على خط النار رجال أقسموا على النصر

جمال العفلق

الحرب سجال يوم لك ويوم عليك، قد لا ندرك نحن الجالسون على مقاعدنا نتابع شاشات الإعلام والبيانات العسكرية حجم المعارك الدائرة في بقعة جغرافية ما على أرض المعركة، ولا يسعفنا الخيال لتصور حجم دائرة النار التي تحيط بجنود الجيش وهم يستبسلون في القتال. إنها الحرب لا صوت يعلو على صوتها وصوت المنتصر هو الأقوى عندما يكون مدافعاً عن الأرض ومقاتلاً من أجلها، المنتصر هو ذلك المقاتل الذي ترك كل أحلامه خلفه وحمل راية الوطن وبعض الطلقات وذكرى من حبيبة.

واليوم نحن جميعاً متفقون على أن المعارك على الأرض السورية لا تنفصل بأهدافها ولا بنتائجها عمّا يحدث في اليمن أو ليبيا أو مصر أو العراق. فقد فشل تحالف العدوان على اليمن وفشلت عاصفة الحزم وغاراتها الجوية التي تجاوزت الألفي طلعة لحصد المدنيين، فكان لا بد من نقل عقول الناس وعيونهم إلى معارك أخرى تغطي فشل العدوان الجوي، وهذا ما كان. تركيا تدفع بآلاف المرتزقة عبر الحدود تدفعهم للموت لا يهم العدد ولا الطريقة المهم إعلان نصر وهمي ولو لمدة أسبوع واحد تنشغل فيه وسائل الإعلام ويتفاخر فيه تحالف العدوان. فاليوم التقت المصالح السعودية والتركية وبرعاية أميركية في تحقيق تقدم على جبهة الشمال السوري، لتكون لبنة لطلب تركيا القديم الجديد في خلق منطقة عازلة تحقق حلم أردوغان بالوصول إلى حلب وتحقق حلم ممولي «داعش» بعزل الساحل السوري ووضعه تحت النار.

ولكي نفهم استراتيجية أميركا وذيولها علينا أن نتذكر ما فعله «داعش» في ليبيا عندما أعدم العمال المصريون، وكيف تخلت المجموعة الخليجية عن مصر في مجلس الأمن عندما طلبت تفويضاً أممياً لمحاربة التنظيم في ليبيا، ولكنهم استطاعوا توريط مصر في تحالف العدوان على اليمن. هذا التحالف الذي لم يحقق إلا نتيجة واحدة أنه دعم القاعدة التي هي نفسها «داعش» أو «النصرة» وهي نفسها التي تقاتل في ليبيا وآخر جرائمها العمال الأثيوبيون. وهي الاستراتيجية نفسها في العراق الذي تخلى عن الحشد الشعبي واتهمه بجرائم ضد الإنسانية، بينما جرائم «داعش» وما فعله على نهر دجلة ادعت أميركا أنها لم تتحقق منها على رغم عرضها على كل شاشات الإعلام الغربي والعربي.

هذه صورة بسيطة جداً لواقع الحرب وصوره. بسيطة جداً لحقيقة من يحارب ضد الإنسانية ويدعم ويجلب ويدرب المرتزقة على أراضيه.

اليوم ليس كالأمس ولن يكون الغد مثل اليوم، فهي الحرب وما يأخذه المرتزقة في الليل يستعيده الجيش السوري في النهار، وكم هو واهم من يعتقد أن سكان هذه الأرض يمكن تركيعهم وأخذهم أسرى! وكم هو واهم من يعتقد أن السوريين شعب يهدأ أو يستكين! وما زال في جعبتنا الكثير لن تمر أيام حتى تعود المحطات الإعلامية نفسها، لتدّعي أن الجيش يقصف بالطيران هذه المنطقة أو تلك ويتباكى على الضحايا ولكنه لن يذكر الجيش السوري يقصف مواقع المرتزقة الآتين من خارج الحدود.

لقد أعلن أعداء سورية مراراً وتكراراً أنهم لن يسلموا، وما يشغلهم اليوم أكثر من أي يوم سابق نضوج الشارع الغربي وفهمه لواقع الحرب على سورية. وما الأصوات التي يحاولون تكميمها ومنعها من نشر الحقائق إلا دليل على هزيمتهم. ولم يعد الحديث اليوم عن ثورة وربيع عربي مزعوم، اليوم يعلم كل العالم أن سورية والسوريين يقاتلون الإرهاب الآتي إليهم عبر تركيا والأردن والسعودية.

أما جبهة الداخل، فهي مختلفة تبعاً للثقافة والانتماء، ولكن يبقى المؤمنون بالجيش ونصره هم الأكثرية أما الذين يجلسون في بيوتهم والرمادية تطغى على تفكيرهم أقول لهم:

بطل ومغوار أنت أيها الجالس في منزلك وتعلمنا كيف القتا.!

بطل ومغوار أنت الذي أرسلت زوجك إلى أوروبا للجوء وتنتظر لمّ الشمل وتسخر من خسارة معركة خاضها الجيش السوري.

بطل ومغوار أنت الذي تخطط للهرب وتطلق المواقف الرمادية.

بطل ومغوار أنت الذي تفسد في الأرض وتدّعي النزاهة.

فهذه حربنا وهذه أرضنا ولن نسلّمها أو نساوم عليها حتى لو بقي منا مَن بقي. فمن آمن بوطنه ليحمل سلاحه ويقاتل والأسلحة كثيرة بندقية كانت أم قلماً، ماله أو أولاده. فلكل دوره في هذه الحرب ولكل نصيبه منها. قدمت سورية الكثير وما زالت تقدم في مقاومة عدوان ستين دولة اجتمعت على تدميرها.

وكم هم أغبياء أعداء سورية إذا ما اعتقدوا أن روح المقاومة تنتهي بمعركة! فعلى خط النار رجال أقسموا على النصر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى