أوباما مكروه «إسرائيلياً»!
كتب شلومو شمير من نيويورك في صحيفة «معاريف» العبرية:
الانشغال الاستحواذي لـ«إسرائيليين» في تصنيف رئيس الولايات المتحدة بناء على علاقته بـ«إسرائيل»، وميلهم إلى إعطاء علامات لمن يتولّى أهم وظيفة في العالم، بحسب درجة محبته لـ«إسرائيل»، تشهد أن «إسرائيليين» كثيرين عالقون في مكان ما في سنوات الخمسينات والستينات من القرن الماضي. كانت تلك سنوات كان فيها رؤساء الحكومات ووزراء الدفاع يسافرون إلى واشنطن ويحملون في حقائبهم وثيقة سرية واحدة ووحيدة: قائمة بأنواع الطائرات، أنواع الدبابات والمدفعية. نجاح زيارتهم أو فشلها للبيت الابيض كان يقاس فقط بنوعية الوسائل القتالية التي حصلوا عليها للجيش «الإسرائيلي» وكميتها.
«الإسرائيليون لا يحبون أوباما»، كتب شموئيل روزنر، وهو خبير ومحلل قديم وموثوق في العلاقات الأميركية ـ «الإسرائيلية». في المقال الذي نشره في «معاريف الاسبوع» استند روزنر إلى نتائج استطلاع أجراه شخص أميركي ـ يهودي. وبحسب هذا الاستطلاع قال إن ثلاثة في المئة فقط من «الإسرائيليين» المستطلعة آراؤهم يرون أن أوباما هو الرئيس الافضل بالنسبة إلى «إسرائيل» في السنوات الاربعين الاخيرة. فقط 9 في المئة قالوا إنه مؤيد لـ«إسرائيل»، 63 في المئة قالوا إن أوباما هو الرئيس الاسوأ بالنسبة إلى «إسرائيل» في السنوات الاربعين الاخيرة.
أحقاً هذا؟ إذا كان أمن الدولة مهماً إلى هذا الحد لـ«الإسرائيليين» كما تبين من نتائج الانتخابات الاخيرة، فإنّ أوباما هو الرئيس الافضل الذي كان بالنسبة إلى «إسرائيل»، ليس في السنوات الاربعين الاخيرة، إنما طوال السنوات الـ67 من عمرها.
وزير الخارجية جون كيري، الذي يغذي الفشل المدوي لجهوده السلمية عداوة «الإسرائيليين» لأوباما، أوضح منذ فترة في مقابلة مع القناة العامة في نيويورك أنه في مجال المصالح الامنية «لم تشهد إسرائيل منذ قيامها رئيساً أميركياً أفضل من باراك أوباما»، وأضاف: «أريد التأكيد على هذا». ليس من الضروري تصديق كيري فقط، إنما هناك أشخاص رفيعو المستوى في جهاز الامن «الإسرائيلي» يصادقون على أقواله.
إن عدم الوعي في شكل العلاقات في المجالات الامنية ونوعيتها، التي ـ في سنوات ولاية أوباما ـ تمتعت بمستوى لم يسبق له مثيل، لا يعتبر دلالة على الجهل أو قلة الذكاء. الحديث يدور عن علاقات هيئتها وتشكيلها وطريقة تجسيدها يتم تطبيقها بحرص وعناية وسرية. إضافة إلى ذلك، اقتنع «إسرائيليون» كثيرون بأن وجود الدولة مهدّد. وكمن يعيشون في خوف، فإنهم محتاجون إلى الاحتضان وحسن النوايا من التفهم والاهتمام من جانب زعيم الدولة الصديقة. لكن ما العمل؟ أوباما ليس نموذجاً ودوداً بشكل خاص، وليس ما يسميه «الإسرائيليون» بـ«صاحبك». كما أن هناك رؤساء دول صديقة يشتكون من علاقته الباردة والنابذة.
ما يبدو من علاقة الاغتراب التي يبديها «الإسرائيليون» تجاه أوباما بحسب الاستطلاع المذكور آنفا، أن «الإسرائيليين» يجدون صعوبة في فهم حقيقة أنّ في الساحة الدولية، تُعتَبر «إسرائيل» دولة عظمى إقليمية، لا سيما في المجال العسكري. أهمية «إسرائيل» كعنصر اقليمي، نوعي وحاسم لمصالح الغرب، تعاظمت في الاشهر الاخيرة في أعقاب اضطراب الحروب والنزاعات في الشرق الاوسط.
في واشنطن، في الامم المتحدة في نيويورك، وفي مركز الاتحاد الأوروبي في بروكسل، لا يفهمون ولا يستوعبون الحديث عن «إسرائيل» كدولة مهددة.
«أنتم لا تفهمون أن المبادرات في مجلس الامن وخطوات الاتحاد الأوروبي بهدف استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين هي نتيجة الاعتراف بإسرائيل والنظر اليها باعتبارها الجانب القوي والآمن والثابت في النزاع»، قال مؤخراً دبلوماسي غربي ضليع وقديم في نيويورك.
أيضاً في دول كثيرة في العالم يسود شعور وتنتشر ردود مناوئة لأميركا. ومع ذلك، فإنّ زعماء الولايات المتحدة ومنهم الرئيس يعتبرون في العالم كمثال للزعامة الافضل.
الاستطلاع الذي أجراه معهد «غالوب» في 136 دولة والذي نشرت نتائجه في نهاية الشهر الماضي، يوضح أن القيادة الأميركية حصلت على نسبة تأييد وتقدير هي الأعلى، 45 في المئة من المستطلعين. مقابل نسب تأييد منخفضة حصل عليها زعماء الاتحاد الأوروبي، ألمانيا والصين. زعماء روسيا حصلوا على نسبة التقدير الأقل . من المثير للاهتمام أنه، خلافاً لـ«إسرائيليين» كثيرين، يعتبر أوباما في نظرهم كعدو، في المعركتين الاخيرتين للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة انتخب أوباما بغالبية ساحقة تبلغ 80 في المئة من اليهود أصحاب حق الاقتراع. ربما ما يراه «الإسرائيليون» في أوباما «من بعيد»، اليهود الأميركيون «من قريب» لا يرونه، وبالعكس.