جودة: السعودية تبيع وهماً بأنها قادرة على إنهاء النظام في سورية

حاوره سعد الله الخليل

على أبواب «مؤتمر جنيف 3»، وفيما الأطراف السياسية السورية تحضّر أوراقها التفاوضية أثار هروب رئيس تيار «بناء الدولة» لؤي حسين ونائبه الدكتورة منى غانم من سورية إلى إسبانيا مروراً بتركيا، تساؤلات عدة، عن الأسباب، ربما وجد بعضها إجابات في تغيّر الخطاب السياسي لحسين، الأمر الذي دفع أعضاء التيار في الداخل إلى الإنسحاب الجماعي منه.

ويؤكد نائب الرئيس السابق للتيار أنس جودة في حوار مشترك لصحيفة «البناء» و«شبكة توب نيوز»، أن قرار الأنسحاب جاء بعد خروج حسين من سورية بطريقة غير شرعية، وبعدها بدأت الأمور تأخذ منحى يخالف توجهات التيار ومبادئه التأسيسية، ومن هذه الأمور الخطاب الطائفي لحسين، ولهذا كان القرار بالإنسحاب بعد تصريحات حسين «التي تنظر إلى الشعب السوري كطوائف وليس كمكوّن واحد، فبدأ الحديث عن وجوب أن تنتفض طوائف معينة في وجه النظام وهذا لايجوز، فنحن لاننظر إلى النشأة الطائفية للمواطن أو الأحزاب، بل ننظر فقط إلى البرنامج السياسي إن كان قيد التوافق عليه أم لا، أما الحديث عن الطوائف فهذا أمر خطير ومرفوض».

تغيّر خطاب حسين

ولفت جودة إلى «رفض حسين الحديث عن العملية السياسية المتجليّة في بيان جنيف الذي يتحدث عن صيغة تشاركية بين النظام والمعارضة والمجموعات الأخرى ، وانتقل إلى الحديث عن إسقاط النظام وهو موقف يتماهى مع المعارضة الخارجية التي نختلف معها».

وأكد جودة «أن التيار لم يعد موجوداً في الداخل ، ولكن المجموعة الباقية ستنطلق إلى مكوّن جديد ذي فعالية في الداخل يتواصل مع الناس، لأن السياسة تعني التواصل مع الأرض ولاتعني مؤتمرات أو مقابلات»، لافتا إلى « أن الأنسحاب لم يرد له أن يكون مبنياً على حادثة هروب لؤي حسين فقط من دون مبرر، بل بني على تغير الخطاب السياسي للتيار».

وأضاف « شخصياً تفاجأت بهذه التصريحات والقرار الذي اتخذه حسين ، فقد كنا نتحدث في الفترة الماضية عن صعوبة العمل السياسي وصعوبة إحداث خرق سياسي على مستوى الحكومة التشاركية، ولكن هذه الصعوبات لاتبرر الإنتقال إلى الضفة الأخرى والعمل بهذه الطريقة»، مشيراً إلى «أن الصعوبات ليست بجديدة فعدم التوافق الروسي الإقليمي قائم منذ بداية الأزمة، و كذلك،عدم التوافق الإقليمي ـ الإقليمي أيضاً ، لكن مهمة السياسي والناشط في الحق العام هو السعي إلى بناء الحلول ضمن هذه الصراعات والتوافقات».

ورأى جودة أن قرار مشاركة التيار في مؤتمرجنيف صدر من الخارج ولم يكن أحد من الداخل يعلم به، وقال:»نحن كنا بموضوع البحث عن حلّ بعد خروج حسين وغانم من التيار وعدم خروجهم، وقرار المشاركة أتى من الخارج من دون تشاور مع الداخل، لذلك قررنا الإنسحاب للحفاظ على ماتبقى من التيار وعدم الدخول في مهاترات سياسية بعد الضعف الذي أصاب المعارضة الداخلية، فلا نريد أن نخرج بصورة سيئة أمام السوريين».

واعتبر «أن المهم هو المبادئ الأساسية التي تقول إن السوريين مواطنون متساوون في الحرية والحقوق وليسوا طوائف وكيانات ماقبل الدولة، وهذا مانعمل عليه بالإضافة إلى العمل التشاركي والحفاظ على سيادة الدولة والجيش، والعملية السلمية ومكافحة الإرهاب، وضمن هذا سيكون التوجه والنظم الناظمة للعمل». وأكد جودة أن «بالإمكان دائماً إعادة البناء والتواصل مع الناس طالما هؤلاء الأشخاص متوافقون على البناء»، لافتاً إلى «أن من الصعوبة القول إن جنيف 3 سيقدم حلاً للسورين، فالصورة مختلفة والصراع أصبح إقليمياً متعدد الأطراف بالإضافة إلى أن المفاوضات السورية أيضاً أصبحت متعددة الأطراف ولم تعد بين سلطة ومعارضة». وشدد «على وجوب النظر إلى الحل الأساسي السياسي على مستوى الدولة السورية والحكومة المركزية بالإضافة إلى موضوع المجموعات المسلحة السورية وموضوع مكافحة الإرهاب المتمثل بجبهة النصرة وتنظيم داعش، وهي ثلاثة مستويات مطروحة للنقاش بالإضافة إلى المستوى الحياتي والخدمي مضافاً إليه المستوى الإقليمي والدولي الذي من الصعوبة الحديث عنه اليوم».

يرفض جودة تكريس الإنقسام الحاصل على الأرض في أي تسوية سياسية «وهذا يقع على عاتق السلطة التي تمثل الدولة السورية»، لافتاً إلى حديث للمبعوث الدولي ستيفان ديمستورا عن حضور غير مباشر للنصرة وداعش وهذا أمر مرفوض. وأضاف»نحن لانقبل أن تعامل السلطة الممثلة للدولة السورية بندية مع النصرة وداعش كما تحدث ديميستورا، فمسؤولية السلطة كبيرة في الحفاظ على صيغة الدولة التي تمثلها، وتحويل وقف إطلاق النار إلى مصالحات حقيقية وإعادة بناء جسور مع المجموعات المسلحة التي تعترف بسوريتها، وانتقال الجيش إلى حرب في مناطق يكون ظهره محمياً فيها أمام المجموعات المسلحة الإرهابية»،

وأعرب جودة «عن إيمانه بإمكان بناء توافقات»ترتقي بالحد الأدنى إلى التوافقات الوطنية التي بنتها القوى السياسية الموجودة في الداخل»، معتبراً «أن السعودية اليوم تبيع وهماً بأنها قادرة على إنهاء النظام، يشبه وهم الأئتلاف بالتدخل البري والجوي، فيجب بناء توافقات مبدئية بالحد الأدنى مابين السوريين، إذ نحن على أعتاب إنهاء حرب « السنتين « السورية التي تشابه حرب «السنتين « اللبنانية أثناء الحرب الأهلية، آملاً «أن تكون القوى الفاعلة على الأرض أصبحت واضحة للأنتقال للحل السياسي الشامل».

وأشار إلى «صيف يمتاز بالتصعيد العسكري الواضح لكن نهايته إلى بناء التوافقات». وشدد على «وجوب الوصول إلى حالة ما من الحديث عن توافق على خلفية عدم قدرة أي طرف على الانتصار على الطرف الأخر، ولو على مستوى إدارة الأمر الواقع وهذا مهم لإعادة التواصل». من هنا اعتبر جودة أنه «يجب على المعارضين الموجودين في الخارج إزالة الوهم بأن تركيا والسعودية قادرتان على إنهاء الطرف الأخر، وهذا بدوره موجه أيضاً إلى السلطة بأن تتوقف عن الحديث عن الحسم العسكري على الأرض والاتجاه لبناء التوافقات السورية حتى نستطيع محاربة الإرهاب الذي يتنامى». واعتبر ان «الإجابة على طرح المبعوث الأممي إلى سورية فكرة التفاوض لأشهر في جنيف، تعطى وفقاً لما ستؤول إليه العمليات العسكرية على الأرض».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى