واشنطن تناور من الإرهاب إلى الاعتدال

لم ولن تهدأ النوايا الأميركية والاقليمية من محاولات استدراج الداخل السوري نحو واقع يفرض المعارضة السورية المسلحة فصيلاً اساسياً في مستقبل سورية وطرفاً لا مفرّ منه من أي حوار، علماً أنّ الاتفاق على تفكك المعارضة المسلحة بات معضلة يعرف الأميركي انّ أوان لحمها قد فات، ولكنه يعرف ايضاً انه لم يوفر جهداً لوصلها.

الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس لم تعهد حتى الساعة استقراراً في وضع قوى المعارضة تمثيلاً او تسليحاً او موقفاً، ومع هذا اللاستقرار شهدت محاولات الولايات المتحدة وقراراتها بشأن دعم المعارضة السورية المسلحة وتدريبها مؤخراً سلسلة إخفاقات في إطارها، فلم تستطع توحيد الجبهات والفصائل تحت وقع التقدّم الذي أحرزه الجيش السوري في أهمّ المعارك التي راهن الأميركيون عليها كمفصل.

الحديث عن الولايات المتحدة كأصل للمشروع برمّته دون سواها يعكس محوريتها في الملف السوري من دون ان يكون لغيرها دور مقرّر بشأنه، ويعكس طرح مشاريع تتناسب مع مجمل سياستها الخارجية في المنطقة فتناور في ملف تارة وتفاوض أحياناً.

ملف تسليح المعارضة السورية جديده إعلان وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، عن بدء تدريب قوات من «المعارضة السورية المعتدلة» كما يسمّيها للقتال ضدّ تنظيم «داعش.»

الحرص على إطلاق فصيل سوري معارض ومسلح يُسمّى معتدلاً هدف أميركي لم يقبل حتى الساعة دولياً، ولم تتمكن الولايات المتحدة من النجاح في تشكيله عملياً، والهدف المعلن عنه كان منذ بدء المحاولات «إسقاط الأسد»، او الحكم الحالي برئاسة الرئيس السوري بشار الأسد، علها تنجح في حجز مقعد لفصيل سوري قوي في ايّ مفاوضات مقبلة.

يبدو انّ الفشل في هذا الإطار جعل الأميركيين يستديرون استدارة الواقع كما يحاولون الإيحاء بإعلانهم تدريب فصيل معارض ليس بهدف إسقاط الأسد إنما لمقاتلة «داعش»، وهذا ما يمكن ان يصبح مقبولاً بطبيعة الحال من قبل كثر من الفرقاء الدوليين فتكون الولايات المتحدة نجحت بتشكيل فصيل معارض سوري مسلح ذات «هدف نبيل» اذا صحّ التعبير سياسياً.

بغضّ النظر عن مسألة الوقت، وكم من الممكن ان تنجح الولايات المتحدة في تدريب فريق فعلي قادر على القتال، فإنها بلا شك ترسم تساؤلات عديدة حول تبدّل هدفها من كونه تدريب معارضة لقتال الأسد الى تدريب معارضة لقتال «داعش»، فهل تحاول واشنطن شرعنة معارضة مسلحة تحت «عنوان نبيل» يبرّر فشلها في ما عجزت عن تشكيله من معارضة مسلحة موحدة تقاتل الجيش السوري او النظام؟

أم انها محاولة للالتفاف على نوايا تقديم «النصرة» كفريق معتدل فينضمّ من خلال ذلك عدد كبير من مسلحيهم تحت لوائها فيتغيّر العنوان من الارهاب إلى الاعتدال؟

جاء هذا الإعلان في مؤتمر صحافي عقده كارتر حيث قال: «نعلن أنّ التدريب قد بدأ، برنامج التدريب حساس ومعقد وهو جزء من عملياتنا ضدّ تنظيم داعش… ننتظر أن تبدأ المجموعة الثانية بالتدريب خلال أسابيع».

يُشار إلى أنّ مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية قالوا لـ«سي أن أن» الأربعاء، بأنّ التدريبات ستكون في مواقع بالأردن وتركيا وستشمل تدريبات على الأسلحة الخفيفة والتواصل إلى جانب التكتيكات في ساحة المعركة…

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى