وساطة «إسرائيلية» مدّدت المهلة الأميركية للحرب السعودية على اليمن القلمون: مفاجآت متسارعة وقوات «النصرة» تترنح… و«المصنع» بأمان
كتب المحرر السياسي
يؤكد ديبلوماسيون كانوا يتوقعون الإعلان من باريس عن وقف العمليات الحربية السعودية في اليمن، بعد اللقاء الذي جمع وزيري خارجية أميركا جون كيري والسعودية عادل الجبير، وفقاً للهدنة التي حسم أمرها جون كيري في الرياض، أنّ تدخلاً «إسرائيلياً» جرى لدى واشنطن لمنح السعوديين مهلة إضافية لمواصلة الحرب واسترداد بعض المعنويات وضرب بعض الأهداف التي قال «الإسرائيليون» إنهم شاركوا في وضعها، فكانت المهلة حتى عشية قمة «كامب ديفيد» يوم الأربعاء، لتقف الحرب الثلاثاء، بعدما تعهّد الرئيس الأميركي باراك أوباما للرئيس الروسي فلايديمر بوتين، بأن تقف الحرب قبل استقباله القادة الخليجين في فطور كامب ديفيد.
وفيما أكدت مصادر يمنية أنّ النزاعات المتصاعدة داخل العائلة السعودية، كانت وراء استنجاد محمد بن سلمان بـ«الإسرائيليين»، لكونه من سيدفع الثمن، مع الفشل النهائي في الحرب، فيما يعمل السعوديون وفقاً للروزنامة التي استعملها «الإسرائيليون» في حرب غزة، عبر اللجوء إلى هدنة إنسانية كذريعة لوقف الحرب يجري تمديدها تباعاً حتى انطلاق مسار الحلّ السياسي، الذي بدا أنّ التسليم السعودي بانطلاقه في جنيف برعاية الأمم المتحدة ومن دون شروط مسبقة، تسليماً بالهزيمة، حيث لا الرياض مكان الحوار ولا مجلس التعاون الخليجي ومبادرته أساس الرعاية والحلّ ولا شروط من التي أصرّت السعودية على تطبيقها كشرط للحوار سيكون قد تحقق، فتتوقف الحرب ويبدأ الحوار من دون أن يعترف الحوثيون بمنصور هادي كرئيس شرعي ومن دون ان ينسحبوا من المدن ومن دون أن يلقوا السلاح حكماً.
في السياق نفسه ربطت مصادر في حلف قوى المقاومة، بين استئناف العدوان على اليمن، وسقوط الرهان على «جبهة النصرة» في حرب القلمون، في ضوء ما حمله اليومان الأولان من الحرب، التي يخوضها الجيش السوري وحزب الله وجهاً لوجه مع حشود النخبة لقوات تنظيم «القاعدة»، التي أشرفت «إسرائيل» على تسليحها وقامت السعودية بتمويلها، ووفرت لها تركيا المناورة العسكرية بفتح جبهة إدلب وجسر الشغور، وجاءت الخيبة، ليفرض تجديد حرب اليمن رهاناً على ممارسة ضغوط على محور المقاومة من نوع التهديد باللجوء إلى أسلحة دمار شامل ضدّ صعدة في اليمن، وتوجيه رسائل مقايضة إلى إيران للضغط لوقف معارك القلمون في مقابل التوقف عن القتل والتدمير في اليمن، وقالت المصادر إنّ الثوار اليمنيين أبلغوا حلفاءهم رفضهم أيّ تفاوض لتخفيف أو وقف الحرب، وأنّ الأيام المقبلة ستحمل المفاجآت عبر الحدود مع السعودية.
في القلمون تواصلت الإنجازات العسكرية بتسارع مفاجئ رافقه ترنّح قوات «النصرة» بين الفرار والتشتت، وضياع جيش الفتح بين مقصّات الجيش السوري والمقاومة اللبنانية التي قطعت أوصال القلمون، ونجحت ببناء سور عريض جغرافياً بين آخر نقاط تمركز مقاتلي «النصرة»، والأودية والتلال التي تربطها بمنطقة المصنع الحدودية بوابة الطريق الدولي بين دمشق وبيروت، والتي تعبّر حرب القلمون بأحد وجوهها عن سعي «النصرة» للوصول إليها بينما يسعى حزب الله والجيش السوري لجعلها أشدّ تحصيناً، وبتحقيق هذا الهدف تكون نصف أهداف حرب القلمون بالنسبة الى المقاومة وسورية قد تحققت.
إنجازات حزب الله، أنتجت توتراً لدى تيار المستقبل، فانطلق نوابه وإعلامه في حملة تصعيدية ضدّ المقاومة وسلاحها، بينما على ضفة أخرى كانت قضية العسكريين المخطوفين كما نقل عن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تسجل إنجاز مضمون الاتفاق النهائي وتنتظر إشارة البدء للتنفيذ الذي لا يزال مؤجلاً.
تنسيق ميداني رفيع بين الجيش السوري والمقاومة
لا صوت يعلو فوق صوت معركة القلمون على رغم أن أحداً من حزب الله أو الجيش السوري لم يحدد الساعة «صفر» لانطلاقها. ويبدو أن الملفات العالقة من التشريع إلى التعيينات الأمنية والعسكرية وسائر المواضيع الأخرى ربطت بنتائج معركة القلمون التي ما قبلها لن يكون كما بعدها.
واشتدت وتيرة الاشتباكات عصر أمس، بين الجيش السوري وحزب الله من جهة والمسلحين من جهة أخرى. وسيطرت وحدات الجيش السوري والمقاومة على حرف المحمضان وقرنة وادي الدار وحرف جوار الخراف في جرود الجبة في القلمون في عملية مباغتة أدت الى فرار المسلحين مخلفين وراءهم اسلحتهم وذخائرهم، في ظل استكمال تقدم القوات في جرد الجبة.
كما حققت قوات الجيش السوري والمقاومة تقدماً في جرد الجبة وسيطرت على صير عز الدين ووادي الديب وشميس عين الورد وقرنة جور العنب، وسط حالة من الانهيار الكبير في صفوف المسلحين بعد فرارهم باتجاه جرود فليطا ومنها الى جرود عرسال اللبنانية، في ظل تصاعد الخلافات الحادة والتخوين بين الفصائل المسلحة بسبب سعي بعضها الى إبرام تسوية مع الحكومة السورية بهدف تسوية أوضاع المسلحين.
ولفتت مصادر عسكرية لـ«البناء» إلى أن «الارهابيين كانوا يتمركزون في منطقة تقع بين جرد عسال الورد وجرد بريتال، ويتخذون من 8 مواقع مقراً لهم، ويمنعون التواصل بين القوى المدافعة عن جرد بريتال في الأرض اللبنانية، وجرد عسال الورد في الارض السورية».
ولفتت المصادر إلى «أن العملية نفذها الجيش السوري والمقاومة وأدت إلى إخراج المسلحين من هذه المنطقة والسيطرة على مراكزهم في سياق عملية عسكرية خاطفة قتل خلالها 65 مسلحاً إرهابياً وفر 100 آخرون»، مشيرة إلى الانهيار المعنوي الذي أصاب صفوف المسلحين الآخرين المتواجدين خارج المنطقة المستهدفة، لا سيما ان قوات الجيش السوري والمقاومة تمكنت من ان تجس نبض الارهابيين وتقف على مستوى قتالهم».
واعتبرت المصادر «أن تطهير المنطقة الفاصلة بين الجردين، من شأنه أن يساعد العمليات العسكرية المقبلة الهادفة إلى تطهير القلمون من الارهابيين». واعتبرت المصادر «أن العملية أكدت قدرة الجيش العربي السوري والمقاومة على التنسيق الميداني بمستوى عالٍ ورفيع، وقلصت خط التماس في المنطقة من 32 كيلومتراً إلى 8 كيلومترات وأبعدت الخطر عن القرى اللبنانية المواجهة لبريتال، والمسلحين عن خط بيروت دمشق».
وأكدت المصادر ان العملية توصف بأنها أكثر من ناجحة، فهي حققت أكثر من المتوقع منها بمهلة أقصر من المخطط لها.
3 شهداء لحزب الله
وأكد حزب الله في بيان أن عدد شهداء المقاومة في هذه المواجهات هو ثلاثة من المجاهدين الذين نالوا شرف الشهادة وقد تم إبلاغ عائلاتهم الشريفة بذلك. ولفت الى ان بعض وسائل الاعلام العربية واللبنانية تصر على اذاعة اخبار كاذبة حول عدد شهداء حزب الله في مواجهات القلمون القائمة منذ ايام وتتحدث عن أكثر من 40 شهيداً»، مشدداً على أن هذه المعلومات كاذبة تماماً ولا أساس لها».
«14 آذار» يدافع عن الإرهاب
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أننا «تحركنا كمقاومة لمواجهة الإرهاب التكفيري من موقع الدفاع، كما تحركنا لمقاومة المشروع الصهيوني وكنا في حالة دفاع، كما تحركنا في سورية وكنا في حالة دفاع». وسأل: «لماذا يدافع فريق 14 آذار عن الإرهاب التكفيري في القلمون؟ ما هي صلة الوصل بينهم وبين هؤلاء؟ ما هي العلاقات التمويلية التي لا نعرفها؟ ما هي الإمدادات خلف الستار التي لا نراها؟ لماذا يتحركون على خسارة هؤلاء واندحارهم وفشلهم في عملية المواجهة في القلمون؟
بري يقارب المعركة من زاوية الحفاظ على استقرار المناطق اللبنانية
وفي السياق، يقارب رئيس المجلس النيابي نبيه بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» ملف القلمون من زاوية الحفاظ على استقرار وحماية أمن المناطق والاراضي اللبنانية وحماية المواطنين اللبنانيين. وعاد بري وجدد بحسب زواره التأكيد على أهمية التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري لما فيه من مصلحة للبلدين.
«المستقبل»: قرار دخول المعركة ليس كقرار الخروج منها
أما حوار عين التينة، فلن يتأثر بحسب مصادر قيادية في تيار المستقبل بمعركة القلمون، وأشارت المصادر لـ«البناء» إلى أن «خيار الحوار هو لانتاج هامش صغير من التفاهم يساعد على حلحة بعض الأمور التي من الممكن أن تفيد المواطنين، وتساعد على تخفيف الاحتقان». وشددت المصادر على «أن هيئة الحوار ليست أكثر من لجنة ارتباط بين حزبين يختلفان في كل شيء على المستوى الإقليمي والدولي». ولفت إلى أن هذا الحوار المستمر بقرار من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، لا يلقى استحساناً عند الكثيرين من نواب «التيار» ومسؤوليه، ويعتبرونه «ذراً للرماد في العيون ومن دون جدوى». وأبدت المصادر تخوفها من انعكاس تدخل حزب الله في القلمون على الداخل اللبناني، معتبرة «أن قرار دخول المعركة ليس كقرار الخروج منها».
تهويل بالسيارات المفخخة
في موازاة ذلك، عاد التهديد بالسيارات المفخخة من قبل المتضررين من معركة القلمون في محاولة لتأجيج الشارع ضد حزب الله. وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «الحذر الأمني موجود، لكن التدابير الأمنية المشددة التي تتخذ في المناطق المستهدفة وخصوصاً في الضاحية الجنوبية تدعو إلى الطمأنينة»، مشيرة إلى «أن عودة الحديث عن السيارات المفخخة تصب في خانة التهويل النفسي الذي يمارس على المواطنين».
إطلاق العسكريين ينتظر تحديد الزمان والمكان
على صعيد آخر، يلتقي وفد من أهالي العسكريين المخطوفين اليوم وزير العدل أشرف ريفي، بعدما التقى وفد منهم أمس برئاسة الشيخ عباس زغيب المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي أكد بحسب ما نقل عنه الأهالي لـ«البناء» أن «المفاوضات مع جبهة النصرة لاطلاق العسكريين المختطفين شبه منجزة»، مشيراً إلى «أن الخلاف المتبقي هو حول آلية التنفيذ، أي تحديد الزمان والمكان لإتمام العملية، وأن الوسيط القطري موجود في تركيا ويحاول أن يذلّل النقاط العالقة». ورفض اللواء ابراهيم التعليق على «الفيديو الذي نشرته «النصرة»، وعلى تداعيات حرب القلمون على الملف». ورجح الأهالي «أن تكون «النصرة» لجأت الى نشر الفيديو للاسراع في عملية التبادل قبل حدوث أي طارئ أمني وليس لتحسين شروط التفاوض التي تم التوافق عليها».
مقبل وقهوجي في الناقورة
إلى ذلك، تفقد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل يرافقه قائد الجيش العماد جان قهوجي الوحدات العسكرية المنتشرة في منطقة الناقورة، حيث جالا في مراكزها واطلعا على إجراءاتها الميدانية. وشدد مقبل خلال لقائه الضباط والعسكريين، على «أن مهمة وحدات الجيش المنتشرة على الحدود الجنوبية للدفاع عنها في مواجهة العدو «الإسرائيلي»، لا تقل أهمية عن مهمة الوحدات الأخرى المنتشرة على الحدود الشرقية في مواجهة التنظيمات الإرهابية، فالعدو «الإسرائيلي» كما الإرهاب يلتقيان على هدف واحد، وهو السعي إلى إثارة الفتنة الداخلية تمهيداً لضرب وحدة الوطن وصيغة العيش المشترك بين أبنائه». وأكد قهوجي من جهته، «أن قرار الجيش الحازم هو التصدي لأي اعتداء على لبنان من أي جهة أتى، وأن الأعباء الكبيرة الملقاة على عاتق الجيش في هذه المرحلة الصعبة التي تجتازها البلاد، لن تثنيه عن القيام بواجبه الدفاعي والأمني، مهما كلف ذلك من أثمان وتضحيات».
في غضون ذلك، ترأس وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق اجتماعاً لمجلس الأمن المركزي في وزارة الداخلية وجرى البحث في مجمل الملفات الامنية.
ووصل أمس 43 سائقاً لبنانياً الى بيروت كانوا عالقين في السعودية بعد اشتباكات معبر نصيب، على أن تعود بحسب ما أعلن من بيروت الدولي رئيس الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير، 290 شاحنة موجودة في الخارج على دفعات، بحيث تصل 50 شاحنة الى لبنان نهار الأحد، وتنطلق 60 شاحنة من الأردن مطلع الأسبوع المقبل.