أحمد الخزان

العدوان السعودي الأميركي «الإسرائيلي» على اليمن هو عدوان على اليمن كل اليمن ولن يستطيعوا رغم كل محاولاتهم البائسة إيهام الشعب اليمني بأنهم يستهدفون محافظة من دون أخرى أو مكون من دون آخر.

كما أنهم لن يستطيعوا أن يصرفوا العالم عن التركيز على هزائمهم المتتابعة على الساحتين اليمنية والدولية.

وما إنذار آل سعود لأهالي محافظة صعدة اليمنية لمغادرتها إلا مسرحية مكشوفة تحاول إبراز آل سعود في موقف الحريص على الإنسانية وكأن العالم سينسى أن عدوانهم منذ بدايته ارتكز على استهداف النساء والأطفال والشيوخ.

نعم سيستجيب أهالي صعدة لذلك الإنذار… وسينزح أبناء محافظة صعدة عن محافظتهم مثلما طلب ناطق قوات تخلف مملكة ألزهايمر. ولكن هذه المرة سينزحون إلى الأراضي السعودية وبطريقة أبناء صعدة المفضلة في النزوح!

نزوح ينتزع من المملكة الروح ويجعل منها كالطائر المذبوح. فصعدة فيها رجال ليسوا كالرجال وأرواح ما زالت تحلق على قمم الجبال. ترعرعت منذ نعومة أظفارها على حب القتال وتحدي المحال، وستصبح ملاحمها دروس تتوارثها وتفخر بها الأجيال. نعم ستنتصر صعدة يا هذا في كل حال، وسيكتب التأريخ أنها قلعة الرجال ومصنع الأبطال ومقبرة الأنذال.

فصعدة هي الآن اليمن مختصراً في أعز وأنبل وأشجع أبنائه، إذ تتلقى حمم الحقد السعودي الأميركي «الإسرائيلي» جحيماً من السماء وهي تفعل ذلك نيابة عن كل يمني يؤمن بيمنيته ويحترمها ويعتز بها في وجه أقذر عدوان يتواطأ عليه العالم كله ضد بلد من البلدان، أرضاً وإنساناً وجوداً وهوية.

وتفعل ذلك نيابة عن كل إنسان يعتبر الإنسانية مضمون وجوده في وجه من قتلوا بأموالهم كل معنى للإنسانية وحولوا الضمير الإنساني إلى سلعة للبيع والشراء.

ليست كل هذه الهستيريا في قصف صعدة بسبب بعض قذائف الهاون التي طاولت بعض أحياء نجران… لا فالأمر أكبر من ذلك بكثير.

أكثر من 10 مواقع عسكرية سعودية حدودية سقطت بسهولة في يد القبائل اليمنية وفر جنودها وضباطها ووقع منهم في الأسر من وقع مع الاستيلاء على كامل عتادها العسكري من بينها 8 صواريخ متطورة بعيدة ومتوسطة المدى أخذت بناقلاتها ومنصات إطلاقها ونقلت إلى اليمن وهذا ما أثار ذعر المملكة.

فليس لدى القبائل أي تصور لما بعد سقوط الحدود ولو كان لديها لاستمرت في التوغل وصولاً إلى أقصى فضيحة لمملكة النفط والغبار.

لقد شنت المملكة عدوانها كحرب استباقية ثم ما لبثت أن وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام ما حاولت استباقه متمثلاً في أسوأ وأسرع سقوط بري تعرض له جيشها منذ جيش الوهابيين والإنكليز المؤسس للمملكة مع عبدالعزيز آل سعود.

وليس من رد لدى المملكة غير حيلة العاجز المنحط باستهداف المدنيين بقصف سجادي يائس ومتخبط. ولكن هذا القصف هو نفسه الذي تسبب في هبة القبائل وجرها لاقتحام الحدود.

لقد ارتكبت الطائرات السعودية جرائم حرب عديدة داخل صعدة طوال فترة العدوان ما دفع بالناس إلى خيار الحياة أو الموت والانقضاض على الحدود.

فصعدة من الطين نشأت وإلى الطين تعود أمام العالم كله… يحولها العدو بكامل ترابها وشجرها وحجرها وبشرها البالغ عددهم 900 ألف نسمه إلى هدف عسكري سعودي تحت سمع وبصر العالم كل العالم.

لكنها من الطين ومن ركام جرائم العدوان ستواصل اجتراح معجزتها في كتابة تأريخ اليمن الجديد. وستستمر في إنجاز ملحمتها بقتل قاتليها والفتك بمن فتك بها.

صعدة جروحٌ غائرة… وأرواح ثائرة وينابيع من الدم وفصول من الوجع لن تبقي على شيء كما كان عليه قبل محاولة سحقها بيأس وإنهزامية.

ومن ضعفها واستضعافها سيخلق وجدان جديد لليمنيين. فلا أقوى ولا أنزع إلى الحياة من وجدانٍ يولد من رحم المأساة.

قَدستِ صعدة… قَدست منازلك وأضرحتك ومآذنك وأسواقك ومزارعك وجبالك المستباحة.

تباركت وجوه أطفالك المعفرة بالتراب الخارجة من تحت الأنقاض.

تبارك الدمع المتيبس على خدود النساء… والحزن العظيم في صدور المسنين.

بوركت سواعد أبطالك وهم يذودون الموت والعار عن كل اليمنيين بفداء وعزيمة لا شبيه لها إلا في الأساطير.

فما النفط والسلاح بالقضاء والقدر… قد تقطعون المياه ولكن ليس المطر.

قد تحرقون الفروع والثمر، لكنكم لن تحرقوا جذور الشجر.

قد تقطعون الدواء والوقود… لكنكم لن تفصلوا الحياة عن البشر.

قد تملأون السماء دخاناً وغباراً… لكنكم لن تحجبوا أشعة القمر.

قد تقصفون مقابر الشهداء… لكنكم بفعالكم لن تمحوا الأثر.

قد تقصفون السلاح وتوغلون الجراح… لكنكم لن تُعدِموا الحجر.

بالطائرات تقصفون الحجارة وللحجارة أفئدة، تموت حزناً إذ نموت. حجارتنا أديم أجسادنا، خطى أسلافنا والذين سيولدون. وللحجارة كالفراشات أجنحه. تطير شوقاً إلينا كلما نجونا، وبعد أن أصبح القصف بالفوسفور سنودعها وندفنها بين أضلعنا كي نواجهكم.

صحيح أن صعدة أصبحت هيروشيما على شكل دفعات إبادة جماعية بقنابل عنقودية وفسفورية. لكن صعدة ستنتصر مثلما انتصرت صنعاء وعدن ولحج وتعز وشبوة ومأرب وبقية المحافظات اليمنية.

صعدة لن تموت يا آل سعود… نعم صعدة لن تموت يا خطيئة العصر ومجمع خطايا التأريخ العربي والعالمي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى