رياضيات في الكلام

الفتنة أن يضيع الخير من الشرّ، فيصير الأمر بين خيرٍ فيه بعضٌ من الشرّ، أو شرّاً فيه بعضٌ من الخير. كحقّ فيه وجه باطلٍ، وباطلٍ فيه وجه حقّ. والعاقل مَن احتاط، والاحتياط بالتطرّف لا بالاعتدال. فحيث يختلط الخير والشرّ، الوسط ذروة الضياع.

كلّ مساحة من الحرّية نحصل عليها بلا ثمن، هي ادّعاء باطل. وعندما يفيض الثمن عن قيمة الحرّية، تكون الحرّية باطلة. وعندما نصرّ على الحرّية بقيمتها العالية ونريدها بلا ثمن، نصير نحن أهل باطل. وكلّ حرّية تعني عبودية جديدة، عبودية لعادة أو لنزوة أو شهوة أو لشخص أو لمال أو لمهنة أو لوطن أو لأسرة أو عصبية، والحرّية التي لا ترتّب عبودية مقابلة، هي العبودية للفوضى. ولذلك هي أسوأ أنواع الحرّيات، وأقسى أنواع العبوديات. وكّل تراجع عن حرّية تحقّقت لمقايضتها بعبودية، كانت كالتراجع عن العبودية نفسها مرّة ثانية لنيل هذه الحرّية من جديد. ضياع لكليهما، لأن حالة الفرح أصلها فرح الحصول والوصول واللقاء الأوّل. فلنمض من حيث نحن وعيوننا إلى الأمام، نتعلم بكلفة خبرات نراكمها، وإلا صرنا عبيداً للندم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى