كيسنجر والشيخ حمود ـ سوا وحمص ـ 14 وهِلْ ـ الخوف والقلق

ناصر قنديل

– هنري كيسنجر آخر ملوك أميركا يقول إنّ على الأميركيين عدم تجاهل أنّ فلاديمير بوتين الذي يريدون شيطنته، هو من أنفق على ألعاب سوتشي مطلع العام ستين مليار دولار، ومن يفعل ذلك ليس هتلر جديداً بل زعيم وطني يريد لبلده مكانة تتناسب مع حجمه، والخصومة الأميركية مع روسيا حول أوكرانيا تعبير عن تصادم مصالح يجب إدارته بهذه الحدود، لكن يجب معرفة متى يتم الانسحاب من المواجهة ورسم سقوفها.

– الشيخ ماهر حمود يرفض الانضمام إلى منتقدي زيارة البطريرك بشارة الراعي إلى القدس المحتلة، ويرفض أن تطرح حولها أي شبهة تؤدي إلى تسهيل التطبيع، ويشبهها بما يفعله الشيخ رائد صلاح في المسجد الأقصى وبزيارة إمام الأزهر الشيخ علي جمعة إلى القدس، ونشاط النواب العرب في الكنيست، وربما تكون بحسب رأيه الزيارة فرصة إيجابية.

– كلام كيسنجر أقنعني، لأنه ينطلق من وقائع يسقطها على فرضيات متشابهة للقياس، وكلام الصديق الشيخ ماهر لم يقنعني، لأنه ينطلق من فرضيات ويسقطها على وقائع غير متشابهة للقياس، فالأزهر في دولة تعترف بإسرائيل والباقون تحت الاحتلال مع الفوارق الكبيرة، ومخاطر الخرق في الجدار المسيحي العربي ومخاطر استهداف المسيحيين العرب بجريرة الزيارة في زمن التكفير، أسئلة لم يجب عليها شيخنا، بينما أجاب كيسنجر على عبثية شيطنة بوتين، ولا جدوى الرهان على الحرب المفتوحة مع روسيا، ولا قدرة تحمل تبعاتها وتداعياتها.



– الرئيس السوري بشار الأسد أعلن حملته الانتخابية وافتتحها تحت شعار «سوا»، وتطبيقاتها المتعددة مثل «سوا نستعيد وحدة سورية» و«سوا نبنيها أجمل» و«سوا نحرر الجولان» و«سوا نحارب الإرهاب» و«سوا نطور نموذج الحكم الرشيد» و«سوا نعيد بناء ما تهدم»، كلها إبداعات تتسع لها «سوا» ومعها تحمل إشارات التشارك والتواضع والواقعية.

– جهد استثنائي ضائع تضعه المؤسسات الإعلامية المنخرطة في الحرب على سورية لتخفيف وطأة تسوية حمص، فالثابت أن التسوية نتيجة حتمية لمسار الحرب على سورية، ورفض اعتباره النموذج الذي ينتظر أماكن أخرى كثيرة نضجت قبل حمص، وبقي الإصرار على تأخيرها ريثما تكون حمص أولاً، كي يبقى التدحرج ممكناً من بعدها، فلو انتهت حلب وريف إدلب قبلها كيف وإلى أين يذهب من كانوا محاصرين في حمص، فشطف الدرج يبدأ من فوق والفوق في الخريطة العسكرية السورية هو حمص.



– طالب قادة في الرابع عشر من آذار السفير الأميركي في لبنان ديفيد هِلْ بإصدار بيان نفي لما نشرته «البناء» نقلاً عن مجالسه الخاصة مع زواره، حول تسوية حمص وما شكلته من درع تثبيت لرئاسة ونصر الرئيس بشار الأسد بمباركة سعودية، وعن اعتباره أن حسم حزب الله السريع لحرب القلمون بالتعاون مع الجيش السوري وضع بيد حزب الله ساعة توقيت الاستحقاق الرئاسي، وهو يتركها مفتوحة لحساب حليفه العماد ميشال عون لأن ساعة توقيت الغرب تشتغل على خطر تسلل القاعدة إلى لبنان وتمركزها فيه، وهذا قد صار وراءنا بعد القلمون، فكان جوابه أنه يدرس التفاعلات الناجمة عن هذا الكلام قبل أن يقرر النفي أو التجاهل.



– الخوف والقلق حالتان شعوريتان إنسانيتان تضيع أوصافهما علينا أحياناً وتضيع الفوارق بينهما أحياناً مرات أخرى، فالخوف ليس مما يكون بل مما سيكون، لأننا في لحظة الوقوع لحدث صاعق ينتهي لا نشعر بالخوف بل بالصدمة، كزلزال أو تفجير أو حريق، ويأتي الخوف من توقعاتنا بحدوث الأسوأ، والخوف شعور مشروط بفعل يصنعه الخيال بصيغة توقعات هندسية لتقاطع خطوط تطورات ترسمها الأحداث الصادمة التي وقعت، أما القلق فهو غالباً مرتبط بانتظارات لتوقعات ناتجة من فعل نقوم به وليس لفعل يقع علينا من خارجنا، والقلق غالباً فعل تحفيز إيجابي نحو الخارج، بينما الخوف فعل تقعر وانكفاء سلبي نحو الداخل، ومن زادت نسبة عبوره في ممرات القلق على الخوف هو الإنسان الفاعل، ومن زاد عبوره في الخوف هو الإنسان المنفعل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى