مرسوم أميركي بإمضاء ملكيّ فهل من يتعظ…؟
سعد الله الخليل
رسخ القرار الملكي السعودي بإعفاء مقرن بن عبد العزيز من منصبه كولي للعهد وتعيين محمد بن نايف بدلاً منه وجهة النظر التي تقول بأنّ تعيين مقرن لم يكن سوى جسر عبور لترقية بن نايف وتحضيره لكي يتولى قريباً عرش المملكة، التي يعاني ملكها الحالي سلمان من مرض الخرف، خاصة أنّ تعيينه كولي للعهد أتى بعد أشهر من إقصائه من منصبه كرئيس لـلاستخبارات بعد عجزه وبندر بن سلطان عن إحداث تغييرات في مشهد الحرب في سورية، والسماح للدوحة بتسيّد المشهد والسيطرة على الجماعات المسلحة في سورية، بالتوازي مع سطوع نجم إبن أخيه بن نايف في منصب وزير الداخلية ولقائه الرئيس الاميركي باراك أوباما في البيت الأبيض في أول زيارة له إلى واشنطن، وهي سابقة من نوعها على مستوى البيت الأبيض أن يلتقي الرئيس وزير داخلية.
في الشق الآخر من قرار الانقلاب السديري كما يحلو لبعض الأوساط تسمية القرار، تبدو النكهة الأميركية أكثر وضوحاً ونضوجاً، فتعيين عادل الجبير سفير المملكة في واشنطن وتلميذ بندر بن سلطان كخليفة لأقدم وزير خارجية في العالم بعد أربعين عاماً قضاها الجبير في واشنطن، يقدم صورة واضحة للمخطط الأميركي بتغيير طاقم إدارتها للمملكة، تحت يافطة منح الشباب فرصة في الحكم، ما يفسّر مقدار الزخم من القوة التي بدت على الجبير إبان عدوان آل سعود على اليمن وعاصفة حزمهم من إعلانه الحرب من واشنطن في مشهد يبدو وكأنه «بروفا» للممارسة الديبلوماسية لوزير خارجية لاحق تُمسك واشنطن بماضيه وحاضره، رغم امتعاض السديريين من ولائه للشمريين والملك الراحل عبد الله، وهو آخر ما يعني السياسة الأميركية، بعدما مُنيت به عاصفة الحزم من فشل ذريع في تحقيق الأهداف الأميركية والسعودية المعلنة في كفّ يد طهران عن اليمن والخليج.
فشل أعلنته واشنطن قبل طهران وما احتجاز البحرية الإيرانية «ميرس كتيجرس»، التي أجبرتها البحرية الإيرانية على الدخول إلى ميناء بندر عباس، سوى إشارة لهذا الفشل، تبدو الحاجة إلى قرار أميركي بالسير في استراتيجيات جديدة تفرض الاستعانة بشخصيات جديدة لإدارة الدفة الأميركية في المشهد اليمني والسعودي بل وينعكس أيضاً على مجريات الأحداث في سورية، وربما يكون السلوك السعودي خلال الأشهر المقبلة في الملف السوري المؤشر الحقيقي للخطط والتوجهات الأميركية سواء باتجاه الذهاب إلى التفاوض أو السير في التصعيد بما يفرض الانضباط في التعامل مع تعليمات واشنطن، بعيداً عن مغامرات هامشية كتلك التي ارتكبها سعود ومقرن وغيرهم من الأدوات، والتي كانت المرحلة السابقة ربما تقتضي السماح ببعض البهلوانيات، فيما بات التغريد خارج السرب من المحرّمات، كونه لا يصبّ في المصلحة الأميركية العليا، ويهدّد بقلب الطاولة.
هو إيعاز لا بدّ أن يلتقطه سلطان الآستانة الجديد القابع في قصور أنقرة رجب طيب آردوغان والذي يستمدّ من أجداده وهم العظمة الذي ما يلبث أن يسقط أمام كلّ استحقاق، وربما تغدو الفرصة سانحة في الانتخابات المقبلة لإحداث تغييرات على الساحة التركية وفق الرؤية الأميركية، ولعلّ صراخ داوود أوغلو واتهامه المعارضة بالتكتل في وجه حزب العدالة والتنمية ودعم الكيان الموازي يحمل بعض ما يحضر على الساحة التركية وفق النموذج السعودي.
نسائم الشام واليمن تهبّ على مملكة آل سعود، عواصف رملية أميركية تقتلع أمراء وشيوخاً… فهل من يتعظ؟
«توب نيوز»