تحالفات الكبار نصر في الميدان والسياسة…

سعد الله الخليل

تعقيدات المشهد الإقليمي والتسارع في ترتيب الأوراق والاستعداد للمنازلات الكبرى في السياسة لا تقلّ حرارة واستعاراً عما هي في الميدان، ففي قواعد الحرب التقليدية يصل صوتك حيث تصل مدافعك فكيف إذا كانت الحروب إقليمية دولية على أكثر من جبهة وساحة، أقواها الساحة السورية، والتي ربما فرض تماسكها وصمودها فتح تلك الجبهات، ودفع أركان الحرب على سورية إلى إثارة حروب الخطط البديلة في مواجهتها لمحور المقاومة، ما يوحي بمعارك آتية تلهب صيف بلاد الشام المقبل الذي بدأ حاراً من بدايته رغم تأخر موعده.

وفي هذا السياق تأتي زيارة وزير الدفاع السوري العماد فهد جاسم الفريج إلى طهران في التوقيت المناسب ببعديها السياسي والعسكري. فبعد الحملة الشرسة والإندفاعة التركية المحمومة ضدّ إدلب وجسر الشغور كجزء من تنسيق تركي ـ سعودي، حيث تدرك طهران ودمشق أنّ ما جرى ويجري في جسر المناطق الحدودي لم ولن يكن في يوم من الأيام جهد مجموعات مسلحة محلية باحثة عن حقوق مشروعة لتلبية طموح الجماهير السورية، فأصوات المدفعية التركية التي غطت اجتياز الإرهابيين الحدود لا يمكن أن تغطيه الفضائيات المموّلة من آل سعود، ولا أن يلقى تنديد هواة السياسة الفاشلين نزلاء فنادق اسطنبول الفرحين والمحتفلين بـ«نصر النصرة» في إدلب وجسر الشغور، فلا مشكلة في التعاطي مع «النصرة» كصديق لمعارضة اسطنبول والإقرار ببناء تحالفات تكتيكية معها في إدلب بلسان رئيس ائتلافها التركي خالد الخوجة الذي يبدو أنه نسي قوله في تصريحات سابقة إنّ «جبهة النصرة» تشكل خطراً على ائتلافه لا يقلّ عن خطر «داعش»، وأنه من أكبر أخطاء رؤساء الائتلاف السابقين أنّهم لم يصرّحوا بذلك، وهو ما ردّت عليه «النصرة» بوصف الائتلاف بأنه لا يمثل حتى نفسه.

كلام الخوجة ليس بجديد فرئيس الائتلاف السابق معاذ الخطيب أصرّ على أنّ «النصرة» فصيل ثوري وازن، وحين زار ميشيل كيلو أحد منظري الائتلاف أبهرته «النصرة» بديمقراطيتها وتعاملها.

بهذه التحالفات التكتيكية، وبدعم تركي وسعودي، وبأمثال زهران علوش الذي تسوّق بعض المواقع الوهابية لظهورة ضمن ثلة إرهابيين على انه استعراض عسكري يشابه استعراضات الجيش الأحمر، حيث يراهن الائتلاف على كسر التحالفات الاستراتيجية في محور المقاومة الذي عمّقته الأحداث السورية، فيما تدرك أنقرة أنّ جلّ ما يمكنها جنيه من معركة الشمال حجز مقعد في جنيف يتوافق مع مساحة انتشار «النصرة»، وهو ما تدركه دمشق وطهران ولم تسمح به فمن خاض الحرب أربع سنوات لكسر أضلاع التحالف السعودي التركي «الإسرائيلي» لن تسمح به في الساعات الأخيرة من المعركة، وهو ما يفرض معركة شرسة مقبلة في بوابة الشمال استدعت التنسيق السوري الإيراني الروسي، ولعلّ كلام العماد الفريج في المؤتمر الصحافي مع نظيره الإيراني عن استعداد سورية للقتال في سورية وخارجها رسالة وصل صداها في عواصم القرار، فمشاورات رسالة التكامل والتنسيق في القدرات، لتغيير الوقائع الميدانية ولتأمين احتياجات المعارك المتوقعة في الأشهر المقبلة بالتزامن مع انعقاد مؤتمر جنيف، وتوقيع الاتفاق النووي الإيراني بصيغته النهائية.

تحالفات الكبار تصنع النصر لكلّ أطرافها فيما سعي الصغار وراء الكبار يجعلهم ورقة سهلة الاستخدام والحرق والرمي في سلة النفايات الموضوعة تحت طاولة جنيف، وهو ما قد يكون حال بعض الأطراف التي تتحالف تكتيكياً.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى