قالت له

الحبّ أغلى من كلّ مال الدنيا، وأنا أحبّك والفقر لا يقتل فينا الحب.

فقال لها إن بقينا عن بعدٍ يبقى الحبّ، وكلما اقتربنا صار المال ثالثنا، ونصف انهيارات قصص الحبّ الجميلة بسبب هذا الشريك السرّي لكلّ زواج.

فقالت: ولماذا يعارض الرجل عمل المرأة وهي قد تكون سنداً؟

فقال لها: لا يعارض الرجل إلّا إذا كان العمل سيصنع للمرأة دخلاً ومكانة أرفع من دخله ومكانته، أو ما يجعلها أقدر على الاستقلال عنه. فهو لا يريدها إلّا بصفة واحدة… زوجته. وأن يغدق عليها المال فيرى ابتسامتها سواء كان المال قليلاً أو كثيراً. المهم أن يكون بحجم انتزاع الابتسامة، أي أن تكون حاجتها إلى المال تجعل قليله مصدراً لفرحها.

فقالت له: لكن المرأة إن تقدّمت ونجحت تفكّر بالاستقرار لا بالتغيير كما يفعل الرجل. إذا كثر ماله وارتقى مقامه تزوّج غيرها. فلِم يريدها كمتسوّل ينتظر عطاءاته، فهو يريدها خادمةً تفرح بسيّدها، وهي تريده أميراً يفرح بأميرة.

فقال: الأمير هذا يرى الحبّ شغفاً كلّما زادت أميرته استقلالاً. وهذا يعرف معناه الأمير فقط فيجعلها أميرة ويبقى يقاتل كلّ يوم ليستحقها… لذلك فتّشي عن قلب الأمير لا عن لباسه واللقب.

فقالت: توّجتك أميري… ورمت رأسها على كتفه.

قالت له: أهكذا تكون الحياة؟ لحظة أمنٍ بين رصاصتين، أخطأتك الأولى والثانية في الانتظار؟ أو بُعدُ آلاف الأميال عن أرضٍ تُنازع الموت في زمن اشتباك؟!

لا الهروب مقبولٌ ولا حتى الاختباء. الوطن هو حضن أملٍ ومنبت أجمل الأيام. رحلةٌ مرةٌ؟ ما هكذا تكون الحياة!

قال لها: إنه زمن حربٍ، من يقدر لا يريد، ولا يملك من يستطيع ودائماً يدفع الثمن الفقير. أمرٌ لا يوصف. العالم في عصر التغيير يمهّد لعودةٍ إلى بداية الطريق من جديد، وإلى السوق تكدّس معامل الأسلحة رؤوس الأموال فتتمزّق الأوطان بين اللاعبين الكبار. لا ملاذ آمناً في زمن الاشتباك.

قالت له: لا تغلق عليّ الآفاق. فنحن إذا ما واصلنا رحلاتنا اليومية نتحادث أحياناً ونتعاتب قليلاً. نهدم بعزمنا الجدار ونغرس أقدامنا في التراب. وستنبت لنا جذور تنفض عنّا سواد الدخان الدامي، ونعيد حينذاك بناء الحطام.

قال لها: أنت لا تكفّين عن الكلام، فيما عجلات الزمان تمرّ فوق أجسادنا ببطء فأخاف أن يتقلص الوطن مفتاحاً يرثه الأحفاد مع قصص ذكرياتٍ عن الأجداد. رحمتك يا الله إنه عذابٌ كبير. وأنت عن الأحلام لا تكفّين.

قالت له: الحلم ضرورة الحياة، ومنه ينطلق المخلصون لبناء البلاد.

رانية فؤاد الصوص

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى