أوروبا تنسى من الذي انتصر على هتلر!
تناولت صحيفة «كمسمولسكايا برافدا» نتائج الاستطلاع الذي أجرته وكالة «ICM» البريطانية للبحوث، في شأن الجيش الذي انتصر على هتلر.
وجاء في المقال: لقد نزلت كالصاعقة نتائج الاستطلاع الذي استمر من 20 آذار الماضي ولغاية 9 نيسان الجاري، وشاركت فيه عيّنة مكوّنة من 3000 شخص في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
كان الهدف من الاستطلاع معرفة أي جيش من جيوش الحلفاء، برأي المشاركين، لعب الدور الحاسم في تحرير أوروبا من الفاشية الألمانية.
طرح المُستطلِعون على المشاركين في الاستطلاع خمسة خيارات: الجيش البريطاني، الجيش السوفياتي، الجيش الأميركي، جيوش أخرى، ولا أعرف.
وجاءت النتيجة على الشكل التالي بالنسبة المئوية:
الجيش البريطاني: في ألمانيا 4 في المئة. في فرنسا 4 في المئة، في بريطانيا 46 في المئة، المتوسط 20 في المئة .
الجيش الأميركي: في ألمانيا 52 في المئة. في فرنسا 61 في المئة، في بريطانيا 16 في المئة، المتوسط 43 في المئة .
الجيش السوفياتي: في ألمانيا 17 في المئة. في فرنسا 8 في المئة، في بريطانيا 13 في المئة، المتوسط 13 في المئة .
جيوش أخرى: في ألمانيا 3 في المئة. في فرنسا 3 في المئة، في بريطانيا 2 في المئة، المتوسط 2 في المئة .
لا أعرف: في ألمانيا 24 في المئة. في فرنسا 19 في المئة، في بريطانيا 23 في المئة، المتوسط 22 في المئة .
يمكن القول، لو كان هتلر على قيد الحياة لكان سيفاجأ بهذه النتائج، خصوصاً إذا اخذنا بالاعتبار أن الجيش الأحمر السوفياتي حرّر نصف مساحة أوروبا المعاصرة، وأكثر من عشر دول أوروبية. أما إذا تحدثنا بدقة أكبر، فإن الجيش الأحمر، حرّر 16 دولة مستقلة حالياً في أوروبا مجموع سكانها حوالى 120 مليون نسمة ، وست دول أخرى بالتعاون مع الحلفاء.
كما يجب توضيح من حرر أوروبا فعلاً: لقد حطم الجيش السوفياتي الأحمر 506 فرق عسكرية ألمانية وحوالى 100 فرقة أخرى لحلفاء هتلر. أما الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا معاً فقد حطّمتا 176 فرقة فاشية على كافة الجبهات ومن ضمنها شمال أفريقيا . من هذا يتبين أن نسبة مساهمة الجيش الأحمر في الانتصار على الفاشية تعادل 78 في المئة، ومساهمة الجيشين الأميركي والبريطاني معاً 22 في المئة فقط.
صحيح كانت هناك المقاومات الفرنسية والبولندية واليوغوسلافية واليونانية، ولكن دورها لم يكن حاسماً في تحقيق النصر على ألمانيا النازية.
هنا يجب أن نتذكر ما قاله الفيلد مارشال الألماني، كيتيل للمارشال السوفياتي غيورغي جوكوف، أثناء توقيع وثيقة استسلام ألمانيا من دون قيد أو شرط، مشيراً باستغراب إلى الوفد الفرنسي: «هل هؤلاء أيضاً من المنتصرين علينا؟».
كنّا لفترة طويلة ننظر بتسامح إلى محاولات أوروبا والولايات المتحدة الأميركية في شأن تقليل دور الاتحاد السوفياتي والجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية. من جانب لأنه كان لنا الانتصار الكبير في الحرب الوطنية العظمى 1941-1945 ، ومن جانب آخر، كان يبدو عدم إمكانية تقليل هذا الدور.
ولكن، تبين ان المحاولات الدورية المنتظمة خلال عشرات السنين للتقليل من دور التحاد السوفياتي جاءت بنتيجة، إذ تمّ خلال هذا النهج، تجاهل المعارك الطاحنة على الجبهة الشرقية وتضخيم المعارك على الجبهة الغربية، وبهذا الشكل تم تغيير الصورة في المجتمع ليس فقط في دولة واحدة، بل في القارة بكاملها، إذ أصبح الأبيض رمادياً والرمادي أبيض.
بالذات، لهذه الأسباب، تجري في أوروبا، خصوصاً في أوروبا الشرقية، عملية إعادة كتابة الكتب المدرسية، ويمنع البولنديون مرور مجموعة «ذئاب الليل» عبر أراضيهم للوصول إلى برلين، كما تمنع الأفلام السينمائية السوفياتية والروسية عن الحرب العالمية الثانية في أوكرانيا. والدبلوماسيون البولنديون يقولون إن معسكر «أوشفيتز» حرّره الأوكرانيون لا الجيش الأحمر. وسفراء الولايات المتحدة يمنعون رؤساء الدول والحكومات الأوروبية من السفر إلى موسكو لحضور الاستعراض العسكري المكرّس لـ«يوم النصر على النازية». كل هذا يعطي الحق للشعوب بالتساؤل، من الذي فعلاً انتصر على النازية؟
تحاول النخبة الحاكمة في الغرب حالياً تعتيم هذه المسألة بكافة السبل، بحيث لا تظهر كلمة حق أو فيلم يعكس الواقع، ويمنع توزيع شريط جاورجيوس الذي يعبّر عن النصر في أوروبا، لأنّ محاولاتهم كافة تذهب إدراج الرياح على عكسه.
يحتمل أن تكون الخطوة التالية من جانبهم مساواة ستالين بهتلر واعتبار الاتحاد السوفياتي مذنباً في نشوب الحرب مع ألمانيا الفاشية.
إن المتلاعبين بالرأي العام ينفّذون برنامجهم للوصول إلى هدفهم. ففي أوكرانيا بدأوا بهذه العملية قبل غيرهم، إذ يعتبرون بانديرا الفاشي ومؤازريه مناضلين من أجل الديمقراطية والتحرّر، ويعلنون أن قوات الجيش الشعبي في الدونباس هم الذين يقصفون السكان المدنيين ويدمّرون قراهم وبلداتهم.