معركة القلمون: الاستنتاجات الثلاثة الأساسية

يوسف المصري

ثلاثة استنتاجات أساسية يمكن التوقف عندها في إطار معركة القلمون التي دخلت مرحلتها التحضيرية خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية.

الملاحظة الأولى هي أنّ «جبهة النصرة» في إطار إدراكها أنّ حزب الله والجيش السوري ذاهبان إلى هذه المعركة لا محالة، قامت في بدايات هذا الأسبوع برسم خطة لإعاقة هذا الهجوم وركزت بشكل خاص فيها على حزب الله.

واشتملت هذه الخطة على حرب نفسية ضدّ حزب الله، وذلك انطلاقاً من التركيز على اللعب على وتر إثارة التناقض الداخلي اللبناني في وجهه، واستعمال منطق قوى في 14 آذار كلوبي لبناني يضغط على الحزب لمنعه من القيام بواجبه في حماية لبنان من التكفيريين.

ولتنفيذ هذا الجزء من خطة «النصرة» تقصّدت أن تستبق المرحلة الأولى من حرب الحزب ضدّها في القلمون، بشنّ هجمات عسكرية في تلك المنطقة تقصّدت أن تجعل وجهتها الداخل السوري وليس الجهة اللبنانية، ثم خرج أبو مالك التلي ليقول: «إنّ حرب «النصرة» لا تستهدف لبنان ولا الجيش اللبناني».

باختصار، بدا واضحاً تناغم التلي مع الأصوات الداخلية اللبنانية التي تعمل منذ فترة على تلميع وجه «النصرة»، بوصفه لا يحمل سمات «داعش» نفسها، وذلك من أجل دعم المنطق اللبناني القائل بأنه لماذا يفتح الحزب حرب القلمون طالما أنّ «النصرة» الموجودة في تلك المنطقة لا ترغب في التمدّد إلى الداخل اللبناني؟

طبعاً، يسقط كلّ هذا الكلام الآنف، بمجرّد مراجعة حقائق الغزوات الأخيرة لـ«النصرة» على مواقع الجيش اللبناني، وإقدامها على اختطاف جنود لبنانيين وإرسالها غير مرة سيارات مفخخة إلى غير منطقة لبنانية.

لكن الاستنتاج الرئيس في حرب القلمون المقتربة من دخول مرحلتها الفعلية، هو أنّ الحرب النفسية لـ«جبهة النصرة» اتكأت هذه المرة على الخطاب الداخلي اللبناني المعادي للمقاومة، وأصبح التلي أحد المعبّرين عنه.

الملاحظة الثانية، هي أنّ حزب الله في معركة القلمون يوجه صفعة إلى الخطة الفرنسية التي تتمّ الآن إعادة إحيائها، وقوامها إسقاط الدولة في سورية من خلال تجريد حرب تحمل عنوان «حرب الجبهات الحدودية الأربع»، والمقصود بها: الحدود التركية والأردنية والعراقية واللبنانية، فمن الأردن يتمّ بدعم سعودي وقطري إمداد «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» بالسلاح والمدد البشري. ومن الحدود مع تركيا يتمّ إمداد «داعش» و«النصرة» و«أحرار الشام» بدعم شيشاني ولوجستي عسكري. ومن الحدود مع العراق نجح «داعش» تحت مرأى التحالف الدولي الذي يدّعي قتاله، بتمرير مئات السيارات والمسلحين من الأنبار إلى الرقة لتغلق الحدود بين العراق وسورية في وجه الدولة السورية، ولتقيم في هذه المنطقة خلافتها.

وباختصار، فإنّ حزب الله عبر معركة القلمون يدافع عن الحدود الشمالية في وجه الإرهاب، إضافة إلى أنه يسقط هدف إكمال طوق الحدود الأربعة على سورية.

الملاحظة الثالثة، تتمثل في أنّ معركة القلمون ستؤسّس لمعادلة جديدة في الغوطة الغربية التي لها صلة مباشرة بمعركة تأمين العاصمة دمشق ومنع سقوطها في أيدي التكفيريين المموّلين بقرار دولي وإقليمي. وفي النتيجة فإنه كما منعت المقاومة في العراق من استخدام زخم دخول «داعش» للأنبار كطاقة دافعة لسقوط بغداد في الفوضى، فإنّ كلاً من الجيش العربي السوري والمقاومة الإسلامية في لبنان يمنع، عبر معركة القلمون ذات الصِّلة بمعركة الغوطة الغربية المنتظرة، تركيا من استخدام زخم غزوة «النصرة» و«داعش» على جسر الشغور وإدلب كطاقة دافعة لإسقاط العاصمة دمشق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى