تقرير

كتب نحميا شترسلر في صحيفة «هاآرتس» العبرية:

يسمع بنيامين نتنياهو الانتقاد على الاتفاقات الائتلافية التي وقّع عليها، وينفجر ضحكاً: «فليدعوني مناهضاً للصهيونية بسبب الامتيازات التي أمطرتها على الاصوليين. فليزعموا أنني أجريت بيع نهاية الموسم لكل مبادئي الاقتصادية. ليقولوا إن الحكومة التي أقمتها هي حكومة رفض ستؤدّي إلى فرض عقوبات ومقاطعات على الدولة. ليصرخوا أن الحكومة كبيرة جداً، مع 22 وزيراً و7 وزارات زائدة. فليرووا، من الآن وحتى عودة البقرات من المرعى، أن العجز في الموازنة كبير وخطير، وسنشهد حاجة إلى تقليص في التعليم، الصحة، الرفاه والبنى التحتية، لا بل رفع الضرائب. ليقولوا كل ما يريدون. في السطر الأخير حققت ما أردت تحقيقه: أربع سنوات أخرى في شارع بلفور».

وهذه بالفعل كانت استراتيجية نتنياهو في إدارة المفاوضات الائتلافية: البقاء بكل ثمن. فهو لم يأت ليغيّر أو ليهزّ. لم يرغب في إصلاح الاقتصاد أو المجتمع، والعزلة السياسية هي الأخرى لا تحرّك فيه ساكناً. هذه هي الحكومة الأولى التي لا ذكر للمفاوضات مع الفلسطينيين في اتفاقاتها الائتلافية. التنازلات في المناطق أمر خطير، فهو قد يكلّفه كرسيه، ولهذا فلن تكون. ليس لنتنياهو أيضاً أيّ نيّة ليجعل موازنة الدفاع ناجعة، لا في بند الخروج إلى التقاعد في سن 46 ولا في قسم إعادة التأهيل. كما أنه لا يعتزم إجراء إصلاحات تحتاج إلى الكفاح ضد اللجان الكبرى و«الهستدروت». إذ، لماذا يحتاج للتظاهرات والاضرابات. وهو ببساطة يريد أن يواصل «التدحرج إلى الامام»، لأربع سنوات أخرى من اللاشيء والعدم. فهذا هو الطريق الآمن لمواصلة السكن في البيت المتهاوي في «شارع بلفور»، للاستمتاع بالقوة، للتخمة من التشريفات ومواصلة الحياة الطيبة من خلال حساب نفقات مجنونة لمنزل رئيس الوزراء.

ولهذا، ليس لنتنياهو أي مشكلة في أن يوزع على الشركاء الائتلافيين كل ما يريدون. الاصوليون يريدون المزيد من مخصصات الاولاد وزيادة الميزانيات للمدارس الدينية ولطلاب الدين؟ نعطيهم. يريدون تمويل مؤسسات التعليم التي لا تعلم المواضيع الاساسية؟ فليكن. لا يريدون أن يخدموا في الجيش؟ نساعدهم. كما لا تهمّني أقوال وزير التعليم المنصرف شاي بيرون: «الخطير في الاتفاق الائتلافي هو التغيير الثقافي لدولة إسرائيل». إذ ماذا يهم الدولة وحصانتها؟ المهم فقط متاع الحكم.

وحتى لضريبة القيمة المضافة صفر على المنتجات الاساس وافق نتنياهو، على رغم أنه يعرف جيداً أن هذا سيئ للاقتصاد ولمنظومة الضريبة. واضح له أيضاً أن هذا سيؤدّي إلى تشويهات وأعمال خداع. فسيشتري الناس منتجاً من الحليب وسيسجلّون جبنة 5 في المئة. وهو يعرف أن الاغنياء سيستفيدون من ذلك أكثر لأن نفقاتهم أكبر. ومن أين ستؤخذ 1.2 مليار «شيكل» لتمويل هذه البدعة؟ هذا أيضاً ليس مهماً. المهم أن يدخل آريه درعي إلى الحكومة.

وكي يكون الحكم مستقراً، فإن نتنياهو مستعدّ لأن يوسّع الحكومة إلى 22 وزيراً، من أجل أن يمنح الشرف والاعتبار لثلاثة نواب آخرين من «الليكود» ليصبحوا وزراء زائدين، ولكنهم سيكونون ملزمين له بمكانتهم الجديدة.

وتماماً لا يحرك فيه ساكناً أن تكلف الاتفاقات الائتلافية 7 8 مليار «شيكل» وتستدعي تقليصات ورفع للضرائب، وأن يكون العجز في الموازنة عالياً وخطيراً. كما أنه مع موازنة من سنتين، تقلّص الفرص لتنفيذ الاصلاحات ولكنها توفر الاستقرار للحكومة ـ الذي هو الامر الوحيد الهام لها.

نتنياهو 2015 هو النقيض التام من نتنياهو 2003. في حينه كوزير للمالية نفّذ إصلاحات ثورية وسار بالاقتصاد إلى الأمام. أما اليوم فهو يقودنا إلى الوراء، إلى صفر إصلاحات، إلى انخفاض في الاستثمارات، إلى المقاطعات مع أوروبا، إلى النزاعات مع أوباما إلى أن نكون منبوذين تماماً في أرجاء المعمورة.

رؤياه هي البقاء الشخصي ليس إلّا، وهو النقيض من بن غوريون، النقيض من مناحيم بيغن، والاكثر شبهاً بإسحق شامير… أليس جيّداً؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى