أين نقع نحن؟

بلال شرارة

تحاول الإدارة الأميركية «إضفاء الشرعية» على مشاريع «تقسيم المقسّم» بموجب اتفاق «سايكس ـ بيكو» وإنشاء دول جديدة أو تحويل المنطقة إلى فيدراليات أو كونفدراليات. وفي هذا الأمر، تنطلق واشنطن من مشروع جو بايدن نائب الرئيس الأميركي الهادف الى تشريع تقسيم العراق أمام الكونغرس.

وحدة الأقطار خصوصاً أنّ سورية واليمن وليبيا الآن على منظار التصويب.

يذكر أنّ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند كان قد أبلغ الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان أثناء ولاية الأخير: «أنّ لبنان سيكون أمام مشروع فيدرالية أو كونفدرالية»!، وأنه «ينصح بعدم مقاومة هذا الأمر».

تقسيم هذه الأقطار والمخفي أعظم قضية موضوعة تحت المجهر، ومقاومتها تبدأ من العراق، من الغوطة الشرقية في سورية، ومن استعادة جسر الشغور وإدلب، وإلا فإنّ حدود جغرافيا المذاهب والأعراق وحزام «إسرائيل» الأمني تكون قد رسمت في سورية.

العراق في برلمانه خلال جلسة نهاية الأسبوع الماضي رفض مشروع الكونغرس الأميركي القاضي «بالتعامل مع بعض مكوّنات الشعب العراقي بعيداً من الحكومة

الاتحادية»، ودان البرلمان العراقي التدخل السافر في الشأن العراقي وخرق القوانين والأعراف الدولية ونقض التزام الولايات المتحدة لاتفاق الإطار الاستراتيجي الخاص بضمان وحدة العراق الاتحادي الديمقراطي وسيادته واستقلاله.

رئيس وزراء العراق حيدر العبادي أبلغ هاتفياً جو بايدن صاحب مشروع تشريع التقسيم أميركياً، رفض العراق القوانين الأميركية التي تضعف وحدة البلاد وتتجاوز السيادة الوطنية وتسيء إلى اللحمة الوطنية. بايدن جدّد التزام بلاده اتفاق الإطار الاستراتيجي لحماية وحدة العراق الاتحادي الديمقراطي.

ترى من نصدّق مشروع بايدن أم ما قاله على الهاتف؟

طبعاً لدى بايدن أرضية عراقية مذهبية وعرقية وأرضية سورية مماثلة إضافة إلى وجود «إسرائيل» المحتلة في أجزاء من الجولان السوري العربي المحتلّ، ولديه «داعش» الأمر الذي يفتح الباب لمشروعاته. يذكر أنّ بعض القوى العراقية تحالف القوى الوطنية السنية والقوى الكردستانية كانت قد انسحبت من جلسة البرلمان تحت ستار رفض محاولة فرض القوى السياسية الشيعية إرادتها.

المعركة في العراق تُدار تحت عنوان رغبة بعض القوى في أن تقوم الولايات المتحدة بتسليح الأكراد والسنة مباشرة، ورفض الحكومة العراقية ذلك وإصرارها على إخضاع جميع المجموعات المسلحة لسيطرة الدولة بقيادة رئيس الوزراء، وعلى أن تكون المساعدات العسكرية الأميركية للعراق لمحاربة تنظيم «داعش» بطلب من الحكومة ومن خلالها.

أما المعركة في سورية، فإنها تدار من خلال سعي المعارضات الإقليمية والعربية لتوحيد البندقية الإسلامية المعارضة، أيّ من خلال توحيد جهود أنقرة

والدوحة والرياض وتوحيد «حركة أحرار الشام» و»جيش الإسلام» بالتزامن مع اندماج «فيلق الشام» في «أحرار الشام».

«البندقية الإسلامية» في سورية ستسعى إلى ترسيم حدود الدولة السنية مقابل دويلات مذهبية وعرقية، وهكذا ستصبح سورية أرض بلاد الشام السابقة سوريات أو «إسرائيليات» جديدة، والعراق سيصبح أعراقاً، وستقسّم بلاد ما بين النهرين ويذهب كلّ عراقي إلى شاطئ مذهبه.

هذا الغرض من «داعش» إذن، وهي إحدى أسلحة وسائل «الفوضى البناءة».

«داعش» اسم مستتر لجهود محلية وعربية وإقليمية لتقسيم المقسم وإحداث قناعة لدينا بأنّ الفيدراليات والكونفيدراليات هي الحلّ.

وبالنسبة إلى القضية المركزية، فإنها غداً ستتحوّل من مشروع للحلّ عبر الدولتين إلى كونفيدرالية لضفتين لها ملك واحد وجيش واحد وبرلمانان، أيّ «دولة بلا غزة» بانتظار إعادة مصر خطوة إلى الوراء وتقسيمها حتى يصبح في الإمكان ضمّ شمال سيناء إلى غزة وجعل هذه المساحة أرض الميعاد الفلسطيني.

هذا هو الواقع، أما الحلّ: فهو جعل وحدة الأقطار العربية هدفاً رئيسياً والقضاء على كلّ نوازع

التقسيم:

والأخذ في عين الاعتبار أنّ:

ـ الإسلام لا يقسّم.

ـ العروبة لا تقسّم.

ـ الكونغرس يقسّم والاتحاد الأوروبي يقسّم.

أما مشروع الشرق الأوسط الجديد فهو تقسيم المقسّم إلى:

دولة صنعاء ودولة عدن، وغداً بعد العراق وسورية وليبيا واليمن استهداف الإمارات والسعودية وكلّ عنوان.

أليست السودان أنموذجاً لصيغة الأقطار والانقسام العرقي والجهوي؟

في أيّ جمهورية من لبنان سنقع نحن؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى