«تدريبات على القسوة» رواية لعزة سلطان عن زيف العلاقة
في إطار فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ 14 أصدرت عزة سلطان لدى «دار روافد» روايتها «تدريبات على القسوة»، وهي الأولى لها بعد نحو من تسعة عشر مؤلفاً بين القصة القصيرة وقصص الأطفال والرواية للأطفال والأعمال البحثية في المعلومات والمكتبات.
الرواية في 258 صفحة قطعاً وسطاً وتطرح رؤية جديدة ومختلفة إلى حد التصادم، إذ تكشف العلاقات الإنسانية وتعرّيها، فتبدو الكاتبة مثل جراح يلجأ إلى مشرط للتعامل مع موضوع الرواية، الأنثى، كمحور أساسيّ.
تقدم الكاتبة حكاية فتاة تستغل إمكاناتها المعرفية والجسدية لمصلحتها، مقدمة نموذجًا مختلفًا في إدارة العلاقات الجسدية، من خلال حالة من الوعي الشديد المبهر والصادم معظم الأحيان. تعمل بطلة الرواية عاهرة من نوع مختلف، إذ تُعري المجتمع وتكشف أنماط السلوك الاجتماعي الطاغي، فلا شيء مقدساً في المطلق ولا شيء مدنساً في المطلق. تروي قصتها عبر ثلاثين عامًا، وتقفز بها الكاتبة في تلك السنين برشاقة، مستخدمة دوماً الزمن الآني.
إلى بطلة الرواية كنموذج شائع للأنثى في المجتمع العربي، ثمة نساء أخريات ذوات أنماط مختلفة. تُبرز الكاتبة طبيعة العلاقات بين النساء في مختلف أشكالها ومستوياتها كاشفة أسرار العداء النسائي الكامن، ومفصحة بجرأة شديدة عمّا يكمن في نفوس العديد من النساء.
كما تحرص الكاتبة على تقديم خطوط درامية أخرى، فهناك خط درامي مستقل، حنيني جداً، وعلى نحو ما اعترافي، إذ تتجاوز البطلة مع صديقة قديمة وتقدم إليها تفسيرات وتطرح عليها تساؤلات. هذا الخط الدرامي ذو لغة شعرية ميزت أعمال الكاتبة السابقة، ويشير النقاد في أكثر من موضع إلى شعرية لغتها السردية في مجموعاتها القصصية المتعددة «امرأة تلد رجلاً يشبهك» ـ 1998 ، «أحمد رجل عادي جداً» ـ 2002 ، «تماماً كما يحدث في السينما» ـ 2009 و «جسد باتساع الوطن» ـ 2012 .
يُسرد عدد من الأحلام في خط درامي مستقل، إذ تُحيل الكاتبة القارئ على التفسير الفرويدي حول علاقة الأحلام بحالمها وما قد تكشف عنه مما خفي من حياته.
تشير الكاتبة إلى أن هذه الرواية كتبتها قبل عامين، وظلت تخشى إصدارها لفترة طويلة حتى شجعها بعض الأصدقاء الذين قرأوا المخطوط، إضافة إلى حماسة الناشر لإصدار الرواية.
حول أسلوب عزة سلطان السردي يقول د. صلاح فضل: «هناك مجموعة من السمات التي تعطي كتاباتها مذاقاً مختلفاً عن أبناء جيلها , إذ تقع في قلب منطقة غائمة تمتد من الحداثة إلى ما بعدها بلا تحديد ، كما أنها تفكر عادة بطريقة بصرية تتحوّل فيها الجمل إلى مشاهد ، وتبدو القصص ، كأنها مشاريع سيناريو موسوعة في بعض الأحيان… وفي كتاباتها تكتسب مسحة حسية تمنحها شعرية دافئة مرهفة حيناً وجارحة حيناً آخر ».
الكاتب شريف صالح يقول بدوره عن كتابات عزة سلطان: «تعبر النصوص عن هواجس حواء، بجرأة لافتة أحياناً».
أنجزت عزة سلطان إلى جانب أعمالها الإبداعية عددًا من الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة، وحصلت على «جائزة عبد الحي أديب» في مهرجان الاسكندرية السينمائي عام 2009 عن سيناريو فيلم «دماء الملائكة»، كما نالت جوائز أخرى بينها جائزة النقد السينمائي عام 2007 وجائزة النقد الأدبي عام 2003. ولها العديد من المقالات النقدية حول السينما والرواية في المجلات والصحف المصرية والعربية.
تقول الكاتبة إن موضوع الرواية شغلها لسنوات طويلة كظاهرة بحثية كانت ترصدها وتتابع تطورها، لكنها لم تكن تستقرّ على شكل السرد الذي تعبر فيه عن وجهة نظرها وما يحدث في المجتمع من تغييرات فيها، شأنه أن يغير من طبيعة جوهر الأنثى، حتى جاءت اللحظة التي كتبت فيها الرواية ولم تحمل في البداية العنوان الحالي.
وتقول سلطان: «لست صدامية مع المجتمع. نحن شعب يحتاج إلى صنع التغيير بهدوء ومن دون إثارة الآخرين، ودفعهم إلى التغيير عن طريق التوجيه أو الصدام» معتبرة أن روايتها تصنع حالة صدام مع الآخر إذ تكشف عن التواطؤ المنتشر في المجتمع، وتُعري الزيف، وهذا يمكن أن يقابله البعض بالهجوم كي يتورّط في شبهة التواطؤ.