هل تستحقّ القنوات اللبنانية المتابعة؟!
هنادي عيسى
هل يستحقّ بعض المحطات اللبنانية المتابعة؟ لقد صارهذا السؤال يراود الجميع منذ أن علت صرخة أصحاب المحطات اللبنانية الثماني، الذين قرّروا أن يحصلوا على ثمانية دولارات أميركية، اعتبروها حقّهم من أصحاب شركات الكابلات التي توزّع بثّ المحطات الأرضية والفضائية على بيوت الناس، مقابل مبالغ مادية تتراوح بين 15 و20 ألف ليرة لبنانية. حتماً لن ندخل في هذا الجدل القانونيّ والتسويات التي ستحصل. إنما نعود إلى السؤال المطروح: هل القنوات اللبنانية تقدّم لمشاهديها برامج فنية وسياسية واجتماعية تستحق المتابعة؟ الجواب المنطقي: لا تستحق، لأنها فقدت بريقها.
لا شكّ أن الأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها لبنان كبيرة جداً وهي أثّرت سلباً على كل القطاعات لا على القطاع التلفزيوني فقط. وأمام هذه الأزمة تراجع مدخول المحطات اللبنانية من الإعلانات. كما أنّ الأزمات السياسية والخضّات الأمنية التي تعصف بالعالم العربي ولبنان، جعلت المال السياسي الذي كان يُضخّ في المحطات اللبنانية يجفّ. وهنا وقعت الكارثة. إذ إنّ الموارد اضمحلّت من كل الاتجاهات. فدخلت البرامج التلفزيونية في غيبوبة، وصار التكرار السمة التي تجمع كل الشاشات المحلية. علماً أنها في تسعينات القرن الماضي كانت الرائدة في كل المجالات عربياً، إنما للأسف استطاع عدد من المحطات العربية أن يتفوق على «lbc» و«المستقبل» بأشواط، علماً أنهما كانتا في طليعة الاحصاءات في العالم العربي. أما اليوم، فإذا تابعنا شاشة «lbc» بعد أزمتها مع الوليد بن طلال، نلاحظ أنّ برامجها لا تزال نفسها منذ سنوات، على رغم نجاحها مثل «أحمر بالخط العريض» و«أحلى جلسة» و«كلام الناس» و«بسمات وطن». ويبقى ما يميّز هذه الشاشة، الدراما اللبنانية التي تحقق نسبة مشاهدة عالية. إنما برامجها طوال النهار فهي إعادة لمسلسلات لبنانية أكل عليها الدهر وشرب.
أما قناة «الجديد»، فهي مكتّفة حالياً بمجموعة البرامج الكوميدية مثل «شي أن أن» و«قربت تنحلّ»، والبرامج الفنية مثل «بعدنا مع رابعة»، وكان لدى القناة «فلتة الشوط» «غنيلي تغنيلك» مع علي الديك، وأخيراً بدأت إعادة المسلسلات السورية التي لم يمر على عرضها على الشاشة نفسها إلا أشهر قليلة، إضافة إلى البرنامج السياسي «الأسبوع في ساعة».
المنار، لها جمهورها الخاص الذي يتابع برامجها من دون تأفف، أما «nbn»، و«تلفزيون لبنان» فخارج المنافسة، وتبقى «المستقبل» التي تحاول أن تستعيد بريق شاشتها بعدما خسرتها نتيجة اتجاهها السياسي. ومثلها «mtv» التي تحاول أن تستقطب المشاهدين، لكن توجهاتها السياسية أبعدت عنها عدداً كبيراً من الناس، فضلاً عن أنها لم تستطع أن تنافس «lbc» بالدراما وبرامج المنوّعات لديها، فأحياناً تصيب وكثيراً ما تخيب.
ولا يمكننا طبعاً أن نغفل عن أنّ بعض الشاشات تحوّلت بسبب أزمتها المالية، إلى أبواق للفتنة في البلد، وكادت أحياناً أن تشتعل حرب أهلية بناءً على استضافة متطرّفين صاروا الآن مطلوبين إلى القضاء مثل أحمد الأسبر والشهال وغيرهما. وفي النهاية، لا يسعنا إلّا أن نقول لأصحاب المحطات اللبنانية: أعطوا المشاهد إنتاجاً ذا قيمة، وحينذاك يحق لكم أن تطالبوا بالمال مقابل بثّ قنواتكم عبر الكابلات التي تعطي لكلّ بيت عشرات المحطات التلفزيونية العربية المفتوحة مقابل بدل ماديّ مقبول.