ديك المزرعة الأكبر
هنا وُلدت، هنا ورثت… وهنا عمري تبخّر
بيتٌ ورثته عن والدي مذ كنت… ولم أكبر
ورثت اسمي وعنواني وحاكورة صغيرة
ولي شجرة تينٍ، مسكبة وردٍ… قلمٌ ودفتر
بحثت عن كنزٍ أخفيته… علّني أتذكّر
كنوز عمرٍ لا تكتب ولا تستذكر
رائحة «الكشك» و«التبّولة» والزعتر
هدير البحر، طنين «أمّ عيسى» وعبق الصنوبر
إرثٌ مجمّدٌ بالعقل تحجّر
في سجلٍّ ممزّقٍ… تاريخٌ مزورّ
تعاليم الطائفيّة والزّعامات
وقوانين السّجن الأكبر
ورثت التّباهي بسجني وقيدي
ورثت الهروب بِاسم الهجرة والمهجر
الهرب من وطنٍ يسرق ويقتل
من عاش فيه وأكثر
ورثت أنّ الحاكم إلهٌ
وطغيانه عسلٌ وسكّر
ورثت أنّ السّارق «حربوقٌ»
والنّزيه مواطن «معتّر»
وأن زارع «الحشيشة»
تاجرٌ… لا أكثر!
وأن التعامل مع الأعداء «تعاونٌ»
وأنّ الخيانة أمرٌ لا يذكر
فكمٌّ من زعيمٍ خان
فتألّق حتّى السّيادة… فاستوزر؟
ورثت أنّ وطني ممرٌ للغزاة
ومن دون المعونات وطني لن يكبر
ورثت أنّ وطني جميلٌ… لا أكثر
وأن الرّقص والغناء سياحةٌ
والغواني ثروةٌ لا تقدَّر
وأن السّياحة غانيةٌ… سريرٌ وشرابٌ مسكِر
ورثت تعاليم الحياة عرفاً
كي أنتمى إلى وطني الأخضر
عشق «البيك» وولاء الطّائفة
أهمّ من علمٍ يخطّه قلمٌ على دفترٍ
وأن الحياة جحيمٌ لمن تمرّد
وعليه الرّحيل إلى جهنّم أو المهجر
فالصّلاة في وطني
لا تنه عن الفحشاء والمنكر
إلا إذا باركها ديك المزرعة الأكبر!
محمد إقبال حرب
حاكورة: قطعة أرضٍ ملحقةٌ بالبيت لزراعة الأشجار.
«أمّ عيسى»: الدّعسوقة: خنفساء صغيرة مرقّطة الجناحين.
حربوق: شاطرٌ.
معتّر: مسكين.