أوباما يعصف بالسعودية قبل «كامب ديفيد»

بشرى الفروي

لم ينتظر الرئيس الاميركي «باراك أوباما « لقاءه المرتقب في الشهر الجاري مع القادة الخليجيين في كامب ديفيد ليبدد مخاوفهم من الاتفاق النووي مع ايران وليسمع شكواهم وامتعاضهم من انفتاح واشنطن على طهران وقلقهم من انتقاد واشنطن لسياساتهم الخارجية.

بل سارع أوباما بالفعل إلى تغيير سريع في هيكلية الحكم في السعودية، وصفها مراقبون بأنها انقلاب داخل العائلة الحاكمة، وذلك بإقصاء مفاجئ لأمراء الدبلوماسية والأمن وبتغييرات شملت ولي العهد وولي ولي العهد.

فبعد ثلاثة أشهر من توليه العرش أقدم العاهل على تغيرات طاولت الأخ الغير الشقيق للملك سلمان الأمير مقرن الذي أعفي من ولاية العهد ومن منصب نائب رئيس الوزراء وخليفة مقرن سيكون محمد بن نايف الذي سيتولى ولاية العهد الى جانب وزراة الداخلية أما منصب ولي ولي العهد فذهب لمصلحة نجل الملك محمد بن سلمان وزير الدفاع. وبهذا تتعزز سلطتهم بأمراء سديريين على حساب الفروع الاخرى للأسرة الحاكمة الكثيرة العدد.

تغير وهم آخر طاول وزير الخارجية سعود الفيصل وقد عيّن مكانه عادل الجبير سفير السعودية لدى الولايات المتحدة وهو أول شخص من خارج الاسرة الحاكمة يشغل منصب وزير الخارجية.

الإدارة الاميركية مقتنعة تماماً بأن السعودية غير قابلة للإصلاح من تلقاء نفسها. والإدارة لا ترغب في أن يصبح تقسيم السعودية أمراً واقعاً فما يهمها من السعودية هي ثروتها النفطية المتركزة في المناطق الشرقية. وبخاصة بعد انكشاف ضعف السعودية وفشل سياساتها وتحديها لقرار اميركا بالتفاهم مع ايران. وخطر الإرهاب الذي بدأ يداهمها من التنظيمات التي هي ساعدت على ولادتها وانتشارها.

وفي تصريح يعكس نوايا الإدارة الأميركية وقلقها من السياسة السعودية العشوائية وسعيها لحماية المملكة من نفسها. قال أوباما «إن أكبر خطر يتهددهم ليس التعرض لهجوم محتمل من إيران وإنما السخط داخل بلادهم بما في ذلك سخط الشبان الغاضبين والعاطلين والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم».

فهو تيقن أن حرب السعودية في اليمن هدفها الرئيس توريط أميركا بحرب لا تريدها مع ايران. وكالعادة يترك الأميركي حلفاءه يصلون الى سقف طموحاتهم وينتظر عودتهم إما منتصرين فيكافأهم أو خائبين فيعاقبهم وهذه هي حال السعودية الآن.

فتغييرات أوباما كانت لاحتواء الازمة الداخلية في السعودية بعد فشلها في اليمن وقبل أن تصبح صراعاً بين الأجنحة المختلفة. ولتمهيد الأرضية لمرحلة جديدة أساسها التفاهم مع إيران. وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في المملكة المتصدعة. ولضمان حماية أمن «إسرائيل».

وهنا يأتي ما كتبته صحيفة الغارديان البريطانية لتؤكد هذا الكلام عن أن التغييرات داخل الأسرة المالكة في السعودية، «لم تأتِ للإصلاح فقط لكن دفاعاً عن البقاء». وتابعت الصحيفة: أن تعيين عادل الجبير وزيراً للخارجية وهو من خارج الأسرة المالكة بدلاً عن سعود الفيصل يعبّر أيضاً عن محاولة للتقارب مع الولايات المتحدة.

وفي الوقت الذي دعا فيه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى حوار بين اليمنيين برعاية الامم المتحدة لانهاء القتال. أعلن أن إيران والدول الست الكبرى ستبدأ صياغة الإتفاق النهائي حول برنامج إيران النووي.

ويرى ظريف أن الامارات لا تصلح لرعاية الحوار لأنها أصبحت طرفاً في النزاع». فمن المرجح أن تأخذ عُمان هذا الدور وبخاصة أن وزير خارجيتها يوسف بن علوي أصبح الآن هو السياسي المخضرم والمؤهل لمعالجة القضايا العالقة بين الدول الخليجية و إيران.

ولم يسحب ظريف سياسة اليد الممدوة التي تنتهجها إيران في سعيها الدائم الى الحوار مع جميع جيرانها لتحقيق الاستقرار والأمن. فهي «لاعب جدي في الشرق الأوسط لا يمكن عدم أخذه في الاعتبار» حسب كلام ظريف.

يبدو أن إيران بدأت بتسلم جميع ملفات المنطقة وأصبحت يدها هي العليا ويبدو أن الاتفاق النووي أخذ ينعكس في شكل جدي على كل القضايا الإقليمية. فهل المرحلة المقبلة هي مرحلة الحلول السياسية أم أن هنالك متغيرات أخرى عاصفة في القادم من الأيام؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى