تقرير

كتب يوئيل ماركوس في صحيفة «هاآرتس» العبرية:

مقبول الافتراض أن بنيامين نتنياهو، مثل كثيرين من رؤساء الوزراء في مطارحنا، لا يحب الناجحين في أوساطه. فقبيل ولايته الرابعة كرئيس للوزراء فكرة تثير الغثيان ، ليس مفاجئاً بالتالي أن يكون «بيبي» خفف ويخفف كل العناصر الذين من شأنهم أن يعرّضوا سيطرته للخطر إلى أن ينهي ولايته ويخرج لخدمة بيته في الاعمال التجارية الدولية، أو ربما يتولى منصب رئيس الدولة المقبل الوظيفة المعدة تماماً بحسب مقاييس سارة زوجته.

لقد حرص «بيبي» على ان يخفف منافسين محتملين مثل جدعون ساعر، الذي زعم أنه اعتزل الحكومة طواعية، على أمل أن يخلي لنفسه الطريق لرئاسة «الليكود». ولكن يظهر الان نجم لامع جديد في سماء السياسة ـ موشيه كحلون، ولا شك أنه سيكون مشوقاً ان نرى كيف سيتدبر هذان الاثنان أمرهما معاً.

مع ابتسامته الساحرة، كانت قدرته على أن يلعب بسهولة دور النجم في الدعاية لمعجون الاسنان، شق كحلون بالعقل طريقه إلى قمة الحكم. ولكن، يحتمل بالتأكيد ان من جراء ذلك يكون قد خلق توقعات زائدة. فهل تكفي الكفاءات والمزايا التي ابداها حتى الان ـ النجاح الكبير الواحد الذي دفعه بقوة إلى الأمام، إدخال التنافس في مجال الخلوي حين تولى منصب وزير الاتصالات، والجسارة التي سمحت له بأن ينهض وينسحب من «الليكود» كي يلبي هذه التوقعات؟ لا شك أنه عاد إلى الساحة السياسية أكثر نضجاً، أكثر تجربة، لا بمثابة تلميذ لـ«بيبي»، بل بقدر أكبر كنقيض له في المفاوضات الائتلافية، التي اضطر فيها «بيبي» ان يتصبب عرقاً امام النماذج المتطرفة مثل نفتالي بنيت.

«لا يمكن أن تتوقع طعم البودينغ قبل أن تأكله»، يقول المثل الانكليزي. وبالفعل، أخذ كحلون على عاتقه مهامة شبه متعذرة. فقد أخذ على نفسه مهمة إما كل شيء أو لا شيء، يقول سائقو السيارات العمومية، وهم المفسرون المصداقون للواقع. بتعبير آخر: مسؤولية كبرى. فهو من جهته يعتقد انه اذا ما نجح، فإنه سيصبح مخلّص عديمي السكن. اما ما لا يفهمه حقاً فهو انه إذا ما نجح التعيين، فإن «بيبي» سيأخذ لنفسه الحظوة وإذا فشل ـ فإن الذنب سيقع عليه. من ناحية «بيبي»، هذا وضع الرابح دوماً WIN-WIN .

أثناء المفاوضات على انضمامه إلى الحكومة، ظهر كحلون كسياسي من نوع جديد. واحد يملي على رئيس الوزراء الشروط لموافقته على الانضمام إلى الحكومة، يطلب الحصول على منصب هام ومركزي كوزير للمالية، مزيّن بشبكة أمان في المجال الاقتصادي وبقوة سياسية. وقد ضمن مركزيته بصفته الوزير الثاني في اهميته بعد وزير الدفاع، وذكر أيضاً بصلته في ما يتعلق بالقرارات السياسية. «أنا خرّيج الليكود، ليكود حقيقي يعرف كيف يصنع السلام، يعرف كيف يتنازل عن مناطق. ليكود محافظ، مسؤول. عندما كان ينبغي صنع السلام مع اكبر الدول العربية صنعه وعندما كانت حاجة للحديث. أنا ورفاقي لن نفوت الفرصة للسلام».

ولكن، على رغم ملاحة كحلون وابتسامته المظفرة، لو أنه فحص في التاريخ لاكتشف انه في كل تاريخ الدولة اثنان فقط من وزراء المالية وصلوا إلى رئاسة الوزراء ليفي أشكول وبيبي . على رغم تجربته كسياسي، فليست هذه مهامة بسيطة على الاطلاق أن تشفي سوق السكن. صحيح أن اللواء يوآف غالنت، شريكه الكبير، سيحاول إثبات نفسه وتقديم المساعدة، ولكنه سرعان ما سيكتشف انه ليس في الجيش وأن المشاكل من هذا النوع لا تحلّ بإصدار الاوامر.

على كحلون أن ينظر إلى لابيد، كي يفهم بالضبط ما هو محظور عليه أن يفعله. لقد أبدى لابيد غروراً وخفة عقل. اعتقد أنه ملك «إسرائيل». بديل عن «بيبي» مسلّم به. وفي نهاية المطاف غروره أسقط الحكومة وهو الآن ينظر إلى الاصوليين كيف يدمرون حتى القليل مما حققه في سنة ونصف السنة. لقد بات لابيد غير ذات صلة. كحلون هو الاخر سرعان ما سيكتشف انه بالابتسام وحده لا تبنى دولة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى