجاز المصالحة الفلسطينية خطوة لإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، وقد يدفع هذا المستجدّ على الساحة الفلسطينية في حال ثبتت جديته إلى رسم صيغة علاقات جديدة تؤثر في مجرى الصراع وتعيد فلسطين إلى صدارة القضايا التي تشكل دمشق قلب معادلتها القومية الاستراتيجية».

العراق في مواجهة الإرهاب

أما حكومة العراق فانخرطت في المواجهة المباشرة مع المجموعات الإرهابية التي اتخذت من محافظة الأنبار في العراق قاعدة تهدّد وحدة الدولة العراقية، كما تهدّد وحدة الدولة السورية وتخطى موقفها السياسي حدود التنديد والتحذير من التدخلات في الأزمة السورية إلى إعلان الحرب على التنظيمات الإرهابية.

الأردن وحالة التململ

ولفت حردان في تقريره إلى «حالة تململ سياسية وشعبية لدى النخب الفكرية والثقافية والوطنية في الأردن، ترفض تحويل الأردن إلى غرفة عمليات وقاعدة عدوان على سورية. وتتصاعد التحركات الشعبية لمواجهة الإغراءات التي تدفع باتجاه زجّ الأردن في الأزمة السورية»، وتتنامى مشاعر القلق والمخاوف من تمدّد المجموعات الإرهابية وتنظيماتها داخل الساحة الأردنية، ما دفع بالنظام الأردني في مؤشر له دلالة إلى شنّ غارات على هذه المجموعات التي تسلّلت من داخل الأراضي السورية إلى داخل الأراضي الأردنية»، كما أنّ زيارة ملك الأردن ولقاءه الرئيس الروسي يحملان علامات القلق الذي تتعرّض له المملكة من ضغوطات عربية ودولية لتوريط الأردن في الصراع الدائر، لا سيما بعد فشل مؤتمر جنيف والتلويح الأميركي بخيار عسكري عبر الجبهة الأردنية وبالتنسيق مع العدو».

إرادة الشعب المصري

واعتبر حردان انّ «القيادة المصرية لم تخضع للضغوط، وهي تنتهج سياسة متوازنة في العلاقات الدولية والعربية، وقد أعادت إحياء العلاقات المصرية ـ الروسية كتعبير عن هذا النهج الجديد»، كما أنّ مواقف القيادة المصرية من موضوع مقعد سورية في الجامعة العربية ليست إلا تعبيراً آخر عن سياسة مصرية جديدة تراعي المصالح المصرية وتحرص على بناء علاقات عربية ودولية غير خاضعة لأهواء الدول المانحة تسليحاً أو تمويلاً، ورغم الوضع الأمني المضطرب الذي تشهده المدن المصرية والأرياف، وسيناء من تفجيرات واغتيالات واستهدافات إرهابية للمرافق والمؤسسات الحيوية، فإنّ التوقعات تشير إلى أنّ الشعب المصري سيعبّر عن إرادته في انتخاب رئيس جديد لمصر يجسّد هوية النظام السياسي وموقع مصر ودورها».

استعادة التوازن في تونس

أما في تونس،فقال حردان: إنّ الشعب وقواه الحية والمدنية، تمكّن من تنحية حكومة الإخوان المسلمين، واستعادة التوازن السياسي الداخلي، وأقرّ دستوراً جديداً يكرّس مدنية الدولة، ويضع حداً لمشروع حركة النهضة الإسلامية الإخوانية في فرض أنماط حكم لا تتوافق مع تراث الشعب التونسي وتجربته الرائدة في بناء الدولة العلمانية».

تصدّع خليجي غير مسبوق

وأشار حردان إلى أنّ «السعودية تواجه مأزقاً فعلياً لوصول سياستها ضدّ سورية والعراق إلى الحائط المسدود، وفشل المجموعات الإرهابية المتطرفة التي تدعمها في تحقيق أيّ إنجاز لتقويض سلطة الدولة ومؤسساتها، والحدّ من قدرة الجيش السوري على بسط سيطرته في أكثر من محافظة وجبهة»، وازداد عمق أزمتها بعد التوافقات في الملف النووي الإيراني، مع الإدارة الأميركية والغرب، وبعد نزع فتائل الهجوم على سورية، بذريعة السلاح الكيماوي».

وأكد حردان أنّ «انتصار الجيش السوري وإنجازاته في منطقة القلمون وفي الغوطتين الشرقية والغربية شكل صدمة للعدو الصهيوني، وقد اعتبر إعلام العدو ومراكز أبحاثه انجازات الجيش السوري خسارة استراتيجية للكيان الصهيوني وأهدافه».

وتحدث حردان عن الدور القطري ضدّ سورية، وتراجعه وعن التصدع غير المسبوق الذي أصاب مجلس التعاون الخليجي.

إقفال الأبواب أمام تركيا

وأشارحردان إلى أنّ «التطورات أربكت موقع تركيا ودورها، فصمود سورية وسقوط نظام الإخوان المسلمين في مصر، وتصاعد النقمة على تيار الإخوان المسلمين في دول الخليج العربي وتصنيفه منظمة إرهابية داخل المملكة العربية السعودية وفي مصر، كلّ ذلك حطم أحلام رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان في استعادة مجد زعامة عثمانية غابرة، وفي امتطائه تيار الإخوان المسلمين بكلّ فئاتهم في العالم العربي وخارجِه، للتربّع على عرش إمبراطورية عثمانية جديدة»، فجأءت الوقائع لتصد هذه النزعة وتقفل البوابة العربية أمام تركيا، كما أقفل باب انتسابها من قبل إلى الاتحاد الأوروبي، وأخذت تخشى من ارتداد الحركات الإرهابية والمتطرفة داخل حدودها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى